الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة العراقية وآذار المجيد

راهبة الخميسي

2020 / 3 / 5
ملف 8 آذار/مارس يوم المرأة العالمي 2020 - مكانة ودور المرأة في الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي.


‎رغم كل المعانات والصراعات المتعاقبة التي
‎تعرضت لها المرأة العراقية دهراً طويلاً معتماً، لم ينثن عزمها، ولم يحبط طموحها لاثبات ذاتها وانسانيتها، ولتعزيز هويتها الحقيقية التي تميزها عن كل نساء العالم الثالث.
‎ظل الرفض مستمراً رغم تزايد ما فرض عليها في مجتمع تهالكت فيه دولة وصلت لاطراف حافة الانهيار، بسبب مَن تسلطوا ومسكوا زمام التحكم في مقدرات العراق واوصلوه للحالة المريبة التي هو فيها.

‎لم تعد المرأة العراقية مثلما كانت، خاضعة للانكسارات المتلاحقة التي همشتها واقصتها وحجمت دورها في المجتمع، ووضعتها بين مطرقة صدئة وسندان ناقم، افقرتها واحزنتها جيلاً بعد جيل، فكانت ضحية لممارسات متخلفة مختلفة.
‎خضعت للقمع في بيتها او خارجه، خادمة دون اجر، مربية دون مقابل، زوجة ثانية او ثالثة او رابعة، ثكلى او ارملة، يتيمة دون راعٍ، قاصرة عقل ودين، مكممة الفاه في بلد تتراكم فيه ملفات الفساد والجريمة، ويخاف فيه القضاء من مواجهة الحاكم.
‎طفلة يمارس ضدها العنف والتخويف، او عادات الختان، او التزويج القسري، وبالغة ذبيحة وضحية لغسل العار، وزوجة قاصرة بعمر الطفولة، وشابة تتعرض للتحرش او للاعتداءات الجنسية على يد الفاسقين، او للتصفيات المريعة وكواتم الصوت، وام تمنح ابناءها قرابيناً مجانية للحروب والنزاعات التي زج بها البلد.
‎حملت على كاهلها ثقل الحياة سنوات مظلمة طويلة، وقد سرقت حقوقها، وهي ترضخ تحت سطوة تستلب انسانيتها وتفرض عليها الطاعة العمياء لقرارات التيارات الاصولية، والعشائرية التي تصدرت المشهد خاصة في السنوات الاخيرة.
‎لايمكننا اختزال مظالم المرأة العراقية من خلال استعراض مقتضب، أو تذكير خاطف لما عانته من استلاب حَجَّمَ دورها الانساني المقدس في الشأن الاجتماعي والثقافي.
‎فتاريخ المرأة العراقية يختزن معاناتها ومظلومياتها التي مورست بحقها تحت مسوغات ايديولوجية وبايولوجية او دينية او ثقافية او اخلاقية، والذي اطلقوا عليه البناء الاجتماعي.
‎لقد تراكم الوعي الاجتماعي لدى المرأة العراقية واضيفت له تراكمات معرفية، جعلتها تتمكن من تفعيل دورها، وتعزيز حضورها.
‎فكان الحراك النسوي الملفت في سوح التظاهرات الذي ابهر وفاجأ العالم.
‎خرجت المرأة العراقية لتساهم في ثورة تشرين المجيدة، لتحقيق ماتصبو اليه، فتفجرت طاقات نسوية تاريخية، لتنتقل الى ضفة المطالبات المشروعة ونيل الحقوق، ليس للمرأة فقط، بل للمجتمع بأكمله.
‎وقفت في الصدارة، وقدمت التضحيات، مدركة خطورة الوضع، تتصارع مع معادلة يصطنعها الفاسقون باستغلال المحنة بالابتزاز، بالاعتداءات وبالقتل والخطف والاعتقالات، وشتى اشكال العنف والترهيب.
‎تصدت المرأة بمختلف مستوياتها واختصاصاتها، واعدة وواعية، مسؤولة ومدركة لدورها، تتمتع بحس وبفكر نير، داعمة وراعية، متصدية ومحاربة ضد كل التجاوزات السافرة التي تستهدف تفريق الحراك بشتى اساليب العنف، وانواع السبل والاسلحة من اجل خلق التصعيد الذي تنتهجه طبقة سياسية لا تحترم ارادة الشعب، ولا تخجل من ممارساتها وتقصيرها وعدوانيتها ضد ابناء البلد، دون اي اعتبار لدماء العراقيين.
‎عبرت المرأة العراقية رغم الازمات الثقيلة، السياسية والاقتصادية والصحية والامنية وغيرها، فقدمت واعطت وضحت، وكانت السباقة في المواجهة.
‎ورغم كل الممارسات الوحشية والعنف اللا إنساني، اصرت المرأة العراقية على العبور الى ضفة الامان، والى تحقيق امالها وامال الجميع ضد من استحوذوا على اموال العراق وسرقوا لقمة ابنائه، لتنهي بساعديها متكاتفة مع سواعد ابناء الوطن، مسلسلاً عدوانياً اجرامياً تمارسه عصابة القتل والسرقة والاستلاب.
‎نعم ها هي المرأة العراقية التي دونت بتاريخ العراق قصة نضالية عظيمة، كشف تفاصيلها الحراك الانساني الشريف في ساحات التظاهرات في بغداد وباقي محافظات القطر.
‎تحية للمرأة العراقية وهي تسير بمجتمعها الى الامام، تناهض الظلم والجريمة ومسببات الاخطار والموت المجاني، وتحارب من اجل العمل والتحصيل العلمي، وتشارك في بناء الوطن، وتقطع الطريق على حكومة الاثرياء، عمالقة النفط والاسلحة، وشركات الربح غير المشروع، وفوارس الخيانة والعمالة والكسب الحرام، الذين يسعون لتحطيم العراق، وليجعلوا من ابناء شعبه افراداً اذلاء يقبعون في كهوف الفقر والجهل والمرض.
‎تحية للمرأة الفاعلة وهي تحارب سلطة تحتل الشعب، وتتحكم بحيوات ابنائه وبمستقبلهم، وتسرق حقوقهم وتحرمهم من الرعاية والعيش الامن وتدمر وتبدد ثروات بلدهم.
‎تحية لمن تساهم في ايقاف مسلسل الجريمة، لكي لا يطلق الرصاص، ولا تراق الدماء الطاهرة، ولا يعود الشباب الى بيوتهم مستندين على كراسي الاعاقة، او شهداء تحتضن اجسادهم الاعلام العراقية.
‎تحية آذار للمرأة في عيدها المجيد، ولينحني لها التاريخ...لوقفتها البطولية الشجاعة، لصرختها النضالية، ولدورها النبيل لاجل خلق عراق افضل، بدورها المشرف المتميز، الذي جعل منها ايقونة تقتدي بها كل النساء.
‎راهبة الخميسي
5/3/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكوفية توشح أعناق الطلاب خلال حراكهم ضد الحرب في قطاع غزة


.. النبض المغاربي: لماذا تتكرر في إسبانيا الإنذارات بشأن المنتج




.. على خلفية تعيينات الجيش.. بن غفير يدعو إلى إقالة غالانت | #م


.. ما هي سرايا الأشتر المدرجة على لوائح الإرهاب؟




.. القسام: مقاتلونا يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في طولكرم بالضف