الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حجم ومضمون القصيدة -نجم شحيح الضوء- كميل أبو حنيش

رائد الحواري

2020 / 3 / 6
أوراق كتبت في وعن السجن


حجم ومضمون القصيدة
"نجم شحيح الضوء"
كميل أبو حنيش
هناك علاقة وطيدة بين الفكرة وحجم القصيدة، أحيانا نجد الشاعر يتماهى مع الفكرة، مع اللغة، مع النص، فيسهب في نصه، في النص، وأحيانا نجده يكتب فكرة مزعجة/مؤلمة فيستخدم كلمات قليلة، مختزلة يعبر بها عما يحمله من ألم، وكأنه بقلة الكلمات يشير إلى امتعاضه وعدم انسجامه مع الواقع/ من يتابع ا ينشر الشاعر "كميل أبو حنيش" يجد أن قصائده موسعة، حتى تلك التي تتحدث عن الألم وواقع السجن وقسوة الجلاد، لكنه في هذه لقصيدة يقدم حجم جديد، حجم (متواضع) ـ إذا ما قورن بحجم القصائد السابقة، وهذا ما يستدعي التوقف عنده.
العنوان "نجم شحيح الضوء" يأخذنا إلى نجم/الأمل/الجميل/البوصلة/ لكنه شحيح/قليل/خافت الضوء، وهذا له علاقة بحجم القصيدة، فالقصيدة هي النجم الخافت/الشحيح/القليل الضوء، فالشاعر من خيال العنوان قدم لنا اشارة بأن هناك (شح في الضوء/ شح في القصيدة ـ حجم القصيدة، كلمات القصيدة، ابيات القصيدة ـ.
يفتتح الشاعر القصيدة المكونة من خمس مقاطع:
"أدنو وانأى عن تضاريسِي القريبةِ والبعيدةِ
كيف لي دربٌ أسيرُ عليهِ
في هذا الزمانِ الرخوِ
تغويني الدروبُ الأُخرياتُ فلا أُبالي
أنزوي خلفي
وأبحثُ فيِّ عن دربٍ قليلِ الخطوِ
عن جهةٍ تحُاصرُني وتملأنُي
إذا صارت جهاتي الستْ
يملؤها الخُواء"
يبدو أن الشاعر محتار، مضطرب، تائه، بصرف النظر عن المعنى/الفكرة نجد الألفاظ المجردة، تشير إلى هذا الاضطراب والتيه والعبث: "أدنو وانأى، القريبة والبعيدة، كيف اسير والدرب الرخو، تغويني ولا أبالي، أنزوي وأبحث، تحاصرني وتملأني" كل هذه الكلمات تشير إلى حالة الاضطراب، فهو (تائه) لا يستطيع تحديد الجهة/المكان الذي يجب أن يتجه/يذهب إليه، لهذا نجده يعبر عن هذا الاضطراب (عدم قدرته على تحيد المسار) من خلال التناقضات، القريب والبعيد، وللافت أن حالة التيه تتفاقم، فأصبحت الجهات الأربع عنده "إذا صارت جهاتي الستْ" فمين أين أتت هذه الاضافة؟، واللافت أن الجهات الست، ولست الاربع يملؤها الخواء، وهذه اضافة تضاف إلى حيرته واضطرابه وتردده.
وإذا ما توقفنا عند كلمات: "انأى، الرخو، فلا ابالي، انزوي، تحاصرني، الخواء" نتأكد أن هناك حالة من (السيزيفية) يمر بها الشاعر.
"أرنو وأُغمض مقلتي فلا أرى بحراً أمامي
كي أشُقَّ مياهَهُ بعصا هيامي
أرتقي هذا الصعودَ
أنامُ مُكتظاً بحلمٍ ظل يغشاني طويلاً
ثم أغرقُ مُشرِعاً أملي
لعلي أقتفي أثراً النسورِ الطائراتِ بحبلها نحو السماء"
في هذا المقطع نجد الاضطراب لم يأتي واضحا كما هو الحال في فاتحة القصيدة، بل نجده في (تشتت) الألفاظ والكلمات، "أرنو وأغمض، ، أنام مكتظا بحلم" فهنا نجد الفعل ونقيضه، ونجد التباعد بي لفظ "بحرا وأغرق"، (ستة عشر كلمة)، وبين "وأغمض وأنام" (أثنى عشر كلمة) وبين "الصعود والنسور" (ثلاثة عشر كلمة)، وبين "أرى وأقتفي" (واحد عشرون كلمة)، كل ذا يشير ويؤكد حالة الاضطراب والتيه الذي يمر بها الشاعر.
"أسمو وأهبط في كِياني
ليس لي أُفقٌ أطيرُ إليه
كي أمضي عن الإسمنتِ والأبواب
من حولي فأغفو ثُمَّ أحلمُ
أن هويتي تغولُ لِقِّمةٍ منثورةٍ بالياسمينِ
فلا أعودُ لصخرتي في الهاوياتِ
ولا أكِرُ إلى الهبوطِ أو الصعودِ
وينتهي عهدُ الشقاء"
في هذا المقطع نجد استخدام عالي للحروف واسماء الاشارة: "في، لي، عن، من، ثم، إليه، أن، كي، فلا، ولا، إلى، أو" وهذا يحمل بين ثنياه (تعب) الشاعر فيتكلم بأقل عدد ممكن من الحروف، ليعبر عما هو فيه من (ألم ووجع)، كما أنه يؤكد على حالة الافعال المتناقضة: "أسمو أهبط، الهبوط والصعود" وهنا يمكننا أن نجيب على السؤال من أين جاءت الجهات الست، فالأعلى والأسفل، الهبوط والصعود، هما جهتين تضف إلى الجهات الأربعة، وهما يتمثلان مع حالة سيزيف الصعود الهبوط.
ونجد (العبث) من خلال لعقل الباطن للشاعر الذي استخدم تعبير "فلا اعود لصخرتي" فهو هنا يتحدث عن سيزيف حامل الصخرة، وهذا تأكيد آخر على حالة الاضطراب وعدم اليقين عند الشاعر.
"أطفو وأرسو في مياهي
ليس لي أرضٌ تُسَّمِرُني
فأرنو للسماءِ
فينجلي نجمٌ شحيحُ الضوءِ في أُفقي المحاصَّرِ
يستثيرُ عزيمتي ويحُثُني
كي أستقيمَ مواصلاً
درب السباحة للأمام وللوراء "
نجد التأكيد على الحالة (السيزيفية) من خلال "أطفو وأرسو، للأمام وللوراء" لكن هناك بزوغ (لإرادة/لعزيمة) جديدة، نجدها في (كثر استخدام للألفاظ البيضاء: "أرسو، فأرنو، أرض، سماء، فينجلي، نجم، الضوء، أفقي، يستنير، عزيمتي، يحثني، استقيم، للأمام" لكنها لم تكتمل بعد، وما زالت في طور النمو والتطور، وهذا الأمل/الأفق تضعيف:" فينجلي نجمٌ شحيحُ الضوءِ في أُفقي المحاصَّرِ".
"أغفو وأصحو
باحثاً عن سلمٍ للإرتقاءِ لعالمي
والإنعتاقُ من الدوائرِ والدهاليز
التي تُرخي سدولِ ظلامِها
في مُقلَتيَّ
وأحتفي متلمساً
أثرَّ الدروبِ المُفضياتِ إلى البهاء"
خاتمة تقدم (القليل) من الأمل، وهذا ينسجم مع (قلة عدد الكلمات) في القصيدة، وإذا ما توقفنا عند هذا المقطع نجده منقسم بين السواد الذي جاء في البداية: "سدول ظلامها" والبياض الذي ختم به: "وأحتفي أثر الدروب" واعتقد أن استخدام الألفاظ البياض: "أصحو، للارتقاء، والانعتاق، ترخي، مقلتي، وأحتفي، المُفضيات، البهاء" تحمل بين ثناياها الأمل والفرح، رغم
(سيزيفية) القصيدة.
القصيدة منشورة على صفحة شقيق الأسير كمال أبو حنيش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما مدى خشية تل أبيب من إصدار المحكمة قرار باعتقال نتنياهو وغ


.. الجزء الثاني - أخبار الصباح | الأمم المتحدة تعلق مساعداتها إ




.. أطفال فلسطينيون يطلقون صرخات جوع في ظل اشتداد المجاعة شمال ق


.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا




.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ