الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواسم اللحوم والامتحانات

ياسر العدل

2006 / 6 / 7
الصحافة والاعلام


برغم هجوم أمراض أنفلونزا الطيور والحمى القلاعية وارتفاع الأسعار، أمراض تصيب وتقتل وتعدى البشر، إلا أن دخول مواسم الامتحانات فى مصر ترفع قدرات بعضهم فى التعايش مع هذه الأمراض، يصرون فى مواسم الامتحانات على تناول لحوم البط والحمام والدجاج والأبقار والجاموس والأغنام والجمال، ليس مهما أن يكون طازجا أو مبردا المهم أن يكون محشيا محمرا ولا مانع من حبس الطعام فى قرار المعدة بكئوس من شاى ثقيل وعناب وكركديه، هذا البعض الجميل هم كثير من أهل الامتحانات فى مصر0
فى مثل هذا الوقت كل عام، يباغت الطلبة وأولياء الأمور والوزارات المعنية وقائع الامتحانات، الثانوية العامة خصوصا، هذه المباغتة تعودنا عليها ذلك بأن مشاكل الامتحانات فى الأعوام السابقة تبقى دون حلول لنواجهها كل عام، وكأن الأمر أصبح اعتيادا من الجميع على الأسى، نشغل أنفسنا بالمشاكل فى مواسم الكلام وآهات الحسرة، نتركها دون حلول وننشر وقائعها فى المقاهى والجلسات الخاصة وعلى صفحات الجرائد.
أبرز مشاكل التطور العلمى والثقافى فى بلادنا، انتشار لجان الغش الجماعى فى كثير من المناطق النائية والبعيدة عن يد الرقابة الحكومية والشعبية.
هنا دون أن أتعرض بالقول لوقائع غش جماعى فى أكثر من منطقة، وتتعرض أقوالى لردود محفوظة ومعدة مسبقا يصرح بها بعض المسئولين، بأن كل الأمور تمام التمام، وما يكتب فى الصحف عن الفساد مجرد حالات استثنائية لا يعول عليها، وبان الفساد أمر وارد فى كل دول العالم، والقصور فى امتحاناتنا أمر ضعيف لا يذكر وتتم مواجهته بكل همة ونشاط فى الضبط والربط، بدون كل تلك الردود الجاهزة، هيا بنا أيها القارئ الكريم نقترب مما يدور فى الأماكن النائية، فى القرى البعيدة والمدن الصغيرة، وخصوصا ما يجرى فى الواحات.
وفى الواحات يكثر حديث أهلها عن صلاحية مناطقهم لأن يأتى إليها أثرياء وكبار موظفين يدفعون بميراثهم من الأموال والسلطة ويرسلوا أولادهم الضعاف علميا إلى مدارس الواحات كى يحصلوا على درجات مرتفعة فى الثانوية العامة، هكذا يتمكن هؤلاء الأولاد من دخول كليات القمة فى الجامعات المصرية، وتضاف شهاداتهم المضروبة رشوة وفسادا، إلى شهادات العلم المحسوبة فى إدارات القوى العاملة فى أرض مصر.
أصحاب الثراء من أولياء الأمور، ممن يملكون كثيرا من المال والسلطة ولا يملكون نفس الثراء فى القيم الأخلاقية اللازمة لتربية وتعليم أولادهم، يعلمون أن عملية نجاح أولادهم فى الامتحانات هى أكثر بساطة وأقل تكلفة، يمكنهم أن يقدموا أوراق أولادهم إلى المدارس الثانوية فى المناطق النائية، بعض الأوراق مشفوعة بموافقات إدارية مضروبة بأن أولياء الأمور يقيمون أو يعملون فى تلك المناطق، وفى وقت الامتحانات يقوم أهل هذه المناطق ببقية العمل، يتعاطفون كرما وشهامة مع كل الطلاب المنتمين لمدارسهم، سواء من أبناء المنطقة أو الوافدين، يستضيفون مراقبى لجان الامتحانات بطرق ترغيب من مآدب لحم طيور وهبر اللحوم، ويناوشونهم بطرق ترهيب تعطل سبل تواجدهم فى اللجان، كل ذلك مقابل أن يقوم المدرسون المتخصصون من المراقبين بحل أسئلة الامتحان حلا جماعيا للطلاب، وإذا افتقدت لجان المراقبة لأساتذة متخصصين، فان المراقبين يسمحون للطلاب بفتح الكتب الدراسية داخل اللجان، وأحيانا تحيط مكبرات الصوت باللجان ينطلق منها إملاء الغش الجماعى للطلاب.
تعاطف بعض الناس مع غش الطلاب ليس موقفا اجتماعيا قاصرا على أهل المناطق النائية البعيدة عن الرقابة، بل يتبناه بعض المسئولين عن التعليم، حين يؤيدون على المستوى القانونى فكرة استثناء طلاب هذه المناطق من استيفاء بعض الشروط اللازمة لدخول كليات الجامعة، وعلى وجه الخصوص كليات التربية، وحجتهم فى ذلك أن لتلك المناطق ظروفا اقتصادية واجتماعية وجغرافية خاصة، وهكذا يشترك كثير من أصحاب ضمائر ملتوية فى صناعة خريجين من نوع ما، خريجون يستطيعون الحياة فى مناطقهم بظروفها المتخلفة حضاريا دون أن نسعى لتطويرها، هكذا تعود كرة التخلف الحضارى من جديد ويعانى مجتمعنا مزيدا من الغش الجماعى.
امتحانات الثانوية العامة بدأت، فهل هناك استعدادات إدارية وأمنية وحضارية لتجفيف بعض مصادر الفساد والغش فى بلادنا؟ أم سنكتفى بان تكون تصريحات المسئولين مناسبة إعلاميا لتخدير وعى من يهمهم أمر التحضر فى بلادنا؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية بفرنسا.. ما مصير التحالف الرئاسي؟


.. بسبب عنف العصابات في بلادهم.. الهايتيون في ميامي الأمريكية ف




.. إدمان المخدرات.. لماذا تنتشر هذه الظاهرة بين الشباب، وكيف ال


.. أسباب غير متوقعة لفقدان الذاكرة والخرف والشيخوخة| #برنامج_ال




.. لإنقاذه من -الورطة-.. أسرة بايدن تحمل مستشاري الرئيس مسؤولية