الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ال8ثامن من أذار العيد الأممي للمرأة / الجزء الثاني .

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2020 / 3 / 7
ملف 8 آذار/مارس يوم المرأة العالمي 2020 - مكانة ودور المرأة في الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي.


ال8ثامن من أذار العيد الأممي للمرأة .
الجزء الثاني .
نتناول في هذا الجزء المرأة العراقية ودورها ومكانتها بعد قيام الدولة العراقية عام 1921م وقيام أسس هذه الدولة ، برؤية وبقرار بريطاني كونه دولة احتلال جاء على أنقاض الدولة العثمانية التي انتهت ككيان عام 1924م ، بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى أماد الحلفاء ( 1914 م -- 1917 م ) وتنصيب ملك على العراق تم استقدامه من الحجاز وهو الملك فيصل الأول ، والد الملك غازي الذي خلف والده عام 1933م حتى عام 1939 م حين توفي بحادث ، وخلفه ابنه فيصل الثاني الذي قتل صبيحة 14 تموز 1948 م وبقيت أفراد العائلة المالكة .
تقاس درجات التنمية الإنسانية في أي مجتمع من المجتمعات بمدى مشاركة المرأة ولقد عانت المرأة العراقية حالها حال العديد من بلدان العالم الثالث ، في الحياة الاجتماعية والسياسية ، والتي عاشت أزمة حقيقية ، من خلال إقصاء المرأة وتهميشها في الحياة السياسية .
بدأت المرأة العراقية الخروج إلى الحياة العامة منذ نهاية القرن التاسع عشر حيث شهد العراق في 1890 م تم افتتاح أول مدرسة للبنات في بغداد والذي هو إيذان بتمكين المرأة من الحصول على التعليم .
صدرت سنة 1923 أول مجلة نسائية باسم (ليلى) تحت شعار (في سبيل نهضة المرأة العراقية) وكانت الأديبة (يولنيا حسون) رئيسة تحريرها ، وهي مجلة ذات طابع تربوي .
مع بداية تشكيل الأحزاب الوطنية العراقية ذات البرامج التقدمية والوطنية ، تبنت هذه الأحزاب قضايا المرأة ، واعتبرتها من قضاياها الأساسية ، وكذا الأمر شجع بعض النساء للانتماء إلى بعض من هذه الأحزاب ، منها الحزب الشيوعي العراقي (المحظور آنذاك) في خلاياه نساء من مختلف الأعمار والدرجات الوظيفية والمستويات الثقافية والاجتماعية .
هذه النسوة حضرن الاجتماعات السرية ، وكن يؤدين الواجبات الحزبية ويشتركن في التظاهرات والاعتصامات ، وتعرض بعضهن للاعتقال والملاحقة لمنعهن من المعترك السياسي .
ولكن هذه الإجراءات القمعية لم تمنع البعض من الناشطات ، من التحدي والدخول لمعترك العمل السياسي ، فلعبت كل من (الدكتورة نزيهة الدليمي وألنا يوسف وسعيدة مشعل ، عميدة مصري و زكية خليفة وسعاد خيري وأختاها حبيبة وكلنير) والعديدة من العضوات الأخريات المناضلات الشجاعات .
ولابد لنا أن نذكر السيدة (أمنية الرحال) أول امرأة استطاعت الوصول إلى مركز عضو في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ، وعدت السيدة الوحيدة تصل الى قيادة الحزب في الأربعينات من القرن الماضي وهذا دليل على تنامي الوعي الفكري والسياسي وتحدي لتقاليد المجتمع وثقافته الذكورية .
وكذلك تقدمت مجموعة من النساء المناضلات ، بطلب رخصة لتأليف اللجنة النسوية لمكافحة الفاشية عام 1944 م ، وتم كذلك قبولهن عضوا في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي عام 1945 م ، وشاركن في المؤتمر النسائي العالمي الذي عقد في كوبنهاكن .
تطور الوعي لدى المرأة العراقية ، وتطورت أنشطتها السياسية والاجتماعية والفكرية ، وقامت بالمطالبة بحقوقها المسلوبة وبالحريات والديمقراطية ، وهذا ما كان له أن يحصل لولا ، التطور الملحوظ للحركة الوطنية العراقية بعد الانتصار على الفاشية عام 1945 م والذي انعكس إيجابا على حياة المرأة وتطور وعيها وثقافتها .
شاركت المرأة العراقية كما أسلفنا ، بشكل واضح في المعارك الوطنية والطبقية ، ووقفن بثبات مع قضايا الشعب ومع السجناء السياسيين والدفاع عنهم ، وضد معاهدة بورتسموث عام 1948م الجائرة .
ونذكر هنا على سبيل المثال ( عدوية الفلكي ) وهي تتقدم المظاهرات في (وثبة كانون) وضد معاهدة بورتسموث ، وأثناء الانتكاسة التي حصلت بعد الوثبة وإعدام قادة حزبنا الشيوعي العراقي [ يوسف سلمان يوسف فهد ، وحسين محمد الشبيبي وزكي محمد بسيم في 14 و15 شباط 1949 م ] وما أعقبه من قمع واعتقال ونفي للوطنيين والشيوعيين ، من قبل السلطة الرجعية والاستعمارية الحاكمة ، وإعلان الأحكام العرفية ، فتعرضت النساء للاعتقال والتعذيب وللإحكام الثقيلة بشكل خاص والشيوعيين والوطنيين بشكل عام .
في عام 1952م وردا على القمع والاضطهاد ، بدرت مجموعة من المناضلات الى تأسست أول منظمة نسوية في العراق ، رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية ، وافتتحت لها فروع في محافظة أربيل والسليمانية ، فوجدت المرأة الكردية في الرابطة طريقا لتحقيق مطالبها وحقوقها المشروعة .
مع قيام ثورة تموز 1958 م وقيام النظام الجمهوري الذي شهد تغير كبير في حياة المرأة والدور السياسي والاجتماعي الذي اضطلعت به ، خاصة بعد صدور الدستور المؤقت ، الذي أنصف المرأة العراقية ، فقد نص على أن ( المواطنين العراقيين متساوون بموجب القانون ومنحهم الحقوق كاملة ) .
كما أُقرت للمرأة حق المساهمة في الحياة السياسية وتمتعها بالحرية النسبية ، والذي أنصف المرأة بشكل كبير ، حين ساواها بأخيها الرجل ، بغض النظر عن العرق والمذهب والطائفة والدين أو اللغة ، وأنصفها في صنع القرار السياسي ، من خلال إسناد أول منصب وزاري تشغله المرأة العراقية ، ربما لأول مرة يحدث في العالم العربي ، وكانت السيدة الراحلة المناضلة الشيوعية د. نزيهة الدليمي رئيسة رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية ، أول وزيرة عراقية وعربية ، فشغلت وزارة البلديات .
وقد تحقق للمرأة الكثير من المكاسب منها قانون الأحوال الشخصية ، وأصبح التعليم في العراق إلزاميا للبنين والبنات حتى عمر الثانية عشر وصدر قانون الحملة الوطنية الشاملة لمحو الأمية .
وتطورت المرأة بشكل كبير وتحسن وضعها القانوني والاجتماعي والسياسي والفكري ، وشغلت مواقع مختلفة في الدولة والمجتمع خلال عقود الأربعينات والخمسينات والستينات والسبعينات ، ويمكننا القول بأن هذه العقود كانت العصر الذهبي للمرأة وللمجتمع العراقي على حد سواء ,
في عقد الثمانينات والحرب العراقية الإيرانية ، تحملت المرأة العراقية الوزر الأكبر لرعاية العائلة والأطفال والدخول الى ساحات العمل ، نتيجة غياب الرجل والتحاقهم بجبهات القتال .
وهذه الفترة بدئا من عام 1980م وحتى اليوم ونحن في 2020 م بالتراجع كمنظومة دولة ومجتمع ، وينسحب ذلك في كل مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكذلك في المنظومة القيمية والأخلاقية وخلق فجوات عميقة في المكونات العرقية والدينية وحتى المناطق والبلدات وسكانها ، والتراجع ما زال مستمر وبشكل مخيف وينذر بعواقب وخيمة إن لم نتمكن من إيقاف هذا التدهور والتراجع المدمر ، والسبب يعود الى النظام السياسي وغياب رجالات الدولة وغياب الدولة كذلك .
جابهت المرأة العراقية فترات عصيبة وما زالت ، الحصار كان مهلكا ومدمرا ، هذا الحصار الظالم والمدمر للعراق وشعبه ، الذي لم يشهد العالم له مثيلا ، وترك تأثيره العميق وانعكس على حياة الناس بشكل مخيف ، وعلى حقوق الإنسان في العراق بشكل عام وعلى المرأة بشكل خاص .
أبرز ما كانت تعانيه المرأة هي البطالة ، وخاصة عقد التسعينات من القرن العشرين ، دفع شعبنا ثمنا باهضا ، وكان أكبر المتضررين هي المرأة ، فتحملت الظلم والجوع والبؤس والشقاء والحرمان وفقدان الزوج والأب والأخ والمعيل ، ناهيك عن الاضطراب الاجتماعي والسياسي والأخلاقي والنفسي وغياب العدل والقانون والأمن ، نتيجة ما كان يمارسه النظام الدكتاتوري القمعي والارهابي بحق العراقيين والعراقيات والشعور بعدم الاطمئنان والخوف من المجهول .
هذا الحصار الذي دام ثلاث عشرة سنة عجاف ، أكل الأخضر واليابس وأصاب المجتمع والمرأة بالصميم ، ولن ينسى شعبنا تلك السنوات ، وما يعانيه لليوم من أمراض وكوارث مضاف ، الى ما خلفته الحربين المدمرتين ( حرب الكويت وقبلها الحرب العراقية الإيرانية التان حصدتا مئات الألاف من القتلى وضعف ذلك العدد من الجرحى والمعوقين والمشردين ) نتيجة طيش وحماقة ونهج النظام المقبور ، نظام صدام حسين وحزبه الإرهابي القمعي .
نهاية الجزء الثاني .
صادق محمد عبدالكريم الدبش
7/3/2020 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الشرق الأوسط لدفع مساعي الهدنة وإسرائيل تواصل عملي


.. إيران تعلن القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية الم




.. واشنطن والرياض.. معاهدة أمنية والعين على التطبيع | #ملف_اليو


.. الحكومة الإسرائيلية تضطر لدفع فوائد أعلى على أدوات الديون بس




.. صور أقمار صناعية.. اتساع مساحة الدمار وتوغل آليات الاحتلال ف