الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جور المثقف في دولة الإستبداد

عيسى مسعود بغني
(Issa Baghni)

2020 / 3 / 8
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


يعيش المثقف تحث براتن الإستبداد في الكثير من الدول العربية، وتبعا لمعدنه، يتماهى البعض مع الوضع لأجل حصد المكاسب والمغانم أو ينكفي على نفسه وينعزل مخافة الإضطهاد، وفي الكثير من الاحيان تفرض عليه بيئة إجتماعية تحول دون إنتقاله إلى أرض الله الواسعة للتعبير عن رأيه المخالف. الأكثر خطراً من هولاء المنافقين؛ مطبلوا الإستبداد الذين يركبون أمواج المستبدين لتلميع صورهم والدفاع عن غيهم وظلمهم وتبرير تصرفاتهم، فيصبحون جراثيم تنخر في عظام الأمة،هؤلاء المنافقين قال عنهم مصطفى الرافعي " إن شر النفاق ما داخلته أسباب الفضيلة، وشر المنافقين قومٌ لم يستطيعوا أن يكونوا فضلاء بالحق؛ فصاروا فضلاء بشئ جعلوه يشبه الحق" ما ينتج عن ذلك أدهى وأمر وهو إعواججاً في قيم المجتمع بل خروجا عن القيم الإنسانية والمدنية في الكثير من الاحيان، والتي يعبر عنها الدكتور نجيب الحصادي ب"وهن الروح المهنية".
على مدى ستون عاما أبتليت دول الشرق الأوسط والمغرب الكبير بحكومات العسكر التي كتبت دساتير غير معلنة مثل الميثاق الوطني في مصر والكتاب الأخضر في ليبيا ووظفت لها مثقفون يسبحون بحمدها وينشرون تعاليمها السمجة. إنتهى القذافي وعبدالناصر وصالح وصدام وبوتفليقة وعرف الجميع أن المطبلين مثل هيكل والصحاف وعثمان سعدي ومحمد الفيتوري وعمر الحامدي ومحمد حسن ليس لهم مكان في تاريخ المجتمع، بعد يقظة الشعوب وثورتها على جلاديها.
ولكن ما يثير السخف عودة الطبالون مع عودة مشاريع العسكر وتماهي طبقات من الشعب معهم، ففي مصر برر الإعلام والقضاء تغيير القوانين ومواد الدستور لأجل إستمرار حكم العسكر، وفي ليبيا سعت الدول الداعمة لحفتر إلى ضم رموز العهد السابق لخلق جوقة التطبيل، بل إستثمرت الملايين لفتح منابر إعلامية لهم.
للاسف أن الوعي الجمعي الليبي رغم الهزة الكبيرة في سنة 2011م لم تستطيع مدن ومناطق الخروج من ثقافة التطبيل وهي جزء من مهالك كثيرة أكتسبها الشعب خلال سنوات التكيف مع الظلمة مثل التأفف من العمل ونبذ التراتبية والنظام، ونهب المال العام وتوظيفه للقبيلة أو الجهة، وعدم قبول الإختلاف، وهذا كله يترجم سياسيا في شعارات لتركيع والنيل من الآخر.
في الحالة الليبية يتم تجنيد أشباه المثقفين للتدجيل، من خلال ترديد كلمات محددة، مثل مكافحة الإرهاب، والقضاء على المليشيات والمرتزقة ومجابهة الإستعمار التركي، وتنسج القصص والأخبار لصناعة رأي عام إنتطى على قسم كبير من العوام. فنجد من يتحدث عن نقص البنزين ويعزي ذلك إلى المرتزقة ومن يناقش الهوية يضيف إليها المليشيات، ومن يستعرض أمراض النخيل في هون قد لا يستنكف أن يعزي سببها إلى الإستعمار التركي، وبالمثل دمج مؤسسات الدولة وتكوين حكومة واحدة يحول دونها تفشئ الإرهاب.
هذا يذكرني (بالفقي علي) رحمه الله رحمة واسعة، قال في معرض حديثه عن طب الأعشاب وممارستة للتجارة، أنه في إحدى السنوات إشترى كيسا من ورق الحناء ووضعه في دكانه، ولكن ليس عليه طلبُ كبير، ففكرت أن أتخلص منه بطريقة مناسبة، حيث أقوم بإيضاح المرض وتحديد دواءه المناسب للمريضة ثم أقول: يفضل أن تكوني مخضبة بالحناء من النوع الورقي النظيف خلال العلاج، وبذلك ربحت النساء الشفاء من المرض والإهتمام بالمظهر وتخلصت من شوال الحناء.
ولكن في حالة المطبلون خسر المجتمع كثيراً من تدجيلهم وتزويرهم وقلة حيائهم والمتاجرة بعقول سامعيهم من جمهور المتابعين من العوام، واطالوا من عمر الظلمة مقابل حفنة من الدولارات أو الظهور الإعلامي المزيف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا