الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع على سلطة الحكم الذاتي؟!

سامي حسن

2006 / 6 / 7
القضية الفلسطينية


عندما وافقت منظمة التحرير الفلسطينية على تسوية الصراع مع إسرائيل بصيغة اتفاقية أوسلو، كان واضحاً أن الدافع وراء ذلك هو تغير في رؤية الطرف الفلسطيني الأوسلوي للصراع مع المشروع الصهيوني أي أنه كان يعني تكيف فريق أوسلو مع تسوية استراتيجية للصراع ينتج عنها دولة فلسطينية مستقلة في الأراضي المحتلة عام 1967، وبدأ هذا الفريق يتعامل مع كل خطوة ينجزها على الأرض وكأنها أحد مكونات هذه الدولة أي أصبحت مهمة الأوسلويون إقامة البنية التحتية للدولة الفلسطينية القادمة؟!
وقد تكفلت الجهات الراعية لهذا الاتفاق( أمريكا، أوروبا،...) بتقديم الأموال اللازمة وضمناً رواتب موظفي السلطة وأجهزتها (يصل عدد موظفي السلطة اليوم حوالي 160 ألف). فتأمل هذه الدولة العتيدة- دولة التسول- التي تعتاش على المساعدات الخارجية؟! وما رأيك بأن دول حليفة لاسرائيل هي من تقدم هذه المساعدات؟! بل إن جزءاً مهما من موارد السلطة تتحكم به إسرائيل نفسها، حيث تحول شهرياً حوالي 55 مليون دولار من أموال الضرائب والرسوم الجمركية كمستحقات للسلطة؟؟!! إن مجرد التلويح بقطع أو تجميد الأموال والمساعدات للسلطة كان كفيلاً بدفعها إلى تقديم التنازل تلو الآخر والرضوخ لشروط وإملاءات الدول المانحة وإسرائيل، ولعل هذا ما يفسر العديد من المواقف السلبية التي مارستها السلطة، تنازلات هنا وهناك، استعداد للتفاوض والالتفاف على حقوق أساسية وثوابت كحق العودة، اعتقالات للمقاومين، صفقة كنيسة المهد وأحمد سعدات ورفاقه و......
إذن فمقومات الدولة المستقلة ذات السيادة لم تتحقق على مدى عمر اتفاقيات أوسلو ولم تكن الحكومة والوزارات والألقاب والمؤسسات المختلفة والمطار والميناء واستعراض حرس الشرف إلا زينة لدمية فارغة تسمى دولة!! ولم تكن السلطة القائمة إلا سلطة حكم ذاتي بل أقل من ذلك؟!
وإذا كان مفهوماً تساوق فريق اوسلو مع هذه الدمية والسلطة بدافع من انسجامهم مع أنفسهم ومع مشروعهم وبدافع المصالح والامتيازات التي تحققت لرموز هذا الفريق، فإن تساوق حركة حماس مع ذلك يطرح مجموعة من الأسئلة حول الأسباب الحقيقية لرفض حماس اتفاقيات أوسلو ودوافع الانتقادات التي كانت توجهها للسلطة السابقة وسياساتها وبرنامجها وأدائها؟!. فهل نجافي الحقيقة إذا وجدنا الاجابة على الأسئلة السابقة في حقل الصراع على السلطة؟! لقد جاء برنامج الحكومة التي شكلتها حماس ليدعم ما نقول، حيث اقرت البرنامج المرحلي ( برنامج منظمة التحرير) وأعلنت أنها ستتعامل مع الاتفاقيات الموقعة، ولم تتطرق بشكل حقيقي لموضوع اللاجئين وتحدثت عن المقاومة نظرياً وتوقفت (حماس) عن ممارستها عملياً بالرغم من استمرار إسرائيل في احتلالها للضفة والقدس وحتى للقطاع، واستمرار سياساتها العدوانية بحق الفلسطينيين من قتل وتدمير واعتقال ومصادرة أراضي و... ؟! وبحديثها عن العمق العربي والعلاقة مع الدول العربية وضعت في سلة واحدة الشعوب العربية مع أنظمتها المستبدة أو المتحالفة مع أمريكا والراضخة لها، ولم تحدد موقفاً من تلك التي تقيم علاقات مع اسرائيل(مصر، الأردن،...).
والغريب أن حماس بعد فوزها بالانتخابات وتشكيلها للحكومة، صارت تتعامل وكأنها تحكم دولة مستقلة ذات سيادة في الضفة والقطاع متناسية أن الاحتلال الصهيوني قد حولها إلى كانتونات ومعازل خاضعة لسيطرته يدخلها ويعبث بها ويخرج منها متى شاء، وهي بذلك تتقمص وجهة نظر وممارسات السلطة السابقة؟! بل إنها تتحدث بأسى ولوم عن الحصار الذي تتعرض له الحكومة من قبل الأمريكان والأوربيين وتتهم جهات فلسطينية وعربية بأنها تقف وراء حجب المساعدات متناسية حقيقة الموقف الرسمي الأوروبي والأمريكي، ومقولاتها حول هذا الدور الذي طالما تهجمت عليه قبل استلامها للسلطة؟! إن السؤال الذي يجب أن تطرحه حماس على نفسها هو ما الذي يجبر أوروبا وأمريكا على تقديم الدعم المالي؟ فالمنطقي أن تسعى أمريكا وأوروبا وإسرائيل إلى إفشال حماس بكل الوسائل لأن برنامجها وأهدافها تتعارض معهم، أما تصرفهم بعكس ذلك فهو يثير الدهشة والريبة؟! وإذا كانت الأزمة المالية التي يعيشها مئات الآلاف من الموظفين وأسرهم (يشكلون 25% من سكان الضفة والقطاع) تتطلب حلاً واقعياً إسعافيا وعاجلاً، فإن المهمة العاجلة أيضاً التي يطرحها الواقع الفلسطيني اليوم بل الآن هي التخلص من اتفاقيات أوسلو ومخلفاتها والنتائج التي أدت إليها، وإبداع حلول وطنية للمشاكل الحياتية التي يعاني منها الفلسطينيون تحت الاحتلال- تختلف عن تلك التي حولت الفلسطينيين بشكل لم يعتادوه إلى سلع للمزايدة والبازارات هنا وهناك، مع كامل تقديرنا واحترامنا للمبادرات الطوعية الداعمة للفلسطينيين التي عودتنا عليها الشعوب العربية تاريخياً - وهي مهمة ليست مستحيلة على شعبنا الذي تؤكد تجربته الممتدة منذ الاحتلال عام 1967 وحتى أوسلو على نجاحه في حلها ذاتياً وتوفير كل مقومات صموده ومقاومته.
إن تجاوز الصراع على سلطة الحكم الذاتي بين فتح وحماس والخروج من الأزمات التي تعاني منها الساحة الفلسطينية والارتقاء إلى مستوى طموحات وأهداف الشعب الفلسطيني والوفاء لتضحياته يتطلب اليوم وقفة نقدية جريئة مع الذات بعيدة عن المصالح الشخصية والفئوية، والكف عن بيع الأوهام للشعب الفلسطيني، ومنها إمكانية خيار الدولتين.
إن المطلوب اليوم وأكثر من أي وقت مضى هو إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني المتكامل الذي يوحد الشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين على هدف مشترك هو هزيمة المشروع الصهيوني و إقامة الدولة الواحدة الديموقراطية العلمانية على كامل فلسطين التاريخية، وهو الحل الوحيد الكفيل باستعادة حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تتطلّب اللياقة والقوة.. شاهد كيف تتدرّب لاعبة غولف في صالة ر


.. بلينكن: واشنطن تعارض معركة كبرى في رفح




.. مقتل أكثر من 300 شخص وإصابة مئات وتدمير أكثر من 700 منزل جرا


.. طالبة تهدي علم فلسطين لعميد كلية بيتزر الرافض لمقاطعة إسرائي




.. ناشط ياباني ينظم فعاليات غنائية وثقافية للتعريف بالقضية الفل