الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جريدتها و الدراجة !

لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)

2020 / 3 / 8
ملف 8 آذار/مارس يوم المرأة العالمي 2020 - مكانة ودور المرأة في الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي.


***
كانت صباحا
تمسح زجاج نافذة غرفتها
بصفحات "جريدة الْيَوْم السابع بعد
المليون .."
و مع ذلك لا جديد فيها يُذكَر
و لا قديم يستحقُّ " الذَّكر"
فإذ بها ترى بنت الخامسة
في الشارع تقود دراجتها
و شعرها يراقص الريح
كان والدها جالسا على كرسيه
المتحرك أمام بقال الحي
...
تنهدت .. تراجعت إلى الخلف
اتجهت إلى مكتبها ..
و هي لا تشعر
فتحت دفتر خواطرها
المكسورة
و بدأت تجترّ شذرات مضت من حياتها
من خلال جرّات قلم
منهك:
أذكر أيام الصبا ؛
كان جدي يعدني حسب أمنياتي :
اذا نجحت سيشتري لي دراجة هوائية
كم وعدني جدي الحبيب..
فأمثال جدي لا يخلفون
وعدهم!
و كم نجحتُ على مرّ السنين
كم تفوقتُ عليهم جميعا
إناثا و ذكورا
حتى كبرتُ و ظلت أحلامي
على حالها بريئة ، بسيطة
طفولية
كبرتُ و لم يفِ جدي بوعوده
التسويفية..
و بقي وعده في تلافيف
الذاكرة مذكورا
و وجدتني أنثى تعيش
تحت رحمة العرف و النمطية
أنثى يُحرّمُ عليها اللعب قبل البلوغ ..
كان الحلم عندها ذكرٌ مؤنث
تُسبى روحها بإسم الأعراف
في غرف جدرانها طينية
و أسقفها قرميدية
أو قصديرية
يُحجز عليها
حال بداية أول النزف
و الطمث
و العادات السيئة الشهرية !
حتى بعد البلوغ لم أبلغ شيئا
عدا الوصاية عليّ!
لكني ما زلت أحن إلى دراجتي
الهوائية تلك ؛
أحنُّ إلى حمرة هيكلها الفولاذي
و إنارتها الأمامية
و الخلفية
و فراملها المعدنية
مات جدّي الحبيب و جِبِلّ
كثْرٌ
و تطورت دراجتي الهوائية
تزداد تقعُّرا في ذاكرتي
*
مازالت كما الفسيفساء الخزفية
تطرّز بسذاجات الأمس جدران جيوب ذاكرتي
و إن تكسّر بعضها ..
و مازلت أطير مع حركاتها و أتقدم
و أسبق ظلي
عندما انتقلت دراجتي بفعل
آلام الماضي من الهوائية إلى نارية..
بالأمس كان جرحي ينفخ هواءً
و الْيَوْم صار كالتنين
أو كالبركان يقذف الجحيم
بكورات حِمَمَيّة!
دراجتي تأخذني إلى أبعد المسافات و الآفاق؛
و أنا بقدرتهم دون إرادتي
لم أتحرّك من مكاني
منذ أربعين حولا
دائما أنا بنفس الصفة
أُعيد أمام مرآة الزمن
ترتيب و مشط ظفائر
تلك الأُنثى المحتجزة في بيئة شرقية !!
ـ 2 مارس 2020
ـ باريس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط