الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة المرأة العربية بين مطرقة المكانة و سندان المكان

بشير شريف البرغوثي
مؤلف

(Bashir Sharif Bargothe)

2020 / 3 / 8
ملف 8 آذار/مارس يوم المرأة العالمي 2020 - مكانة ودور المرأة في الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي.


في محددات المكان : هناك دوائر متداخلة تتحرك فيها المرأة العربية و حيث أن لكل دائرة مكانية أو جغرافية صفات خاصة بها فإن من الطبيعي أن يعجز أي باحث عن رسم ملامح موحدة و لا حتى متجانسة لحركة و نهوض المرأة العربية . المكان يفرض نفسه بعناد على أي جدول أعمال أو برنامج قد تضعه المرأة فوضعها في فلسطين مثلا يختلف عن العراق أو سورية أو المغرب . هناك سمات مشتركة تجمع كل النساء لكنها قوالب نمطية غير قابلة للتجسيد على أرض الواقع . و أقصر حديثي هنا عن المرأة الفلسطينية التي لم تستطع منذ سنة 1893و حتى الآن الإجابة على سؤال الأولوية في عملها .. فهل نضالها النسوي يجب أن يتقدم على نضالها الوطني و إلى أي حد؟
في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر كان أول احتجاج فلسطيني صاخب على إنشاء أول مستعمرة يهودية في فلسطين هي مستوطنة العفولة , حيث خرجت الفلاحات القرويات دفاعا عن خطر كان يلوح في الأفق . أي أن بذرة الثورة أو طليعتها كانت نسوية . جاء الإنتداب و تورد مختلف المصادر كيف أن سلطات الإنتداب كانت تستدعي الوجهاء و " تنصحهم" بإبعاد نسائهم عن الشوارع كي لا يتعرضن للقمع و المخاطرة باعتقال أزواجهن .
لم تفلح هذه الأساليب الإرهابية و خرج نجيب نصار بمقولته الشهيرة " لو لم يخلدني التاريخ لأنني أسست أول جريدة فلسطينية لخلدني لأني زوج ساذيج نصار ( زوجته) التي كانت أول معتقلة سياسية تدخل سجنا حربيا بريطانيا في فلسطين .. و ساذيج لم تكن فلسطينية الأصل بل هي كريمة أحد قادة الطائفة البهائية قدم إلى فلسطين و أتقنت ساذيج اللغة العربية و صارت خطيبة مؤثرة و لعل أهم خطاباتها تلك التي ألقتها في تأبين الشيخ عز الدين القسام
إبنة الطائفة البهائية القادمة من إيران تؤبن شيخ طائفة سنية أتى من سوريا . .. أمر لا يمكن أن يرضي بريطانيا و لا الصهاينة و لا الزعماء التقليديين في فلسطين و لا حتى اليساريين الذين كان من المفترض أن يكونوا حلفاء راسخين لمثل هذه الأنوية الثورية التي جمعت جمعا خلاقاً بين النضال الإجتماعي النسوي و النضال الوطني و الأممي .
هكذا وجدت الحركة النسوية نفسها دون حلفاء يركن إليهم و تحكم المكان بمكانة المرأة و قلصها ..
و لما وجدت فتاة طموحة اسمها كلثوم عودة أنها منبوذة في فلسطين حتى على المستوى الأسرة فإنها ناضلت و تعلمت و تزوجت طبيبا روسيا و هاجرت و صارت أول من أسس قواعد الإستشراق بشكل علمي منهجي منظم لفت انتباه أقرانها الروس .. و كان ذلك قبل إدوارد سعيد بردح طويل من الزمن .. من يذكرها الآن ؟ قليل جدا مع أنها لقيت أرقى مظاهر التكريم في حياتها و مماتها في روسيا و إن كانت نالت نصيبها من اضطهاد ستالين أيضا فسجنت هناك فترة من حياتها .
لما عادت كلثوم إلى فلسطين زائرة .. زارها الحاج أمين الحسيني .. و من باب المجاملة عرض عليها أن يدبر لها وظيفة في فلسطين !! لكن كلثوم سألته : و هل تستطيع أن تحميني؟ . قال : صدقيني لا أمون على ذقني ! قالت : كيف تدعوني إذن؟
وأما حالة مهيبة و اختها ناريمان خورشيد فمثال آخر على تعرضت له المرأة الفلسطينية من ظلم "ذوي القربى" .. كانتا قد أسستا جمعية اجتماعية فكرية مختلطة اسمها " زهرة الأقحوان" و لما تمادت العصابات الصهيونية في اعتداءاتها على يافا .. تحولت الجمعية إلى تنظيم ذاتي التمويل و التسليح و التدريب .. قاتل في يافا و لم يطلب تنظيمهن أي مياعدة من أي جهة رجالية و لكن فوجئت الصبايا بطلب القيادة العليا منهن تسليم اسلحتهن إلى القيادة و ترك الأمر للرجال .. لكنهن ابين و كن من اواخر من غادر يافا عند احتلالها .
القصد أن المكان لم يمنح الحماية للمرأة الفلسطينية بل حد من مكانتها و حط من قدراتها . و لما تطورت الأحداث لم يكن وضع المرأة داخل منظمة التحرير الفلسطينية بأحسن حالا .. بل تم قمعها و الإفادة من كل طاقاتها دون مكافأة تذكر . و جاءت السلطة الوطنية بعد أوسلو ففرضت مزيدا من القيود على المرأة و لم تستطع أن تمنحها أي نوع من الحماية . ظلت المرأة أشبه بعاملة في ماكنة الثورة و ظلت القيادات الرجالية بمثابة صاحب العمل . و مع تفشي الواسطات و المحسوبيات و ظهور انقسام فتح و حماس فقد تعين على المرأة أن تدفع أثمانا مضاعفة عن الرجل
كل ذلك مع العلم أن نصف الفلسطينيات ( حوالي أربعة ملايين) يعشن لاجئات او نازحات خراج فلسطين و بالتالي هن غير محكومات بالأنظمة الفلسطينية - حتى لو وجدت بل يخضعن لأنظمة الدول المضيفة لهن أيضا
و إذا أضفنا إلى ذلك اتساع الهوة الطبقية و الإقتصادية بين امرأة فلسطينية و أخرى بحيث أن بعضهن يعشن في رام الله نفسها كما لو كن في الصومال مقابل طبقة أخرى تحظى بمستويات رفاهية غير معقولة , فإننا ندرك صعوبة إيجاد تيار نسوي و طليعة نسائية واحدة
هذا في فلسطين التي لا يتجاوز عدد نسائها السبعة ملايين امرأة فما القول حين نعالج قضايا المرأة العربية في الوطن العربي ككل ؟ ذلك مستحيل بل إنه خاطيء علميا أو منهجيا . و بالتالي يظل الحديث يدور في دوائر القوالب النمطية و المكرورات التي نسمعها دائما و لكننا لا نجد صوتا نسائيا مجلجلا يقول نحن هنا ! نحن صانعات الثورة و نحن اللواتي حافظن على وحدة المجتمع الفسطيني رغم الشتات .. نحن اللواتي دافعن عن النظام الإجتماعي الذي ظلمهن وافتأت على حقوقهن !
ملاحظ : يمكن الرجوع إلى اسماء النساء من خلال البحث على الشبكة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا