الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنكار و إفلاس : أنا أو الخراب

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2020 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية





دُعيَ اللبنانيون في 7 آذار الجاري إلى معركة أستقلال جديد ، ربما المقصود منها أن البلاد التي استقلت في 22 تشرين الثاني 1943 وقعت مرة أخرى تحت احتلال او انتداب فتوجب إنهاض الناس من أجل معركة إستقلال ثانية ! و لكن يبدو أن المستعمر متخف ٍ .

تضمن النداء إلى المعركة " كشف النقاب " عن حقائق مزعجة و مقلقة ، يعرفها الناس جميعا منذ مدة طويلة ، لانها كانت ظاهرة للعيان و أحيانا صادمة ،و لكن الذهنية الغالبة في البلاد تسّوغ اللاعقلانية الأنانية فيؤمّل الفرد أن لا يتأثر بها أو أن يتدبر و سيلة لكي ينجو منها بنفسه ، وكان " الله بعون الآخرين" !

أما احتلال البلاد فتجسده استنادا إلى فحوى النداء ، السياسات المتبعة لغاية تاريخ 17 تشرين أول 2019 و أنطلاق الإنتفاضة الشعبية . لا شك بوجود علاقة سببية بين هذه الأخيرة من جهة و بين الإعتراف العلني الرسمي ، بأن العوامل الداخلية التي أوصلت الأمور إلى درجة صار أربعون بالمئة من اللبنانيين تحت سقف الفقر ، و هذا يعدُّ بمثابة كارثة و جريمة سياسية بامتياز ، مردها إلى سياسات "مالية و اقتصادية خانقة " و إلى إدارة رسمية سيئة نتج عنهما ، إفراغ خزينة الدولة هدرا و سرقة وفسادا دون خجل أو حياء ، كما جاء في الدعوة إلى تحرير البلاد ، بل على العكس تجاسر الحكام بوقاحة و فجور على ممارسة سياستهم فلم يتركوا للبنانيين إلا دولة عاجزة عن تسديد الديون المتوجبة عليها ، زاعمين أنهم أضاعوا مدّخراتهم

يحسن التذكير هنا بأن السياسيين الذي عملوا على إفلاس الدولة لم يكونوا الوحيدين الذين قاموا بهذا العمل ربما عن غير وعي أو إدراك للمسؤولية الوطنية أوعن عدم أمتلاك الخصال والأخلاق الحميدة ، كما يحدث عادة عندما يصل الشخص غير المناسب إلى السلطة ، فمن المعروف أن لبنان هو في قلب الحرب الأميركية ـ الإسرائيلية الهادفة إلى أخضاع الشعوب في لبنان وسورية والعراق بكل الاساليب و الوسائل المتوفرة و من ضمنها الحصار الأقتصادي . ( الولايات المتحدة الأميركية تمنع دخول الأموال إلى لبنان في حين أن أهل السياسة و الحكم يهربون إلى المصارف الأوروبية و الأميركية ، ثرواتهم غير المشروعة كونها جـُمعت أثناء ممارستهم للسلطة )

ينجم عنه أن من المفروض أن يكون التخلص من طاقم الحكم الذي تقع عليه مسؤولية عن إفلاس الدولة أو قسط منها ، متضمّنا في النداء إلى معركة الإستقلال الجديد . مهما يكن فإن هذه الأخيرة كأية معركة تحريرية او ثورة تتطلب توافق الأكثرية على الإنخراط في التحرير ، و على الأهداف المبتغاة و النهج الذي يتوجب اتباعه بالإضافة إلى اختيار القيادة الجديرة بالثقة التي تتولى رسم الخطة والمبادرة إلى المناورة عند اللزوم .

مجمل القول أن هذا كله مثير للحيرة . فالنداء إلى المعركة من اجل الإستقلال الجديد لا يوضّح طبيعة هذا الإستقلال المنشود . ناهيك من انه يصعب على المراقب في هذه الظروف التمييز بين التسريبات الإعلامية لإبعاد الشبهة عن الطاقم السياسي من جهة و بين المحاولات الجادة من أجل أنقاذ الدولة ، لا سيما أن العلاقة بين الطاقم السياسي السابق و الطاقم الذي خلفه قائمة و متواصلة بالقطع ، فيحق في تقديري السؤال عما إذا كانت مهمة الخلف تبرئة السلف ، أو أن هذا الأخير لا يزال في الحقيقة ممسكا بزمام الأمور ، أي أنه الخصم و الحكم . كأن لسان حاله يقول أنا أو الخراب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم