الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام والمرأة وجهان لعملة واحدة وسلاح ذو حدين

ياسمين جواد الطريحي

2020 / 3 / 9
ملف 8 آذار/مارس يوم المرأة العالمي 2020 - مكانة ودور المرأة في الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي.


الاعلام احد واهم وسائل ايصال المعلومات للبشر ، وهو إيضا الاهم لإنه المرآة التى تعكس العقلية السائدة بالمجتمع . اما ان يعكس عقلية لازالت تحت وطأة الخوف وسياسة المحاباة والبقاء ، فيخرج مشوها ، انفعاليا ، متناقضا ، انتهازيا وعنصريا بالخصوص ضد المرأة بحجة المحافظة على التقاليد السائدة وعدم اثارة المشاكل خاصة الاجتماعية التى تخص حقوق الإنسان فتحط من قيمة البشر ، أو يعكس عقلية مجتمع متفتح حر لايخاف من تسلط سلطة او طبقة معينة ، حينها يكون اكثر واقعية وعقلانية في طرح المناقشات والقضايا التى تهم المجتمع برمته واسلوب اختيار الاعلاميين والاعلاميات فترفع من قيمة ذلك المجتمع.
وتتنوع وسائل الاعلام المرئية والسمعية في كيفية ايصال المعلومة وخاصة بتقدم التكنولوجيا الحديثة. فهي اصبحت اما نعمة او نقمة . نعمة اذا كان الهدف نشر العلم والمعرفة والوعي فيما اذا لم تكن مسيسة ، نقمة اذا كانت لنشر الجهل وغسيل للادمغة وتكوين راي عام سياسي يرجع بالفائدة لمصلحة الطبقة الحاكمة وذلك بتمرير سياسة داخلية او خارجية لمصلحة سياسية ضيقة او ذاتية .
فالمراة كذلك لها نفس الدور، فان كانت امراءة واعية ستهتم بالعلم والثقافة وتربية الابناء تربية صحية واعية لخلق جيل صحي واعي ومجتمع له قيمة انسانية عالية. اما اذا كانت جاهلة ، سينشا جيلا مشوها وضعيفا وحاملا لكل الافكار السلبية التى لاتخدمه ولاتخدم المجتمع بل يصبح مريضا ومشوها ويحتاج الكثير من الاهتمام التى تعجز الدولة توفيره .
فالمرأة ايضا تمارس اما دور الثقافة والعلم والوعي اذا كانت واعية ، او الجهل وادامة التخلف والتزمت، كالاعلام . الاعلام والمرأة وجهان لعملة واحدة اما تعطي للانسان قيمته او تحط منه ـ اما التقدم او التخلف . تطور الاعلام وتقدم المرأة يعكسان الحضارة الإنسانية بكل معانييها.
وبمناسبة كما يسمى " عيد المرأة العالمي" حسب مااقرته مواثيق مثل الأمم المتحدة ، ومن خلال مراقبة للقنوات العربية ومنهاجها وبرامجها ، لازال في راي ان الاعلام العربي يوظف العقل التقليدي القبلي الذكوري في صنع الراى العام العربي " المحافظ التقليدي بجميع سلبياته"" حتى في اختيار برامجه و الشخصيات التى تستضاف والقضايا التى يرغب في مناقشتها ومقدمات البرامج من النساء. اما هي الام المتفانية المجاهدة الطيبة والمضحية والمحافظة ، تبذل حياتها ، وتنسى ذاتها وطموح الأنسانة ، من اجل "الزوج والابناء". او " اللعوب" التى لاتعطي قيمة لشئ الا جسدها ، أو " القوية اي بمعنى سلبي " المسترجلة" . كأن الله عز وجل جلاله لم يخلق البشر الا بأنماط معينة يخترعها الإنسان لوحده. بمعنى أن الله لم يخلق انسان " طبيعي" بل شخص يسمى حسب اهواء ورغبات بشرية .
فالاعلام العربي السائد وخاصة في القرن الواحد والعشرين / اعلام ليس حرا ويخاف ويحافظ على النمط المجتمعي السائد ويعمل على تغذيته وتقويته من اجل ان يبقى على "تقاليد" والحفاظ على "الامن السلمي" والا تطاله عقوبات الحاكم او السلطة الحاكمة ، والمرأة كذلك فهي تخاف نقمة هذا المجتمع الذي سيثار ضدها فتعمل مافي وسعها لتمرير وإبقاء ماتعلمته من " تقاليد " للحفاظ على اسم العائلة وامنها الاجتماعي وتخفي انسانيتها. وهذا مايسمى المرأة "عدوة ذاتها". فهي تعيش وتتأقلم بعقلية ذكورية لا تتوانى بالتضحية من اجلها.
لذلك نرى ان نمط الاعلام العربي هو نمط غير واعي اجتماعيا ومشوها في الغالب وهو تابع للسلطة وليس للشعب، وذكوريا في كل المناسبات وخاصة تجاه المرأة وهذا ماحدث لنساء العراق حين خرجن مطالبات بحقوق الوطن. فأعلام المجتمع العربي ، لايقف مع الانسانية والحقوق بل مع مصلحته التى تؤمن له وسيلة العيش ، ومع السلطة التى تريد الحفاظ على مصالحها ايا كانت فتنشر الجهل والانحطاط من اجل الابقاء على التخلف مهما جاء بكوارث ، والمرأة ايضا تحاول ان تبقي على لقمة عيشها مهما كلف الامر حتى وان كان الصرح العائلي هشا وغير قابل للاستمرار.
اين يكمن الحل؟ هل هو بتغيير النظام السياسي؟ ماالفائدة؟ ، اذا كان لازال يتمتع بالعقلية ذاتها ، الذكورية ، التقليدية ، القبلية ، تعليميا ، إجتماعيا ووراثيا. هل تغيير الملابس اي من العقال الى "البنطلون" ومن العباءة الى "السفور" سيغير من عقلية الانسان ؟ ماالفائدة؟ ، اذا كان اللباس محافظا او غير محافظ ولكن، يدافع ويهاجم من اجل ابقاء المرأة جاهلة وتابعة ؟ ، هنا تصبح هذه المعايير السطحية مجرد تضليل لمعنى الحقوق الشرعية والانسانية.
تغيير العقل الإنساني لا يأتي من وراء تغيير نظام واستبداله بنظام آخر ولا بتبديل لبس بلباس آخر ولكن بنوع التعليم وحرية الفكر والتعبير والعلم والمعرفة الذي يجعل من هذا الذكر والانثى يتعامل مع وجوده وسبب خلقه. وجوده من منطلق انسانيته وحقوقه المشروعة التى لا تتلون باي لون سوى انسانيته ، وليس من منطلق جنسه او دينه او ملته او تبعيته لحاكم او رجل دين.
لذلك فالعقل الواعي والتعليم النوعي ( لايكفي التعلم ليصبح الإنسان واعيا) ، هو بوصلة خلق مجتمعات خالية او شبه خالية من كل هذه المسميات العنصرية التي اساسها جهل الامة بأسباب وجودها وانغماسها بثارات قبلية او دينية ذكورية ، التى لاتمت الى العقل البشري ولا للإنسانية بصلة ، ولاتمت الى اسباب خلقنا الله عزوجل من اجلها ، بل من اجل الحفاظ على آدميتنا وعلى خلقنا اولا وعلى سلوكياتنا ثانيا . بايدينا ان نغير او لانغير.
والسؤال الاهم ، هل انتفاضة تشرين الاول 2019 ووقوف المرأة العراقية الى جانب الرجل تطالب وتستشهد وتضحي ، كافية لاسترداد حقوقها الإنسانية كماً ونوعاً ، أو يستمر الاعلام والمجتمع بذات العقلية التقليدية العشائرية الذكورية التى تحط من إنسانية المرأة؟


8 آذار 2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة