الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاخوان وازمة الهوية

محمد ابراهيم بسيوني
استاذ بكلية الطب جامعة المنيا وعميد الكلية السابق

(Mohamed Ibrahim Bassyouni)

2020 / 3 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


قال وأردوغان في خطبة له "‏تركيا لن تتراجع أبدًا عن نضالها المحق ولن تترك دماء شهدائها يذهب سدى. كما أنها لن تنسى أي خيانة. وما دام شعبنا يقف بجانبنا سنجتاز كافة الصعوبات وسنلقن درسًا تاريخيًا لكل من يعتقد أنه قادر على التضييق علينا". في هذا البيان الرئاسي في الفقرة الأولى جملة غريبة يقول فيها "سيتمخض عنه نتائج كبيرة كتلك التي شهدناها قبل مئة عام".
‏قبل مئة عام كان فيه حرب بين 1919و1922 اسمها حرب الاستقلال والتحرير وقادها مصطفى كمال أتاتورك ضد اليونان والأرمن والأكراد وبريطانيا وفرنسا. في هذا الحرب مصطفى كمال أتاتورك أنقذ تركيا بحدودها الحالية من الاختفاء بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وانتهت الحرب بإعلان الجمهورية التركية وإنهاء الخلافة في1923. ومن المفارقات إن في حرب الاستقلال التركية روسيا السوفيتية كانت تدعم مصطفى كمال أتاتورك بالاضافة لإيطاليا، ومن المفارقات العجيبة إن أنصار إردوغان من الإسلاميين العرب يستحضرون حروب الدولة العثمانية في دعمهم له، بينما هو يستحضر حرب مصطفى كمال ويعتبر الذي يفعله حالياً إنقاذ لتركيا كما فعل أتاتورك قبل مائة عام. وهذا هو تفسير ما كتبه في الفقرة الأولى من بيانه الرئاسي.

‏وبالتالي رجب إردوغان الذي يعتبره أنصاره الإسلاميين العرب خليفة عثماني ويستحضرون تاريخ الإمبراطورية العثمانية في دعمه، هو نفسه استحضر تاريخ مصطفى كمال أتاتورك الذي يعتبره الإسلاميون هادم الخلافة مؤسس الجمهورية التركية العلمانية الحالية، في معركته الحالية في شمال سوريا.

هناك فرق بين إسلاميي تركيا الأقرب لكونهم "قوميين" يرون الإسلام جزء من الهوية الوطنية التركية منذ العثمانيين، والإسلاميين العرب الذين يتمسكون بالخلافة التاريخية الإسلامية دون معرفة كيف ينزلونها لأرض الواقع الحديث.

المتابع للتجربة التاريخية للحركات التركية الإسلامية منذ عدنان مندريس ونجم الدين أربكان يستنتج أنها نشأت ضمن الهوية الوطنية التركية، لم يكن لها ذلك البعد الأممي المطالب بالخلافة كالذي تحلم به حركات الإسلام السياسي العربية عموما وخاصة الإخوان المسلمين. لذلك حتى في أعتى لحظات الصدام مع الدولة العلمانية التركية كان هناك قاسم مشترك معها: "الوطنية التركية"، وما هو مثير للدهشة أن الحركات الإسلامية التركية ليست في خصومة خالصة مع أتاتورك وإرثه، بل إنه يحظى باحترام عجيب منهم، بعكس نظرة الإسلاميين العرب لأتاتورك حيث يرمونه بكل نقيصة.



د. محمد ابراهيم بسيوني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA