الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجهل وآثاره السّلبيّة في النظرة إلى الكفيف في (العراق)

رائد محمد نوري

2020 / 3 / 11
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة


ظروفنا –نحن المعاقين بصريّاً في (العراق- ليست مثاليّةً، فالجنّة لا تزال بعيدةً، لكنّنا تحدّينا الواقع الذي فرضته علينا الإعاقة، وحقّقنا بفضل جهودنا الذّاتيّة وبفضل دعم الأهل والأصدقاء والمجتمع لنا قدراً لا بأس به من استقلاليّتنا، وتمكّنا من الوصول إلى كثيرٍ مما نريد، فكنّا ولا نزال فاعلين في الحياة ومنتجين اجتماعيّاً.
هذه المقالة مخصّصةٌ لعرض مشكلةٍ اجتماعيّةٍ فرضها علينا الجهل بواقع الإعاقة في مجتمعاتنا التي تشكو من التّخلّف الاقتصادي والسّياسي والمعرفي، وغياب الرّؤية العلميّة الإنسانيّة الموجّهة الواضحة المعالم، إذ نعاني -نحن المعاقين بصريّاً في (العراق)- من أحاديّة النّظرة إلينا، فعلى الرّغم من نجاح كثيرٍ منا في تحدّي واقع الإعاقة ، إلا أننا لا نزال ضحايا أحد تصوّرين اجتماعيين، إذ يرى أصحاب التّصوّر الأوّل أنّنا خارقون؛ لأنّنا تحدّينا واقع الإعاقة وعشنا الحياة وظفرنا بما نريد على الرّغم من كوننا معاقين بصريّاً، ويرى أصحاب التّصوّر الثّاني أنّنا مستحقّون الشّفقة؛ لأنّنا عاجزون وغير قادرين على شيءٍ بسبب فقداننا حاسّة البصر.
أصحاب التّصوّر الأوّل يجهلون أو يتجاهلون أنّ الكفيف الظّافر بما يريد مستطيعٌ بغيره، ولولا توفّر الظّروف الملائمة لما نجح في الوصول إلى ما وصل إليه.
وأصحاب التّصوّر الثّاني يجهلون أو يتجاهلون أنّ (بشّار بن برد) و(أبا العلاء المعري) و(لويس برايل) و(هيلين كيلار) و(محمد مهدي البصير) و(طه حسين) و(كامل حسن البصير) و(خليل محمد إبراهيم) و(نوبوكي تسوجي) ومن إلى هؤلاء المبدعين الفاعلين في الحياة هم من المعاقين بصريّاً.
بين هذين التّصوّرين تتعرّض للقمع حقيقة أنّ المعاق بصريّاً إنسانٌ عاديٌّ لا يختلف عن الآخرين بشيء غير أنّه مستطيعٌ بغيره بسبب فقدانه حاسّة البصر، تجاهل هذه الحقيقة يضع أمام المعاق بصريّاً الكثير من العراقيل التي تنغّص عليه حياته، إذ تعوّق وصوله إلى ما يريد، وتحول بينه وبين استقلاليّته التّامّة.
ذُلِّت –اليوم- بفضل التّطوّر التّقني وتوفّر البيئة القانونيّة التي تضمن للمعوّق حقوقه الكثير من المصاعب التي كنّا نواجهها، لكن الجهل بالإعاقة وواقعها آفةٌ تقتل استقلاليّة الكفيف في بلدي، وتحرمه من لذّة التمتّع بالتّواصل مع مجتمعه، والإفادة حقوقيّاً ومعرفيّاً وتقنيّاً من منجزات الحضارة الإنسانيّة العظيمة التي يفيد منها أمثاله من المعاقين بصريّاً في دول العالم المتطوّرة.
الخلاص من أحاديّة نظرة المجتمع إلى الكفيف وآثارها السّلبيّة عليه لا يكون بغير محاربة الجهل الاجتماعي بواقع المعاق ومشكلاته الذّاتيّة والمعرفيّة والاجتماعيّة، والتّصدّي لها ومعالجتها حقوقيّاً وأخلاقيّاً وتربويّاً وثقافيّاً وإعلاميّاً على وفق العلم ومناهجه الحديثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا


.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3




.. Saudi Arabia’s authorities must immediately and unconditiona


.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس




.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف