الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة تحليلية مقتضبة لأغنية أم كلثوم الأجمل وفق رأي كاتب المقال.

راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)

2020 / 3 / 13
الادب والفن


في ذكرى رحيل أم كلثوم ... سألت نفسي ... يا ترى ، ما هي الأغنية الكلثومية الساحرة التي تتربع على عرش الكلثوميات بلا منازع ؟؟؟ .... هل هي أطلال السنباطي كما يدعي معظم المحللين الموسيقيين ؟ أم (إنت عمري ) عبد الوهاب أم (رق الحبيب) القصبجي أم ( سيرة الحب) لبليغ حمدي ؟

للإجابة على هذا السؤال ذهبت في رحلة إصغاء و تمعن في أكثر أغاني ثومة تداولاً .... فاستمعت إلى أعظم أعمال السنباطي (أقبل الليل _ الأطلال_ حديث الروح _ من أجل عينيك) ...

و تمعنت بهدوء في أعظم أعمال عبد الوهاب الكلثومية (إنت عمري _ دارت الأيام _ إنت الحب_أمل حياتي _أغداً ألقاك) ...

ثم عرّجت على البليغيات الكلثومية و على رأسها (سيرة الحب) التي تعتبر أكثر أغاني أم كلثوم تداولاً و مبيعاً في التاريخ ... فتصفحت (سيرة الحب_ الحب كلة _فات المعاد_ ألف ليلة _بعيد عنك) .....

ثم خلصت إلى نتيجة تخالف جماهير المحللين الموسيقيين و وضحتها في هذه المقالة ....



( قراءة تحليلية مقتضبة لأغنية أم كلثوم الأجمل برأي كاتب المقال).....

قلم #راوند_دلعو

ففي ذكرى رحيل ثومة أحببت أن أقف عند أجمل أغاني أم كلثوم .... كشاعر عاطفي بإذن موسيقية يأسره اللَّحن الأخَّاذ و الكلام الرائع ....

أعرف أن كثيراً من المتخصصين سيخالفونني فيما ذهبت إليه ، لكن لي أدلة مستفيضة تدعم رأيي و تقويه ....

فأنا أعتبر و بعد بحث و تأمل ، و هدوء و طويل إصغاء إلى أن أغنية (ألف ليلة و ليلة _ ألحان العبقري بليغ حمدي و كلمات الشاعر الغنائي مرسي جميل عزيز ) بمثابة أجمل عمل كلثومي متكامل ناضج متطور عميق محافظ على المستوى التطريبي العالي على طول النص من أوله إلى آخره ... أضف إلى ذلك التناسب الرهيب و الانسجام المتناغم و الهارموني الملفت بين الألحان من جهة و المشاعر المنبثقة عن الكلمات من جهة أخرى ( و هي الخاصية الواضحة تماماً عند الملحِّنَين بليغ و فريد و التي ميزَتْهُما عن باقي الملحنين) ...

ففي البداية أود أن أشير إلى أن هذه الأغنية تتضمن أجمل مقدمة موسيقية في تاريخ أم كلثوم ، بل أجمل مقطوعة شرقية راقصة في تاريخ الموسيقا الشرق أوسطية كلها ....

فالتراقصية الرهيبة و التراكب الغريب بين الآلات المتباعدة جعل منها أروع درة موسيقية تعبّر عن عاطفية و عمق الموسيقا الشرق أوسطية .... و قد تجلى ذلك من خلال اتحادها مع ذات الروح بشكل أخاذ تطريبي ....!

في الحقيقة لم أقع في التراث الكلاسيكي الغربي و لا المدارس الجديدة الغربية على معزوفة بهذا الزخم التطريبي التراقصي !!

فهي أول مقدمة موسيقية طويلة يلحنها العبقري الخالد بليغ حمدي لثومة ، و أكاد أجزم أن بليغاً لحن هذه المقدمة الموسيقية بعد أن تم استفزازه من قبل البعض بالتلميح إلى عجزه عن تلحين مقدمة موسيقية طويلة تضاهي مقدمات محمد عبد الوهاب المهندسة بشكل بنائي متقن أخّاذ كمقدمة (إنت عمري ) و ( أمل حياتي ) و (إنت الحب) و غيرها ...

لاحت إرهاصات ولادة هذا اللحن في أفق بليغ فطار إلى بيروت متخلفاً عن موعده مع ثومة ! .... تاركاً إياها في حيرة من أمرها إذ تتساءل أين ذهب بليغ دون أن يخبرني ؟؟ كيف له أن يتخلف عن البروفات لعدة أيام بلا عذر ... !!! فهي كارثة لا تغفرها أم كلثوم لأي ملحن ... باستثناء الاستثنائي بليغ.

طار بليغ إلى بيروت حيث الأجواء الرومنسية دون إخبار أحد ، حيث قام بتأليف هذه المقدمة الموسيقية الخرافية لتتفوق على جميع مقدمات أغاني أم كلثوم بما فيها مقدمة رق الحبيب الرائعة (ذكرياتي ) و التي لحنها السابق عصره محمد القصبجي .... و لتتفوق أيضاً على جميع مقدمات عبد الوهاب الطويلة و الرائعة.

بذلك نلاحظ أن بليغاً قد وضع في رأسه منذ البداية تقديم عمل خرافي يجمع بين الوحي الإبداعي و العلم الموسيقي البنائي ليتفوق على جميع من لحن لثومة في تاريخها و مستقبلها ... و فعلاً استطاع من خلال هذه الأغنية الرائعة كسر حاجز الزمن بينه و بين الجميع ...

يلاحظ من يدقق بهذه الأغنية المذهلة أنها تتميز عن غيرها بعدة أشياء ؛ منها افتتاحها بأجمل مقدمة موسيقية خلّاقة (كما أشرت للتو) حيث تشعرك بأنها استهلكت كل الموسيقا بين طياتها ... تلك المقدمة التي حوت بين نوتاتها أقصى معاني الفرح و التراقص الذي يعبر عن السعادة و الجنون في ليلة تلاقي الحبيبين !

نعم لقد عبَّرت هذه المقدمة الموسيقية المرخّمة بزخم و كثافة غير مسبوقة عن مشاعر الفرح تراقصاً و التراقص فرحاً .... تلك اللحظات التي يشعر فيها المرء برغبته العارمة في أن يتكلم مع الطيور و الشجر و الحجر ليخبرهم باقتراب موعد الليلة التي تعادل ألف ليلة و ليلة ... !

و مما تتميز به هذه الأغنية أنها ابتدأت بأجمل افتتاحية (يا حبيبي) ..... و اختُتِمَت بأجمل قفلة (زي الليلة) ....

أما الافتتاحية الأخاذة فمصرية شعبية ملفتة تسحر المستمع إلى درجة السُّكْر .... فإذا ببليغ يسقيك قدحاً حتى الثمالة و ثمالة الثمالة منذ اللحظة الأولى في الكوبلية الأولى .... فها هو الجمهور يطالب بإعادة الافتتاحية مراراً و تكراراً في حالة غير مسبوقة !!

فمنذ البداية ، يعبِّر بليغ من خلال هذه الافتتاحية عن مِصريَّة اللحن و ارتباطه العضوي بالأرض و التراب .... فكأنه يقول لبعض الملحنين الذين اقتبسوا من الغرب : ( لا داعي للتوجه غرباً كي تصنع أجمل لحن ، بل يكفيك أن تكون معجوناً بتراب النيل و شموخ الهرم و بساطة الناس و روح الشعب المصري !!)

ثم يوطئ اللّحن بعد ذلك للدخول بشكل تأملي هادئ عند قوله ( الليل و سماه ) معبراً عن الهدوء في ساعات التأمل مع صفاء السماء و سكون الليل و ذلك انتظاراً للّيلة المنتظرة و التي تعدل ألف ليلة و ليلة ...

ثم ليرتفع اللحن بشكل ملحوظ عند قولها ( و الهوى ) ، إذ قام بليغ بحقنِهِ بجرعات تعبيريّة عن مشاعر التأوه من الهوى ( و الهوى آه منو الهوى ) خاصة عند كلمة ( آه ).... ثم ليتمايل اللحن مع انحدار تأوُّهِي بسيط ، ثم الارتفاع به تفاؤلاً مع قول ثومة ( يلا نعيش ) ... تعبيراً عن الانبعاث للحياة من بين الألم !!!

تَناسُبٌ رهيب بين اللحن و النص ، بل هو تناغم ملفت أسطوري مع المحافظة على المستوى التطريبي العالي .... و هنا بيت القصيد .... فهذا تحد كبير للملحن إذ يصعب المواءمة بين اللحن و المعنى مع الحفاظ على مستوى التطريب و الجذب الموسيقي عند القمة .... فعادة ما يتفلّت المستوى التطريبي العالي كضريبة لاختيار لحن مناسب للّفظ ... (و هو الداء الذي عانى منه مطلع أغنية الأطلال فكان باهتاً مقارنة بباقي القصيدة .... إذ نلاحظ أن الأطلال تبدأ فعلياً كلحن عظيم جذاب عند قولها : "يا حبيباً زرت يوماً أيكه" .... و ذلك لطغيان اللحن التعبيري عن مشاعر الفقد و انهيار الحب في الكوبليه الأولى) ...

فعلاً ، لقد كسر بليغ جميع القواعد في أغنية ألف ليلة و التي تعتبر بصمة فارقة في تاريخ موسيقا الشرق الأوسط ....

ثم ليختتم بليغ الكوبليه الأولى بأجمل قفلة ( هو العمر إيه غير ليلة زي الليلة) ... و لا ينافس هذه القفلة من حيث الجمالية إلا القفلة الانحدارية في الكوبليه الأولى من (رق الحبيب) و التي تقول فيها ثومة ( واشوف خيالو واعد جمبي) ...

ليتتالى الوحي البليغي بشيء من السحر الأخاذ و التناسب بين الألفاظ و الإيقاعات مع معجزة الحفاظ على التطريب في جميع تضاريس و أسطح اللحن ..... فلا حشو و لا ملل و لا تكلف !!

أما قمة العبقرية فتتجلى في تلحينه لجملة ( ألف ليلة وليلة ) حيث أعادها ثلاث مرات و مدّها على كامل مساحة السلم الموسيقي تقريباً للتعبير عن طول مدة الألف ليلة و ليلة ....

و لا بد من التوقف عند الكوبليه الثانية من ألف ليلة و ليلة حيث قام بحياكة المطلع اللحني بشكل تساؤلي واضح انسجاماً مع النص في قولها (ازاي ازاي أوصفلك يا حبيبي ازاي؟) ... حيث وظف بليغ عملية التكرار في قولها (ازاي ) لخدمة اللحن المعبر عن الاستفهامية الواضحة !!!

و من معجزات الكوبليه الثاني التلحينية ... ذلك اللحن الكثيف عند قولها

( الليل بعد ما كان ظلمة صبح بستان

و العمر اللي كان صحرا مليتو أمان )

إذ نجد أن طريقة تلحين هاتين الجملتين غير مسبوقة بتاريخ الموسيقا في الشرق الأوسط لأن التنقل عبر السلم الموسيقي تجاوز ال 16 حركة بمدة قياسية و بشكل تقطيعي ، و هو رقم غير مسبوق فكأنه يحشو الألحان حشواً في النص مستغلاً عبقرية صوت أم كلثوم .... !

ثم لننتقل إلى الكوبليه الثالثة و الهدوء المذهل مع الوقفة اللحظية عند قولها ( حاس{ييييي}ن .... إننا بنحب و بس) ليعبر تماما عن دقائق الاحساس و أرقى درجات التأمل الشعوري الهادئ ....

ثم يتصاعد اللحن على هيئة الإعلاني الإذاعي عند قولها ( ون قالوا عن عشاقو ) ... تعبير لحني رهيب بشكل تصاعدي عن مقولات و شائعات الناس ... و هو في كل ذلك يحافظ على تطريبية اللحن بشكل ملفت !! فالتدرج التصاعدي في قولها (ون قالوا) يعكس بدقة تدرج الشائعات تصاعدياً أثناء تناقلها بين الناس حيث يتم تضخيمها.

الشيء المذهل عند هذه القطعة من الأغنية هو مرحلة الدمج و التضمين للحن الزفّة بالمذهب الأصلي و بشكل رائع انسيابي عند قولها (ولا عمري بستانو طرح غير الهنا و غير الفرح) .... فيدس لنا بليغ عسل الزفة خلال اللحن دون أن نشعر بأي مفارقة أو نشاز أو غرابة .... و ذلك ليعبر عن الزفة في ليلة الزواج التي هي بألف ليلة و ليلة !!!

إنه بحق تضمين و تمازج رهيب بين لحن الزفة و مقام الأغنية بأسلوب متناغم تطريبي دون تنشيز ، ليخلق في أذن المستمع معاني الزفة الراقية دون إيذاء المذهب الأساسي للأغنية ....

أما عن سحر الكوبليه الرابعة و عبقرية تلحينها فحدث ولا حرج !!

في الحقيقة توقعت أن تنضب هنا قريحة بليغ لأنه استنفذها في الكوبليهات الثلاثة السابقة ، لكنني تفاجأت بأن الرجل خرافة لا مثيل لها ... فالدخول المتسارع في مقدمة الكوبليه الأخيرة ينذر بقرب لحظة الزواج التي تتطلب أعلى درجات الإخلاص و الحب و الاندفاع .....

لتبدأ الكوبليه ب(يا قمر ليلي .... يا أيامي الهنية عندي لك أجمل هدية )

بدأت الافتتاحية متصاعدة (يا قمر) للتعبير عن التفاؤل بهدية سيقدمها الحبيب لحبيبه فرحاً ثم ليدخل اللحن بمرحلة من السكون لتكريس معاني التحضير النفسي لمشاعر التفاجؤ ، عند قوله (هدية) .... و كأن الحبيب يريد أن يفتح هدية يقدمها لحبيبة......!! فاللحن هنا مليء بمشاعر الترقب لمعرفة هذه الهدية ....

لكن ما هي هذه الهدية .... ؟

لفتح هذه الهدية يقوم بليغ بكارثة تلحينية رهيبة إذ يفتح اللحن بزاوية 180 درجة ....

يبدأ اللحن بشكل تصاعدي عند (كلمة الحب .....) لينهار بالسلم الموسيقي إلى آخره عند قولها ( واللي تفتحلك) ... و كأنه فتحه و تدحرج عليه من أوله إلى آخره ... تعبيراً عن شعورنا بطول مدة فتح الهدية لأننا نتشوف لمعرفة ما في داخلها فنشعر بطول مدة لحظات الفتح !

و لو تمعنا بهذه الانحدارية العريضة للّحن و التي شغلت مساحة انهيارية واسعة لتذكرنا تماما مشاعر لحظة فتح الهدية حيث يخفق القلب أثناء عملية فتح الهدية ليهدأ تماما برؤيتها ..... لكأني ببليغ يصعد باللحن إلى قمة جبل عند تلحينه (كلمة الحب) ثم قذفه بشكل انهياري إلى أن وصل إلى قوله (اللي تفتحلك) ... في واحدة من أعرض الامتدادات الموسيقية على الإطلاق و الموظفة في التعبير عن حالة الترقب و التفاجؤ أثناء فتح الهدية .....

ثم يثور اللحن بشكل اضطرابي عند كلمة (كنوز الدنية) ...

و لم لا يثور ؟

نعم يجب أن يثور ، حيث اقترب التعبير عن محتوى هذه الهدية ....

ثم ها هو الحبيب يمشي بين الطيور و الشجر ليخبرهم بمحتوى الهدية التي هي (كلمة الحب ) و التي تعدل (كنوز الدنية) فلا بد أن يمشي مترنما متمايلاً فرحاً ...

و فعلاً نجد أن عبقرية بليغ تختار لحناً تغريدياً مترنماً متمايلاً عند كلمة ( قول ... قول .... قول ... للطير للشجر) ..... للتعبير عن حالة الحبيب و هو يشعر برغبة في التكلم مع الطيور و الشجر للتعبير لهم عن فرحه بقرب لقائه لحبيبه !!

ثم فجأة و دون سابق إنذار تدخل الكوبليه الأخيرة بمعاني إنسانية راقية عند قوله ( الحب نعمة مش خطية ... الله محبة ) ..... و هنا أحيِّي الشاعر مرسي جميل عزيز على هذه اللفتة العبقرية ، إذ قفز بالنص من العاطفية الرومنسية إلى العاطفية الفلسفية مما أعطى الأغنية عمقاً أدبياً منحها جواز السفر في فضاء المنافسة على عرش السيادة بين أغاني ثومة لتدخل المعترك مع أجزل القصائد الإيحائية الفصحى ....

و لو ركزنا على تلحين بليغ لكلمة ( الله ) التي جعلها في قمة السلم الموسيقي تعظيماً لجلال الله .... و إضفاءً لأرقى المعاني الصوفية على اللّحن .... لوجدنا العجب العجاب .... حيث يتجلّى الاحترام الرائع للفظ الجلالة .... و هي عادة بليغ إذا ما ذُكِرت كلمة الله أو مصر في النص الذي يقوم بتلحينه ، فيضعها في رأس الهرم الموسيقي ... و ذلك تقديساً لاسم الله وتبجيلاً لاسم مصر....

ليدخل اللحن بعد ذلك بجو دعائي عند قوله (يارب ) في حالة نادرة من مزج الجو الديني بالجو العاطفي المعبر عن الحب البشري ...

في كل هذه النقلات نجد أن اللّحن يناسب ألفاظ المحبة و التفاجؤ و جلال الرب و الدعاء و الترجي و الأمل بالمستقبل السعيد ....مع المحافظة على جو تطريبي غالباً ما كان سيفقده أي ملحن آخر أثناء انسياقه وراء البحث عن جملة لحنية تعبر عن المعنى ...

برأيي لا يرقى من أغاني ثومة إلى مستوى لحن ألف ليلة و ليلة إلا الكوبليه الثالثة من أغنية (الحب كله ) و التي تبدأ بقول ثومة( الهوى العطشان) ... هذه الكوبليه التي تتمنى عندما تسمتمع إليها أنها لم تنتهي ...( المصادفة الغريبة أن أغنية الحب كلة من ألحان شيطان النغم بليغ حمدي أيضاً ....!!)

ثم يأتي بالدرجة الثانية بعد ألف ليلة و ليلة و الكوبليه الثالث من الحب كلة ، أغنية (رق الحبيب) ألحان القصبجي .... و الكوبليه الثالث من أغنية (دارت الأيام ) التي تبدأ ب ( وصفولي الصبر ) و هي من ألحان محمد عبد الوهاب ... و أبيات ( أين مني ) من أطلال السنباطي ...

و أحب أن أنهي حديثي بالإشارة إلى أن الجملة الشهيرة التي قيلت لثومة ( عظمة على عظمة على عظمة على عظمة يا ست ) كانت في أغنية ألف ليلة و ليلة حيث فقد أحد الحاضرين أعصابه من جمال اللحن فوقف بلحظة صمت ليصرخ بملئ فيه (عظمة على عظمة على عظمة على عظمة على عظمة ) ...

ثم أصبح الناس يكررون هذه الجملة في كثير من حفلات أم كلثوم كتعبير عن عظمة الموسيقا الكلثومية .....

و لكن الحق يقال (عظمة على عظمة على عظمة على عظمة على عظمة يا بليغ) ...

و من الملاحظ أن صوت ثومة قد أصابه التعب في فترة الستينات لكبر سنها ، و هو الذي أثر على أداء حنجرتها في الطبقات العالية .... لأن تقدم أم كلثوم في السن ضيّق من طبقات صوتها مما جعل المساحة التلحينية المتاحة لبليغ أضيق ممن سبقوه كزكريا و القصب و أبو العلا و النجريدي .... و لكنه مع ذلك أوصلنا لذروة الطرب الكلثومي سابقاً الجميع ....!

و ما يدعو للاستغراب أن أكثر أغنيات ثومة تداولاً و مبيعاً هي تلك التي لحنها بليغ (سيرة الحب _ألف ليلة _الحب كلة) ..... !!!

فبالرغم من عشرات الألحان التي قدمها السنباطي نجد أن بليغاً قد تفوق عليه و على عبد الوهاب من حيث المبيعات و الانتشار !!!

و الأغرب من ذلك أن بليغاً لحن هذه الروائع ثم دخل في الثلاثينات من عمره !!!!!!!!!!!!

إنه قدوة في ثوريته و طموحه و جبروته اللحني ، فكيف لشاب بعمره أن يحلم بمقارعة شيوخ الكار (السنباطي و عبد الوهاب)؟؟

هذه هي الثورية التي أعشقها ببليغ عبدالحميد حمدي الوريث الحصري لعرش السيد درويش و القصبجي ....

في الحقيقة إن الاحتفال بذكرى وفاة سيدة الغناء العربي لا بد أن يكون احتفالاً بالعباقرة الذين نسجوا الألحان الرائعة التي لولاها لما استمتعنا بأم كلثوم .... فهي برأيي مجرد مؤدية موهوبة ... لكن العبقرية تكمن في رأس بليغ و القصبجي (صانع أم كلثوم ) و عبد الوهاب و السنباطي و زكريا أحمد ....

فرحمهم الله من عظماء ....

و يلاحظ من يدقق في تراثها الغنائي أن خط التطوير اللحني في تاريخ ثومة في الستينات بني على أكتاف بليغ حمدي و عبد الوهاب .... فعندما ضعفت حنجرة ثومة في هذه الفترة و آلت جذوة صوتها إلى الخُبُو و الأفول ، بعث الله إليها ببليغ حمدي و محمد عبد الوهاب ليحلِّقا بها من جديد ....

لذلك نجد أن ألحان بليغ و محمد عبد الوهاب هي الأكثر تردداً و حيوية و مبيعاً و تحميلاً على الشبكة العنكبوتية إلى اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن يتراجع 6 مراتب في اختبار إتقان اللغة الإنكليزية للعام


.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم




.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع