الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام في زمن ( كورونا)

محمد بلمزيان

2020 / 3 / 13
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


لست أدري الى أين ستمضي حال الشعوب وهي تواجه هذا الفيروس الخطير الذي شرع في حصد الأرواح واحدا تلوآخر، وبغض الطرف عن خلفيات أسباب ظهور هذا الفيروس القاتل ( كورونا)، فإن الوضعية الحالية والمؤشرات التي تحملها الأخبار لا تبشر بالخير ولا تحمل أي بصيص أمل على قدرة المرء على وقاية نفسه بكيفية دقيقة وعلمية، خاصة في ظل عجز المختبرات حتى الآن عن اكتشاف الدواء السليم لدرء هذا الخطر الداهم. في ظل هذه الوضعية المتأزمة وعلى جميع المستويات تطل علينا قصاصات الأخبار عن نجاح الصين في القضاء النهائي على هذا الوباء والتلويح بأخبار عن احتفالات بهذا النصر العظيم، فهي أخبار متداولة وعلى نطاق واسع في وسائل الميديا والتواصل الإجتماعي المختلفة، تبقى التاكد من صحتها من زيفها مرهون من ما ستحمله الأيام المقبلة. لكن في اعتقادي يبقى سلام الإعلام في هذه الحرب المفتوحة غير منزه في فتح جبهات كثيرة ونقل أخبار بشكل مروع عن عدد الإصابات والوفيات في ظل غياب الحل، فكيف نتوقع تأثير هذا الأخبار على نفسية الناس في مختلف بقاع العالم، وهم يعرفون بأن الوباء بنتقل بسرعة فائقة وينشر شروره بكل سهولة في غياب أي شكل من أشكال العلاج وغياب دواء ناجع للإستشفاء، باستثناء حملات التحسيس واشكال الوقاية التي تبقى محدودة التأثير ولا يمكن أن تف بغرضها لدى جميع الفئات المستهدفة، نظرا لعوامل كثيرة منها قدرة الخطاب المستعمل على بلوغ الشرائح الأكثر استهدافا بفعل هذا الوباء وقدرتهم على التقاط تلك النصائح بنفس السرعة والوتيرة التي ينتشر فيها، فيصبح بالتالي هذا الجو المشحون بهيستيريا جماعية له مفعول مضاعف في ظل ارتفاع منسوب نشرات اعلامية مزدحمة بأخبار الوباء من ارتفاع الإصابات والوفيات وكثرة المرشحين المحتملين كلما تقدم الزمن، خاصة حينما نشاهد عجز الدول المتقدمة وهي عاجزة عن تطويق الوضعية وفاقدرة للقدرة على انقاذ مواطنيها من براثن هذا الوباء المفاجيء القاتل الذي ظهر فجأة معلنا الحرب على الجميع وبلا هوادة، بدون أن يستثني أحدا من دماره، صغيرا أو كبير غنيا أو فقيرا، اذن فكيف نتصور الوضعية وفي هذا الجو المرعب للدول الضعيفة والتي لا تتوفر على التجهيزات الكافية للكشف ومعرفة الوضعيات على حقيقتها والوسائل اللوجيستيكية للعمل في مثل هذه الظروف الإستثنائية والتي تشبه حربا حقيقية وإعلانا للطواريء الشاملة؟ فبعض وسائل الإعلام في هذا الإطار تتحمل قسطا وافرا من الأجواء المرعبة، في ظل غياب حلول في المتناول لدى عامة الناس،واصبح كل شخص يخاف على نفسه، ويخشى مخالطة الناس دراء لأي وباء محتمل، يعيش ونفسيته منقبضة وهو يستنشق هواءا لا يعلم هل هو ملوث أم سليم، تراه يمشي في الشارع وهو مكسور القوى يلتفت يمنة ويسرة في حالة شرود واضح، اختلطت عليه الأيام وتبعثر برنامجه اليومي، في كل مرة يزداد منسوب الخوف وهو يلتقط همسات الناس حول إصابات جديدة هنا وهناك، تزيد من حجم انقباضه الداخلي ودرجة هلعه من الغد الآتي، الكل يحاول أن يتدبر أمره بالطريقة التي يراها ملائمة، عبر استعمال بعض وسائل الحماية وهي تفادي أماكن التجمعات البشرية والتنظيف، وهي وسائل في اعتقادي غير قادرة بنسبة مائوية مهمة في تفادي الخطر الداهم، خاصة إذا علمنا أن التداوي والعلاج الحقيقيين إذا لم يقترنا بظروف نفسية مواتية لا يمكن يأتي بنتائج إيجابية وهذا ما أثبتته الدراسات في علم النفس حول قابلية النفس البشرية على الشفاء حينما تبلغ مرحلة من الإرتياح والإقتناع الداخلي بالعلاج بغض الطرف عن محدودية الوسيلة المستعملة، في حين أن التهويل الإعلامي والمتابعة الحثيثة للتطورات لانتشار هذا الوباء ينعكس سلبا على نفسية البشر، وأصبحت العديد من القنوات الإعلامية تعتمد اسلوب ( السبق الإعلامي) لنشر الخبر وتقديم تقارير إخبارية ولقاءات صحفية تزيد من حجم هذا الهلع والكثير من القصاصات الخبرية تضع النقط في وسط السطر، وتبقي على المشكل قاب قوسين أو أدنى من المجهول، والباب مفتوحا على مصراعيه، وحتى بعض المدعوين لتنشيط هذه اللقاءات الصحفية، لا يستوعبون دقة المرحلة ووقعها على المشاهد والمتتبع، وما تخلف هذه المعلومات من دمار شامل لحاجز المناعة الذاتية على مواجهة هذا الخطر، في الوقت الذي كان على هذه الوسائل الإعلامية أن تتفطن الى هذه النقطة الحساسة، وهخي التفريق بين نقل خبر قتلى في حرب عسكرية في منطقة ما من العالم وبين سقوط قتلى جراء مرض وبائي ينتشر عبر القارات ويهدد كل البشر في كل لحظة وحين، وبالتالي فإن طريقة التعاطي لأغلب وسائل الإعلا م لهذا الحدث الأليم لم يكن مهنيا بالمعنى الدقيق للكلمة، بقدرما أنه يساهم في تأجيج الأوضاع والرفع من منسوب الخوف الشديد كل ذلك نشدانا لنسبة المشاهدة والرفع من المتابعين، لكن على حساب سقوط ضحايا جدد وانكسار نفسية العديد من المشاهدين وهم يتشبعون بهذه الطاقات السلبية المتراكمة في غياب أية بارقة أمل لاكتشاف أدوية ناجعة لمعالجة هذه الوضعية الوبائية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح