الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعديل الدستوري المطلوب

محمد حماد

2006 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تعديل واحد في الدستور كفيل بإنجاز أكبر عملية إصلاح في تاريخ مصر، إصلاح حقيقي ليس على طريقة إصلاح جمال مبارك، إصلاح يضمن التقدم إلى أمام، وليس إصلاح الرجوع إلى الخلف من الجمهورية إلى الملكية، ومن حق الانتخاب إلى الحق في التوريث، وحتى يطمئن الرئيس الحالي، ولكي لا ينزعج الرئيس الوريث أعلن في البداية أن التعديل المطلوب لا علاقة له بصلاحيات الرئيس التي تجعل منه فرعون البلاد والعباد، ولا يقترب من المدد المفتوحة للحكم على كيف الرئيس وحسب مزاجه، ولا علاقة بالتعديل المطلوب بمنع توريث الحكم، ولا بتقليص دور السيدة الأولى في حكم البلاد، ولا يتضمن هذا التعديل الذي ندعو إليه أي إشارة إلى تثبيت أو إلغاء مبدأ أن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، ولا أن تكون من مصادر التشريع أساساً، ولا يمت تعديلنا المقترح بصلة إلى مطالب المعارضة الإصلاحية الساعية إلى تعديلات دستورية تضمن انفراجا ديموقراطيا في حكم البلاد والعباد، ولا يمس احتكار حزب الرئيس للسياسة في البلد، ولا يتناول الحق في تكوين الأحزاب ، ولا علاقة له البتة بالموضوعات السياسية ولا الحريات النقابية، ولا يقترب مما يطالب به القضاة من استقلال للقضاء، هو تعديل بسيط ربما لا يستغرق أكثر من ثلاثة أسطر في الدستور، عوضا عن كبر حجم وطول وعرض وقفا المادة 76 الشهيرة، التي لا مثيل لها (حسب ادعاءات فقهاء الدستور) في أي دستور في العالم الحر المتحضر ولا حتى في العالمين النامي والمتخلف على السواء!
أقول إن التعديل الذي نقترحه لا يغضب حاكماً، ولا يكبل حركة المحكومين، لا ينزع من حاكم صلاحية، ولا يعطي للشعب ميزة تفضيلية على حكامه، وهو إن لم ينفعهم فهو لن يضرهم، هذا التعديل الذي طال انتظاره، وأصبح واجب التضمين في دستور البلاد لابد أن ينص على أن" النفاق ممنوع ومرذول، وإن كان ولابد أن تمنح الحرية للمنافقين فيجب أن يكون على حساب المنافق ومن أمواله الخاصة، ولمرة واحدة في فترة حكم الرئيس، ويمتنع على المنافقين استخدام الوسائل العامة في النفاق، ويمتنع الحاكم عن أن يصرح بإنشاء وسيلة نفاق عامة أثناء فترة حكمه، ولا يستفيد منها إلا بعد تركه للحكم، ولا يعمل بها أثناء فترات حكمه المديد.
وبموجب هذا التعديل يمتنع على المنافقين نفاق الحاكمين بدءا من الرئيس (حفظه الله ورعاه) وانتهاء بأصغر مأمور قسم بوليس أو من مأموري مراكز الشرطة، إلا لمرة واحدة في الدورة الرئاسية الواحدة، وفي المذكرة التفسيرية يمكن أن يكتب أن هذا التعديل جاء إعمالا لمبدأ لا نفاق على حساب الشعب، وأن من يريد أن ينافق فلينافق على حسابه ومن جيبه أو من جيب أبيه إن لم يكن من ذوي المال والأعمال!
وسيتضح في مذكرة التعديل التفسيرية أن تقليل حجم النفاق الرئاسي في البلد يسمح ضمن ما يسمح بترشيد النفقات، ويحافظ ضمن ما يحافظ على أموال الشعب من أن تهدر في نفاق حكامه المنتخبين بإرادته الحرة الطليقة من كل قيد، وأن هذا النص الجديد يفتح الباب أمام محاسبة شعبية للمنافقين الذي يستغلون أموال الشعب في نفاق حكامه على حسابهم، ومن أموال الضرائب التي يكدحون على تحصيلها ويواصلون الليل مع النهار حتى لا تضطر الحكومة إلى أن تشحت عليهم من دول العالم التي لم تكن موجودة على الخريطة حين كانت مصر أم الدنيا وأبوها في الوقت نفسه!
ولا شك أن تعديل النفاق لمرة واحدة سيقلل من التزايد المضطرد في حجم النفاق العام، ويقلل من عجز الموازنة بين نفاق الحاكم والنظر في شئون المحكومين، وهو إذ يسمح للمنافقين بأن يمارسوا نفاقهم لمرة واحدة طوال المدة الرئاسية طالت أم قصرت هذه المدة أو المدد، فهو يدفع المنافقين لممارسة ادوار أخرى أكثر أهمية لمصلحة الشعب بعد أن يمتنع عليهم نفاق الحكام، وقد يدفعهم للإحساس بضرورة نفاق الشعب ولو لمرة واحدة في العمر يا ولدي!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ