الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أناقة المفردة بنكهة الجنوب قراءة في مجموعة الشاعرة فيان البغدادي {عرس البلابل}

احسان العسكري

2020 / 3 / 14
الادب والفن


الشعر الشعبي العربيّ له خصوصية التفاعل لدى المتلقي بشكل عام، فهو خطاب، ورسالة، تواصلية مع الجميع، ومفهوم لدى المتلقي العام لا الخاص النخبوي، الذي يهرب من النص الغامض المعاصر بالأدب الحديث، فالشعر الشعبي له مساحات كبرى بالمتابعة هذا مالمسته بمعظم العواصم العربية، التي حصلت على دوواين لشعراء الأدب المحلي ستكون لي قراءات لها لتعريف المتذوق العراقي بهم من خلال صفحة ثقافة الشعبية التي لها متابعيها بكل مدننا الجميلة،
يمكن للجمال ان يخلد ويمكن للروح ان تعيش للأبد حتى وان قلنا: لايمكن للشعر غالباً ان يصل الروح عبر النص مالم تكن الاخيرة مستعدة لتلقيه بعاطفة غزيرة و انتباهٍ مجرد من مراقبة وتوقّع التوهين او انعدام المتعة السمعية او البصرية، هذا الرأي ربما يعمم على الذائقة بشكل طبيعي ولكن ليس قطعياً، الشعر كما معروف هو احساس خرج بلغة او لغة إحساس نقية مزينة بالترافة و الميل الشديد للعاطفة خرجت شعراً وهذا يبدو جلياً في تأثرنا بالشعر العامي "الشعبي" و للوهلة الأولى عند اثارة مواضيع الشعر الشعبي تتجلى في مخيلة السامع او القارئ تلك القصائد العصماء الخالدة التي حاكت واقع المجتمعات العربية عموماً والعراقي خصوصاً ، فخصوصية الذائقة العراقية معقدة نوعاً ما فهي متكئة على موروث عاطفي وانساني و ابداعي غزير ولا نريد ان نذكر الاسماء الكبيرة التي و رغم مايُسمى بـ التحديث او التطوير للمفردة الشعبية واسلوب كتابة القصيدة الا ان تلك القصائد المغنٌى منها و المقروء لاتزال صاحبة السبق في مجالس الشعر والادب، والسبب يعود طبعاً لأسباب اخرى عديدة لايمكن اختصارها في مقالٍ واحد الا ان اهمها البيئة و الخبرة والامكانية و الحرفنة وقبلها الشاعر، وهنا يأتي القول الفصل فالشعر نتاج شاعر وحين نتحدث عن الاصالة و الذوق الرفيع علينا ان نقرأ لمن نتحدث عنه او عنها رغم انهم كثر و هنَّ قلة، فالشواعر اللواتي اتخذن من الشعر الشعبي الهوية الحقيقية معدودات و معروفات لدى الاوساط والنخب و ما الشهرة الا نتاج صدفة او حركة لم يكن يتوقعها صاحبها وإن خطط لذلك واجتهد وكما نؤكد دائماً ان الشهرة لا تعني الافضلية فنحن في مجتمعٍ بتنقل فيه الجاهل وسط جيش من اللحم و البارود بينما يموت العالِم وحيداً.
و لا يعتمد الشعر على جنس الشاعر بقدر ما يعتمد على النص الذي خرج به سواء كان من شاعر او شاعرة، و عن النص والشاعرة يتوقف القارئ كثيراً حينما تقع امام ناظريه جملة شعرية لـ ڤيان البغدادي.. " ذريت روحي بليل
ذرة مرواح/
بس الظنون الهابة الطشتها/
عضيت خلگي اعليك
عضة ندمان
مرت عليه الرادها بزفّتها "
هذه الشاعرة التي تمثل الامتداد الأجمل للموروث الادبي الشعبي العراقي عبر نصوصها ذات الطابع المركز على السبعيني و المتجمل بالحداثة، وبعيداً عن الثناء عليها كشاعرة مبدعة الا ان مجموعتها الاولى خرزة فوانيس كان بمثابة انعاش للمفردة الشعبية التي بدأت تتلاشى بعض الشيء في الكثير من النصوص التي عاصرتها وعاشت فترة عشق خالد جميلة لبلابل الشعر المغردة حتى اعلنت البغدادي موعد العرس العظيم، ان القارئ في هذه المجموعة الذهبية سيجد شيئاً مختلفاً متميزاً عما قرأ للبغدادي سابقاً فقد انتقلت الشاعرة في هذه المجموعة من الكلاسيكي الخفيف الى الكلاسيكي المحدث فالقارئ في ذات النص يجد نفساً سبعينيا و ثمانينيا و حديثا و حديثا جداً و محدّثا.
" غفت لمناطرك ضحكة شبابيچي
و عطش ليلي
وشرب فجري
و انا بنية جرفا مشط گذلتي الريح "
بهكذا دخول وهكذا انتقالات مكتظة بالتصوير و الاناقة ذات الطابع الريفي الأصيل استطاعت الشاعرة بحرفة عالية جداً ان توجد من جمع الاجيال الشعرية مولوداً خاصاً بها فاللقطات والصور و الاسقاطات و الانتقالات في داخل النص الواحد تأخذ منحاً متفرداً بجمالية عالية جداً ولكنها خاصة بالشاعرة، لا يمكن ان يجد القارئ لشعر البغدادي ان يقارن شعر غيرها بشعرها وهنا ليست الافضلية ولكن التخصص و الاسلوب و الهوية ؛ فمن يقرأ يجد نفسه يمشي ثم يتوقف ثم يسعى ثم يمشي ثم يتوقف ثم ينطلق.
" يكاتب
قصة العشاگ
ببرودة درابينك "
شيء بديع هكذا احساس يشعر به قارئ لشعرٍ مجمل مل قيل عنه انه "مسموع" فيمكن لكل قارئ ان يوجه نص كهذا لما يحب فهو لوطن، للحبيب، للصديق، للإنسان و المكان على حدٍ سواء ، وهنا افردت الشاعرة كل نصوصها بخبرة و حرفة وجمالية خاصة وهوية رائعة اضفت على النص روح ڤيان وشخصيتها القوية، والحرفة و الامكانية تتجلى في الامكانية الكبيرة لشاعرة جنوبية الاصل مغتربة العيش ان توصل لقارئ ما هكذا روح في نص شعري و في الحقيقة من النادر جداً ان نرى الانزياح في نص شعبي ذي نكهة سبعينية ففي عرس البلابل هذا ثمة تصفيق كثير و عزف جميل و حضور كثير و اضواء ساطعة و جمع خير من الجمال والترافة و الانوثة و الصمت والصخب و الهدوء و الصدح و الوطنية و الانسانية و كل ما يمكن ان يجتمع في حادثة عرس من هذا الطراز.
" حنيت لك
عفت انا روحي وجيت لك
دگيت بيبان العشگ
دگة طفل يرجف لمن
ناغيتلك
مرجوحة اروحن
مرة ارد
وحبال صوتي تگطعن
من اصرخ اشتاگيتلك "
اخبار العراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس


.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه




.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة


.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى




.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية