الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من وحي كورونا ...

عبد السلام الزغيبي

2020 / 3 / 16
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


قصة قصيرة....


عبد السلام الزغيبي

رجع سائق اوتوبيس النقل العام الى الموقف الرئيسي للاوتوبيسات، في غير موعده المعتاد. مدير المحطة نظر له بدهشة كبيرة، وقال له بصوت كله انفعال وغضب:، ما الذي جاء بك في هذه الوقت؟ هل هناك عطل في الاوتوبيس؟ هذا وقع حادث مروري؟ هل أصابك مكروه؟.
رد السائق بصوت خفيف: لا واحدة من هذه الاسباب سيدي المدير..
إذن مالذى جرى أخبرني بحق السماء؟ رد المدير بحنقة..
ـ لو قلت لك الحقيقة ستتهمني بالجنون، رد السائق..
ـ تكلم بسرعة وأنهي هذا الجدل العقيم والثرثرة الزائدة، عندي أشغال كثيرة ولا وقت لدي ولا أعصاب لسماع هذرك، في هذا الصباح.. أجاب المدير..
ـ سأحكي لك الحكاية من أولها سيدي المدير، وأرجوك أن تصغي جيدا إلى ما أقول،.. لقد قمت صباح هذا اليوم بجولتي المعتادة ومررت على أكثر من محطة وقوف الركاب، ولكن لا أحد أهتم وأشار إلي بالتوقف، قلت ربما الأمر صدفة،جربت في محطات كثيرة، وكانت النتيجة واحدة، لا أحد يرغب في الصعود إلى الاتوبيس، ولا أعرف ما هو السبب؟، قال السائق، وهو ينظر في عيني مدير المحطة التي تطير غضبا وشزرا..
ـ أين سهرت ليلة البارحة؟ هل أفرطت في الشراب؟، هل وضعت اللحاف فوقك جيدا؟ قال
المدير..
ـ صدقني يا سيدي المدير، هذا ما حدث معي بالتفصيل اليوم، ويمكنك التأكد من كلامي هذا وأسأل باقي سائقي أتوبيسات المواصلات العامة، رد السائق..
ـ وهل تراني فقدت عقلي؟ أم تريد أن تستهزئ بي في أخر عمري؟ رد المدير والشرر يتطاير من عينيه..
ـ يمكنني الاتصال أنا سيدي بأحد زملاء العمل من السائقين وأترك له مهمة تأكيد الخبر.. أجاب السائق الذي غلبته الحيلة في توصيل المعلومة للمدير..
ـ أنا موافق على اقتراحك، لكن بشرط واحد، لو تأكد عكس هذا الكلام الذي تقوله، سيكون هذا أخر يوم عمل لك، رد المدير..
ـ موافق يا سيدي، دعني أقوم بالمهمة، رد السائق.
أجرى السائق المكالمة ونقل الخبر للمدير، الذي صعق مما سمع، وأرتمى على كرسيه الوثير داخل المكتب، وبدأ يكلم نفسه بصوت مسموع، ما هاذا الذي يحدث؟ الركاب يضربون عن صعود الاوتوبيسات، هذا إضراب عكسي، أول مرة أسمع به.
التقط المدير أنفاسه من هول الخبر الصدمة، ثم بدأ في إجراء الاتصالات التلفونية العاجلة مع مسؤوله المباشر، ليبلغه بما حدث، وبدوره أتصل المسؤول المباشر بمدير شركة المواصلات العامة، الذي اجتمع مع مساعديه، وحول الامر الى وكيل الوزارة، الذي لم يصدق الامر في البداية، ونقل الموضوع بسرعة للوزير المختص، الذي طلب بعق إجتماع عاجل وهام،مع المختصين ومدراء الأقسام، لبحث تداعيات الأ مر، والخسائر المتوقعة ماديا واجتماعيا،
وبمجرد الانتهاء من الاجتماع عقد الوزير مؤتمر صحفي دعيت له كل وسائل الأعلام المحلية والعالمية لتوضيح القصة، وأنتشر الخبر وتناقلته وكالات الأنباء، باعتباره حادثا فريدا غريبا من نوعه..
واستغلت النقابات العمالية والاحزاب المعارضة، اليسارية واليمينية، والمنظمات غير الحكومية، الحادث وصورته باعتباره فشلا ذريعا للحكومة، ولاظهار اهتمامها بمشاكل الناس وقضايا الشعب.
وطلب رئيس الوزراء عقد اجتماع طارئ وعاجل لتدارس الموضوع وتأثيره السلبي على الدولة، وأمكانية امتداده لباقي القطاعات الحيوية الحكومية، وجرت المناقشات في أجواء مشحونة للغاية، واقترح وزير الداخلية إعلان حالة الطوارئ في البلاد، ونبه الى خطورة الوضع، وأشار وزير الاعلام الى أمكانية وجود مؤامرة دولية لتخريب البلاد وزعزعة الامن فيها. والمح الى امكانية تطور الامر الى إعلان العصيان المدني من بعض قطاعات الشعب، والمح وزير الامن العام الى خطورة الوضع الراهن والخوف من قيام الجماهير باحتلال مبنى البرلمان والوزارات السيادية. واشتعل النقاش،وتخوف أحد الوزراء الى ان يتطور الامر الى رفض الناس اطاعة أوامر رجال الشرطة.

وعلق وزير الداخلية قائلا: غدا سيتطور الامر والشعب يتمرد ويمكن ان يرفض دفع فواتير الكهرباء والمياه والهاتف.

وأحتد النقاش وقال رئيس الوزراء، إذا حصل كل هذا الذي تقولونه، فان هيبة الدولة تنهار، وسلطتنا تضيع، وكيف أستطيع التحكم في الناس بعد ذلك؟ وماذا ستكون وظيفتي بعد اليوم؟
أتركونا من كل هذه السيناريوهات السوداء، فقط أريد من كل واحد منكم أن يقدم اقتراحا سريعا لحل المعضلة، فالوقت يداهمنا،ولا يعمل لصالحنا، ونحن الآن في منتصف الليل.
هنا أتصل رئيس المخابرات العامة، الذي كان مجتمعا مع وزير الدفاع ورئيس الاركان وقادة الجيش، وطمئن رئيس الوزراء بأن الامور تحت السيطرة،، ووجب حضوره عاجلا إلى الاجتماع...
رئيس الوزراء، شك في أمر المكالمة، ومن طلب الحضور في منتصف الليل، وعندما تأكد من مصادره الخاصة، أن هناك شئ ما يدبر ضده، وإن هؤلاء الكبار لا يجتمعون إلا على مصيبة، طلب من مساعديه ومستشاريه أن ينظموا له اجتماع جماهيري حاشد ليخطب في الناس، ويستمع إلى مطالبهم، وبالفعل تم تنظيم الاجتماع، ووقف أحد المواطنين - وكان ملما بالامور المالية والاقتصادية للبلد- ، وقال للرئيس: قبل أن تبدأ في كلمتك وتبحث عن أعذار
دعني أوجز لك الأمر في دقائق: قضيتنا الأساسية ليست المواصلات العامة، لكن هذا كان نوع من الاحتجاج الصامت لكي تنتبه حكومتنا الموقرة لامور أكبر وأهم من هذا بكثير..
وواصل المواطن كلمته: في كل مرة تكثر الوعود ، لكن الأمور تظل على حالها إن لم تكن أسوأ من السابق، بل ازدادت الصعوبات والأزمات، وأزداد تردي البلد في كل النواحي، ولم ير المواطن أو يلمس أي مؤشرات أو بوادر للإصلاح. وزد على ذلك إنكم تعيشون في عالم أخر ولا تدرون بما يحدث حولكم في البلدان الاخرى، وهو شيئ سيهلككم أنتم الاول قبل أن يهلكنا نحن، لإننا لا نملك شيئ نخسره بعد الان..
إنه فيروس قاتل، يا سيادة رئيس الوزراء، ظهر أخيرا وإسمه " كورونا" يحاصرنا من كل البلدان المجاورة، وأنت وأعضاء حكومتك وحاشيتك ومستشاريك الغارقين في الفساد، لا تدرون عن أمره شيئ...
غدا أنت وأعضاء حكومتك ستكونون محبوسين في الحجر الصحي خائفين من العدوى ، لكن لا أحد يستطيع إنقاذكم من الفيروس اللعين.
بهت الرئيس وتعجب من كلام المواطن العالم ببواطن الامور، ومال نحو أحد مرافقيه يسأله،عن صحة هذه الانباء..
المسؤول الكبير،أكد له صحة كلام المواطن، وقال: نحن أخفينا عنك أمر الفيروس، لأنك سيدي، كنت مشغولا بفرح أبنك الوحيد، ولم نرد أن نعكر مزاجك بمثل هذه الاخبار السيئة، لكن تأكد أن كل الامور تحت السيطرة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث وسط الضباب.. إليكم ما نعرفه حتى الآن عن تحطم مروح


.. استنفار في إيران بحثا عن رئيسي.. حياة الرئيس ووزير الخارجية




.. جهود أميركية لاتمام تطبيع السعودية وإسرائيل في إطار اتفاق اس


.. التلفزيون الإيراني: سقوط طائرة الرئيس الإيراني ناجم عن سوء ا




.. الباحث في مركز الإمارات للسياسات محمد زغول: إيران تواجه أزمة