الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورونا و الازمة الاقتصادية العالمية

خالد قنوت

2020 / 3 / 17
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


من مقولة ديكارت "أنا أشك, فأنا موجود" فلنا أن نشك بكل شيء يحدث حولنا حتى ندرك الحقيقة أو أن نكون قريبين منها وعدم الاكتفاء بأن تهبط علينا الاخبار عبر وسائل اعلامية عالمية غير بريئة بالمطلق و دون أن نغوص في نظريات المؤامرات و القوى العالمية الخفية التي نستسهل بها عجزنا و قلة حيلتنا فيما يحدث و يصيب حياتنا بالمصائب و الكوارث.
كل المؤشرات و الدراسات الاقتصادية التي انتشرت خلال السنة الماضية على الاقل, كانت تتحدث عن الازمة الاقتصادية العالمية القادمة سنة 2020 و أن هذه الازمة طبيعية و منطقية حسب الدورة الاقتصادية العالمية التي ابتدعتها الراسمالية العالمية على مدار أكثر من قرن من الزمن و مركزها القوي جداً في وول ستريت في الولايات المتحدة الامريكية.
هي ليست الاولى و لن تكون الاخيرة فقد حدثت في اعوام عديدة على مدار مئة عام على الشكل التالي: الذعر المصرفي الأمريكي 1907, الكساد العظيم 1929, انهيار 1962, الأثنين الاسود 1987, انهيار 1997, أزمة 2001, انهيار 2008, اجتياح 2015 تأخذ الازمة الاقتصادية شكل هبوط حاد في مؤشرات البورصة و كساد و هبوط في معدلات النمو... و من المعروف أن صغار المساهمين هم من يكونون ضحايا تلك الانهيارات بينما القوى الاقتصادية الكبرى تكون متأهبة و مستعدة لكل الاحتمالات فغالباً ما تجني هي الارباح الهائلة أو تنجو بنفسها.
لو فرضنا أننا جميعاً كنا على علم مسبق بما سيحدث من ازمة اقتصادية آن أوانها و أننا و كرد فعل طبيعي سننحني للعاصفة حتى تمر بأقل الخسائر حيث بحقيقة الامر أن معظمنا لا يملكون قدرات الصمود طويلاً أمامها فنخرج مطالبين بحماية دولنا و حكوماتنا لنا و بمساعدتنا على النجاة و التوازن لاحقاً.
لكن قدوم الازمة الاقتصادية الكبيرة هذه السنة ترافق مع اجتياح العالم وباء كورونا و بكل هذه البروماغندا الاعلامية المهولة و كأنها تعمل بماكينة واحدة كي تمرر اثار الازمة الاقتصادية العالمية دون أن نشعر بها و إن شعرنا بها فلن نقدر على التحرك الطبيعي بحركات جماهيرية مطلبية بالحماية و المساعدة فقد تحول الوباء الكوروني الى أحكام قاطعة بحظر التجول في معظم دول العالم و خاصة المتقدمة منها و التي تتمتع بقدر من الحرية في التظاهر و التصعيد السلمي المدني, مع أن كل الابحاث العلمية المتوافرة حتى اليوم تقدر أن الوباء سريع الانتشار لكنه ليس ممت إلا في حالات المصابين و لهم سجل مرضي تنفسي أو من متقدمي العمر.
الانسان عدو ما يجهل و بسبب الغموض و تواضع المعلومات عن وباء كورونا و المسمى طبياً ( COVID-19) يصاب البشر بنوع من الهستريات تتمثل بالنزوع للانزواء و الابتعاد عن الاخرين و تفكك العلاقات الاجتماعية و حالة جنون حقيقي في شراء كميات هائلة من المواد الغذائية و المنتوجات الصحية و وسائل التنظيف بالتأكيد سيتبعها جنون الحصول على منتوجات لم تكن ذات أهمية كبيرة بحياتنا حتى نصل ليوم تخرج علينا شركات الأدوية العالمية باكتشاف مصل أو لقاح ضد كورونا فنتوجه كقطعان هائجة لشراء سر الحياة الجديد.
أعتقد, أنه من خلال الازمة المزدوجة الحالية هناك تزاوج مصلحي قد حصل بين عتات الازمات الاقتصادية العالمية مع أصحاب شركات عابرة للقارات من شركات انتاج المواد الاستهلاكية و شركات الادوية و ربما شركات أخرى لا نعرفها اليوم تلعب دورالمتلقي المستفيد من كل ازمة أو حدث في هذا العالم كي تستفيد منه في جني المكاسب و الارباح و لكن بالتأكيد لا تلعب دور الألهة هنا التي تخلق الازمة كما يرواد الكثيرين منا, و هنا يمكن أن نسقط هذه القراءة على استفادة القوى السياسية العالمية و شركات السلاح من كل الازمات السياسية في العالم, بالنتيجة تكون الشعوب و الافراد هم ضحايا: جسدياً و مالياً و معنوياً فيفقدون قدرتهم على المحاكمة العقلية و التفكير في اسباب و نتائج ازمات هم وقودها.
نقطة أخرى, و ربما تكون سوداوية بعض الشيء, أننا نعيش زمن زواج لاجنسي لقادة سياسيين عالميين ذوي خلفيات اقتصادية مافوية من فاقدي القيم و المبادئ لا يتوانون عن إيصال البشرية و العالم إلى حالة الفناء في سبيل تحقيق مكاسبهم الشخصية و الانتخابية السلطوية فتتحقق بذلك ثنائية توحش رأس المال و اسستلام ضحاياهم لوهم القوى الخارقة الماورائية التي تتحكم بالعالم و ما على قطعان الضحايا سوى الاصطفاف على بوابات المذابح في انتظار خلاصها.
كورونا ليس أول وباء يجتاح العالم و لن يكون الأخير و كذلك الازمات الاقتصادية و ترافقهما اليوم قد يثير الكثير من الأسئلة و قد لا نستطيع الاجابة عليها و لكننا كمجتمعات و كأفراد ملزمون بأن نستهلك عقولنا في التفكير بما يحدث و التحضير لما هو قادم بشكل علمي و منطقي و أن نساهم في بناء استراتيجيات وطنية و فردية تحولنا من كوننا ضحايا الى مشاركين في تقاسم الارباح أو على الاقل أن لا تصيبنا العاصفة بمقتل أو بشلل طويل الامد, يتمثل هذا التحضير في بناء الاقتصاديات التعددية المتنوعة المصادر تتحكم بها مراكز بحوث علمية واجتماعية و اقتصادية بمعنى آخر بناء قاعدة علمية بعشر ميزانية ما تقدمه حكومات العالم الثالث من عطايا لبناء مراكز العبادة الفخمة و المولات الاستهلاكية و المركز الاعلامية التافهة و القصور الثقافية السلطوية المحطمة للعقول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا