الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة الكورونا على الإعلام

مضاء رشد الباي

2020 / 3 / 17
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


تتلوّن صورة الإنسان من لحظة إلى أخرى بل من دقيقة إلى أخرى وهذا التلوّن لم يكن يوما تلقائيا أو عيبا خلقيا بل لأن وجوهنا وحواسنا وأفكارنا وتأويلاتنا ونظرتنا للحياة هي مجرّد إسقاطات فرضها علينا مقدّم الأخبار في التليفزيون أولما قرأناه على الفايسبوك. ملامحنا وتصرفاتنا لم تعد ملكنا ولم نعد أحرارا في العيش بل أصبحنا مجرّد انعكاسات فكرية لتوجهات تحريرية لقنوات تشتري الذكاء بالغباء وتشتري المضحك بالمفزع وتمهل ما تريد نشره وتهمل مالا تريد نشره.
اليوم يعيش العالم تحت رعب الكورونا. فيروس أخاف الكبير والصغير وأدّى إلى حجر العالم فدخلت الشعوب في الانعزال وفي تقديس العزلة ووسيلة ترفيهها الوحيدة التليفزيون أو شبكات الاتصال الاجتماعي، السؤال المرعب والمطروح هل أن التلفاز أو الفايسبوك وسيلتا ترفيه ووسيلتا إعلام؟ للإجابة على السؤال علينا النظر إلى حالة الهلع والخوف في حضرة الكورونا فذكرها أصبح شبيه بذكر الشيطان ولكن سياسات الانعزال والنظافة لم تأت من فراغ فتركيز وسائل الإعلام عن عدد الوفيات المتجاوز لستة ألاف أصبح أهمّ من عدد المتعافين من الفيروس. يستغل الإعلام الكوارث الإنسانية ليقدّم الخبر المهم على حساب الخبر الأهم ففي كل لحظة تفتح وسيلة إعلام تصاب بوابل من المعلومات المخيفة و المتكررة و تصيبك رسائل الحكومات بتوديع أحبائكم و الخوف على مستقبل العالم و مستقبل أبنائكم و زوجاتكم لتنتقل كلمات السياسيين إلى علامات سماوية غيبية تعادي ما نعيشه من تسلط الليبرالية على الفقراء و المهمشين فهدف المرض هو حكمة الإلهية أولها تشبيب المجتمعات و ثانيا غضب الرب من الإنسان و قد تكون هذا الوباء سببا في انقراض الإنسان مثل الديناصورات و أيضا يطلب منا الرب العودة للدين و الابتعاد عن الحياة المادية لذلك يطلب منا الإعلام المكوث في المنازل و الاستمرار في الدعاء من أجل أن ينقذنا الإله فهذه الرسالة هي رسالة ربانية أرادت إيقاف الحروب و الظلمات و المأسي التي تعيشها الإنسانية و فجأة تتغير الصورة لتجد برنامجا صحيا يتحدث عن الكورونا أسبابها و طرق الوقاية ثم تفتح قناة رياضية فتجد برنامجا يتحدث عن إصابة عدد من لاعبي الدوري الإيطالي بالكورونا و تداعيات إيقاف الدوريات على الكرة العالمية . قنوات الأخبار كلها إحصائيات وارتفاع للضحايا وللمصابين والأخبار العاجلة تأتي في كل لحظة وتغافلت عن الحروب في العالم وعن الأزمات السياسية والاقتصادية وعن مشاكل الشرق الأوسط وعن الصراعات النووية وعن المجاعة في اليمن وتنزل راكعة ساجدة أمام عظمة الكورونا التي لا تشكل خطرا أكثر من الإنفلونزا الموسمية.
كل القنوات تتحدث عن الفيروس وتاريخه من وجهة نظرها ومن الزاوية التي تتماشى وخطها التحريري والمالي ولكن يظن الناس أن وسائل الإعلام تدعوه للوقاية وهذا الظن في محلّه ولكنه منقوص فالإعلام سبب الذعر للناس والخوف رغم حمله لمضامين إعلامية تهدف إلى عدم الخوف لكن الصورة انقلبت وحارس البوابة يعطي أخباره كطبق ملغّم وفيروس الكورونا أصبح يعيش من الإعلام ويقتات من الذعر والاخبار الزائفة التي بدأت بشكل وبأخر تبرز لنا الصورة الوحشية اللاإنسانية.
الضعف سمة إنسان القرن الواحد والعشرين لأنه يمتاز بفقدانه لهوية فكرية واضحة، فيروس شلّ العالم فجأة وأرهب الناس أكثر من الإرهاب فالصورة التي نراها تذكرنا بقصص الأبوكاليبس ونهاية العالم ولكن هذه القصص المرعبة أدخلها الإعلام إلى لا وعينا لأنه قدّم لنا أنصاف الحقائق فقام بهرسلة الافكار وعوض أن يزيح الجهل ألبس عقولنا كمامات لنكون في حجر صحي وذهني..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -