الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحبُّ في زمن الكورونا… اسألوا أهلَ الذِّكر

فاطمة ناعوت

2020 / 3 / 18
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


لستُ أظنُّ أن قارئًا ينتظرُ منّي نصائحَ وإرشاداتٍ وحِكمًا، مما تعجُّ بها أروقةُ سوشيال ميديا من وصفاتٍ؛ قليلُها علميٌّ وكثيرُها افتكاسات بلهاء؛ في شأن ڤيروس كورونا الغاشم، الذي يجوبُ أرجاءَ الكوكب يحصدُ الأرواحَ بعماء، وعداءٍ غيرَ مبرّر. فالعلماءُ من البيولوجيين والفارماكولوجيين والكميائيين، والأطباءُ ومنظمةُ الصحة العالمية ووزارة الصحة المصرية، وكذلك الإعلامُ الجادُّ الذي تمثّله الآن "القناةُ الأولى المصرية"، قد قاموا ويقومون بذلك على خير وجه. وكذلك زملاءُ من كُتّاب الرأي في الصحف قد أدلوا بدلائهم في هذا الصدد. والحقُّ أنني أقفُ في نهاية طابور من يحاولون الافتئات على أهل العلم والتخصُّص في شأن مواجهة الڤيروس وقائيًّا أو علاجيًّا، أو إداريًّا؛ مثلما يفعلُ (الفذالكة) على مواقع التواصل، ولستُ منهم. الأجملُ والأرقى هو ترك "مواجهة هذا الڤيروس" لأهل العلم، وترك "إدارة هذه المحنة" لأهل الإدراة. ذاك أن كلا الفريقين الآن هُم: "أهلُ الذِّكر" في مجال "العلم" و"الإدراة"، الذين علّمنا الُله في كتابه الحكيم أن نسألهم في شؤون تخصصاتهم حين لا نعلم. ونحن "العوامَّ" بالتأكيد لا نعلم شأنَ الڤيروسات المستجدّة الغامضة والمرض بها والشفاء منها، مثلما لا نعلمُ نحن العوامَّ "علمَ إدارة الإزمات". فلنتركْ فنَّ الإدارة لأهل الإدارة، وهي الدولة المصرية؛ التي تديرُ المحنةَ بحكمة وهدوء وعلمية واحترافية، ونلتفتُ لدورنا المهم في حماية أبنائنا وأنفسنا والوطن، بتنفيذ قرارات الحكومة المصرية والنصائح الوقائية التي يبثّها التليفزيونُ الرسمي نقلا عن وزارة الصحة المصرية، ومنظمة الصحة العالمية، وفقط، وفقط، وفقط.
ما تقدَّمَ من المقال، يشرحُ الشَّطر الثاني من عنوان المقال، والمشتقَّ من الآية الكريمة: “فاسألوا أهلَ الذِّكر إن كنتم لا تعلمون.” وأكررُ: أن أهلَ الذِّكر في شأن "مواجهة كورونا" هم: علماءُ العقاقير والأحياء والأطباء ووزارة الصحة، وفقط؛ وأن أهلَ الذِّكر في شأن "إدارة محنة كورونا" هم: الرئاسة والحكومة المصرية بجميع تخصصاتها، وفقط.
أما شَطرُ العنوان الأول: “الحبُّ في زمن الكورونا"، فـ له ما تبقّى من المقال. في البَدء أشكرُ الروائي الكولومبي الجميل "جابرييل جارسيا ماركيز"، لاستعارتي عنوانَ روايته الفاتنة: "الحبُّ في زمن الكوليرا"، بتصرُّف.
ثمّة شيءٌ هائلٌ اسمُه "الحبُّ"، يحملُ في جُعبته أضعافَ الأضعاف مما يبدو عليه الحَرفانِ النحيلان اللذان يكوّنان اسمَه. الحبُّ: مسؤوليةٌ وحكمةٌ وروئ وذكاءٌ وقراراتٌ مصيرية، ثم حُسن إدارة في تنفيذ تلك القرارات المصيرية. أولى مهامِّ الحاكم تجاه رعايا وطنه، هو الحبُّ. وقد منحنا اللهُ حاكمًا أحبَّ شعبَه، وشعر بالمسؤولية الحقيقية تجاهه؛ فكان سلسالُ مفردات الحب التي ذكرناها. قرارُ تعليق الدراسة أسبوعين في المدارس والجامعات، التي يمثّل طلابها ربعَ تعداد المصريين. قرارٌ محبٌّ وخطيرٌ وصعب، لكنه حتميٌّ؛ لا سيّما بعد ظهور حالات إيجابية حاملة الفيروس بين أبنائنا الطلاب في المدارس وأولياء أمورهم. والقرارُ الخطير لابد أن تستتبعُه مسؤوليةٌ وحكمة. وتجلَّتِ المسؤوليةُ والحكمةُ في تعويض الدراسة فوق مقاعد المدارس بالدراسة أونلاين في مواقع دشّنتها قبل عامين وزارةُ التعليم المحترمة، برعاية الوزير الفائق د. طارق شوقي. وحان موعدُ قطف ثمارها، في تزامن قَدَريّ جميل مع محنة الكورونا، التي أوشكت أن تغدو وباءً عالميًّا، نسألُ اللهَ أن يُنجّي منه كوكبَ الأرض. وجب الشكرُ للرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء م. مصطفى مدبولي، وكافة الوزارات التي تضافرت جهودها لمواجهة الموقف الصعب. نشكرُ القناة الأولى الجادّة التي تنشرُ الوعيعلى مدار الساعة لتجنّب ومواجهة كورونا، والتحذير من التجمعات غير الضرورية في المقاهي والطرقات. نشكرُ الأزهرَ الشريف الذي لبّى قرار الحكومة بإغلاق الأضرحة طوال مدة تعليق الدراسة. نشكرُ دار الإفتاء المصرية، والكنيسة المصرية، اللتين أجازتا للناس الصلاة في المنازل عوضًا عن المساجد والكنائس؛ للحدّ من التزاحم وانتشار العدوى. نشكرُ وزارة الصحة المصرية التي تبثُّ تطوّر انتشار حالات الإصابة بمنتهى الشفافية، ثم التعقيب بالفرز بين الإيجابي منها والسلبي، وكذلك الحالات الناجية المستجيبة للعلاج. نشكرُ كل طبيب وطبيبة يباشرون الحالات المصابة في الحجر الصحي كجنود جسورين يجازفون بحياتهم من أجل المرضى. نشكرُ د. هالة زايد، وزيرة الصحة التي سافرت إلى الصين كمقاتلة في الجيش المصري المدنى، للوقوف على أحدث ما وصل إليه علماءُ الصين لمواجهة الغول الكوروني.
وفي الأخير نشكرُ كلَّ مواطن واعٍ من شعب مصرَ يساعدُ ولا يهدم. يُقدِّر ولا يُسفِّه. يشكرُ ولا يُهين جهودَ الجادين في جميع المؤسسات المصرية التي تصلُ الليلَ بالنهار حتى ننجو من الويل، وينجو الوطن. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تواصل التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في لبنان • فرانس 24


.. هاريس تلتقي ممثلين للأمريكيين من أصول عربية بميشيغان لإقناعه




.. أم فلسطينية: لا أستطيع أن أخبر ابنتي عن بتر رجليها


.. تجدد الغارات على ضاحية بيروت الجنوبية والقسام تنعى أحد قادته




.. تجدد الغارات على ضاحية بيروت