الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


CORONA VIRS... والاعتصام بالبيت...

غسان صابور

2020 / 3 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


CORONAVIRUS
والاعتصام بالبيت...

أريد أن ابدأ كلماتي عن هذا الموضوع... وباء الكورونافيروس.. وأوامر الحكومة الفرنسية بالاعتصام ببيوتنا لمدة خمسة عشر يوم.. كمحاولة أولى ضرورية لحصر هذه الكارثة العالم.. والتي لم تستثن.. حتى صباح هذا اليوم.. حسب معلومات منظمة الصحة العالمية.. أية دولة بالعالم... أريد.. أرغب.. أريد وأرغب أن أوجه كل تقديري وإعجابي واحترامي.. للعاملين بالمستشفيات الفرنسية العامة والخاصة.. من أطباء اختصاصيين وغير اختصاصيين وممرضات وممرضين ومساعدات عناية ومساعدين.. وجميع من يعتنون بالوقاية والحماية والنظافة العامة الدائمة... لأنهم بهذه المعركة العالمية بلا حدود.. بالصفوف الأولى... وأرفع قبعتي بخشوع لكل من أصيب منهم بهذا المرض الفتاك.. لاحتكاكهم بالمرضى... رغم الوقاية.. وحتى بلا وقاية...
ومن اللافت للنظر.. أن الحكومة الفرنسية.. منذ شهرين.. عالجت هذه النكبة الرهيبة.. بحسابات اقتصادية وسياسية.. رغم إنذارات الاختصاصيين.. عندما بدأت مظاهر المرض.. تتفجر منطلقة من الصين الواسعة.. والمليار وأربعمئة مليون من سكانها... حيث انتشرت بإحدى مناطقها الصناعية والغذائية الهامة آلاف وآلاف الإصابات يوميا... مما اضطرت الحكومة المركزية.. لحجر مدن بكاملها... وإغلاق آلاف المؤسسات والمصانع.. والمدارس والجامعات.. بتنظيمات حديدية صارمة... وعلى ما يبدو.. أن الكورونافيروس أو حتى COVID – 19 بدأت تحجر وتحجز.. آملة حجر التقدم والاتساع...
لذلك الأمر.. بدأت فرنسا.. تأمر بالحجز اعتبارا من يوم البارحة... بعد أن سمحت الأحد الماضي بإجراء الدورة الأولى من الانتخابات البلدية.. مع مزيد من الاحتياطات الوقائية.. وفي المساء نفسه أمرت بإغلاق الحضانات والمدارس والجامعات والمطاعم والمقاهي.. وعديد من المؤسسات الرسمية والحكومية التي تستقبل الجماهير.. وبنفس الوقت خصصت خمسة وأربعين مليار أورو لدعم الفراغات والخسائر الاقتصادية الناتجة من التعطيل عن العمل وخسائر الشركات.. بالإضافة إلى فتح قنوات دعم لسد جميع حاجات المستشفيات... حتى أن الرئيس ماكرون بخطابه الموجه للشعب الفرنسي.. أن فرنسا وأوروبا بحالة حرب.. سبعة عشر مرة بخطابه الذي استهلك سبعة وعشرين دقيقة... ولكن التعليقات السياسية البارحة وهذا الصباح... كانت انتقادية.. قاسية.. ضد تأخر الحكومة وردات فعلها الحسابية والسياسية.. حتى أن بعض المعلقين السياسيين.. على بعض المحطات الصباحية.. طالبوا بضرورة محاسبة.. حتى استعمال " مقاضاة " الحكومة.. بمحكمة العدل التي تقاضي الرسميين من الدولة.. حتى بعد ربع قرن من الزمن.. بسبب أخطاء سياسية وإدارية... لهذا السبب فتحت الدولة الفرنسية بسرعة خمسة و أربعين مليار.. كدفعة أولى عاجلة.. لتهدئة عواصف الانتقادات.. ومظاهر حالة الحرب.. لاعتصام الفرنسيين.. غالب الفرنسيين ببيوتهم... حيث لا يمكن للمواطنة أو المواطن الخروج من بيته.. سوى للالتحاق بعمل مصرح ضروري.. مراجعة طبيب.. شراء حاجات غذائية أو مواد طبية ضرورية.. أو التحرك ضمن شارعه.. منفردا دون الاقتراب من أي كان.. لممارسة فترة رياضة قصيرة.. أو إخراج كلبه.. مرفقين دوما بالتصريح المعلن من وزارة الداخلية.. مع هويته... وذلك ما بين الساعة السادسة صباحا.. والساعة الثانية عشر ظهرا... والمخالفون يتعرضون لمخالفة قيمتها اليوم تمانية وثلاثون أورو... سوف تتضاعف بالأيام القادمة عدة مرات وأكثر...
كما حصلت هجرات عديدة بواسطة القطارات التي ما زالت تعمل.. والتي سوف تتضاءل تحركاتها.. وتلغى تدريجيا.. هجرات عائلات تعيش بالعاصمة باريس والمدن الكبرى.. ببيوت محدودة المربعات.. مع أطفال.. باتجاه عائلاتهم أو إلى بيوت عطلة كبيرة بمدن صغيرة أو قرى بعيدة.. حيث يمكنها الاعتصام.. كل الفترات التي تفرضها الحكومة.. وأعداد هذه العائلات بمئات الآلاف.. وقد يتزايد ويتكاثر.. مذكرا بذكريات بدايات الحرب العالمية الثانية التعيسة... وتحركاتها الهجرية...
فــرنــســا اليوم.. وحتى أوروبا.. تعيش أياما صعبة.. أياما ضيقة.. مرعبة... ورغم أنها من الجهة الاقتصادية لا تنقص أي شـيء.. ولكن كلمات اعتصام.. وحرب.. دفعت ملايين البشر للمخازن الكبرى متشاجرة على مواد الغسيل والصابون والمعكرونة والطحين والزيت والسمن والسكر وأنواع اللحوم والجامبون.. وأنواع المحارم الورقية المختلفة... وكل ما كانت تحرم منها أيام الحرب العالمية الثانية... لو تروا أفراد عائلة واحدة.. كل واحد يجر عربة مليئة متروسة بمادة أو مادتين.. كأنما هناك فقدان كامل لكل شيء... خلال سنوات صعبة من الحرمان... رغم نداءات الدولة.. أن الشركات والمصانع.. سوف تعمل.. وشاحناتها سوف تزود بلا انقطاع أربعة وعشرين ساعة.. على أربعة وعشرين ساعة... الخوف ولد فوضى.. كأيام الحرب... لهذا شدد العديد من المعلقين.. حتى الموظفين الموالين للسلطة.. على كلمة " حـــرب " التي استعملها إيمانويل ماكرون.. بخطابه البارحة.. رغم براعته التمثيلية واللعب باللهجة والحركات والكلمات... مخازن ضخمة.. فارغة كليا من غالب موادها الغذائية والحاجاتية.. بعد ساعة أو ساعتين.. من افتتاحها صباحا... هذه المخازن التي سوف تستخدم بأوقات الإغلاق آلافا من الطلاب الذين أغلقت جامعاتهم.. وبعض العاطلين عن العمل.. لإعادة تخزين هذه المخازن التي فتحت لها.. فتحت لها الدولة كل التسهيلات و المسموحات الانتقالية والشحن.. للعمل مساء.. وتموين كل ما تحتاجه من مواد غذائية واستهلاكية.. من ألاف مبيعاتها... وقد صرح رئيس نقابة أصحاب "الــمــولات" المعروفة.. أن هذه المخازن كان دخلها بساعات قليلة من بيعها بيوم واحد.. بفترة هذه الأزمة.. تجاوز رقم مبيعات افتتاح الستة عشر ساعة باليوم الذي سبق عيد الميلاد.. ثلاثة أو أربعة أضعاف.. بجميع مخازنهم الفرنسية.. واعترف أنه جنون شــرائـي... ولكنه مع زملائه.. لم يبد أية محاولة لتهدئة هذا الجنون الشعبي الجماهيري...
هذا الاعتصام.. أو حرب الـCORONAVIRUS أو COVID-19 مشكلة اجتماعية واسعة من مجموعة التناقضات Les Paradoxes الفرنسية المتعددة الواسعة.. والموجودة بحياة وجــيــنــات الشعب الفرنسي.. والتي أتابع لذة وعمق أسبابها.. ودراستها... والتي تزيد من ولهي وحبي وتساؤلاتي لهذا الشعب وهذا البلد... ولا يمكن أن أغيره لقاء الجنة...
أنا واثق أن حكام هذا البلد وسياسيوه وحكامه وحلقاتهم.. ومعارضيه.. وتجاره ومحترفي الحروب والأزمات.. سوف يجمدون خلافاتهم الظاهرة والخفية.. ويتشاركون بمعركة محاربة الكورونافيروس.. لأنهم دائما يتشاركون ظواهر الأزمات والحروب والانتصارات... وكل منهم.. عندما تنتهي الأزمة.. بعد أشهر أو سنوات.. سوف يعود وراء متاريسه.. معلنا أنه صاحب الانتصار... وفي المساء يجتمع الجميع.. جميع الأحزاب وتجار ومليارديرية الإعلام والسياسية.. على مائدة عامرة واحدة.. ويشربون أطيب وأغلى شامبانيا معا... وتعود السياسة.. وتعود المصالح... وقرع الطبول... كــالــعــادة... وتعود شعوب الغلابة.. لعادات فقرها اليومية المعتادة...
**************
عــلــى الــهــامــش :
ــ صــفــر إصــابــات... صــفــر أمــوات...
اتابع لائحة منظمة الصحة العالمية O M S اليومية عن الكورونافيروس.. وكوفيد 19... واعداد ضحاياها من مصابين أو من أموات... والدولة التي أتساءل عنها واهتم بها.. بعد فرنسا.. هي بلد مولدي ســوريـا... أتابع التسلسل الأبجدي لأسماء الدول بحرف "الـ S" ســـوريــا... وأرى دوما.. لا شيء.. يعني صفر مصاب.. وصفر ميت... عجيب غريب…إذ لا يوجد أي بلد بالعالم اليوم.. لا توجد به أية إصابة... فكان أن اتصلت بصديق لي يعمل بمركز هذه المنظمة بالعاصمة السويسرية جنيف.. وسألته طالبا تفسيرا وتأكيدا لغياب أو عدم وجود أية إصابة "هـــنـــاك".. فضحك صديقي.. رغم مأساة الجواب.. لأنه استغرب غبائي.. وأنا "الحشري" المهتم بأنباء وسياسات غالب حكومات العالم.. وأتاني جوابه البارد قائلا... يا صديقي.. غياب هذه المعلومة.. لا يعني حقيقة غياب الإصابات... إنما أنه لا توجد لدينا أية معلومات "مباشرة" من وزارة الصحة السورية... صمت تام... وعتمة تــامــة...
كم أخافني هذا الجواب.. وقضيت كل هذا الصباح بكلمات هاتفية.. مع "الــبــلــد" وأتاني الجواب الأكيد عن الخوف المنتشر ــ هناك ــ كما يوجد اليوم بأي بلد بالعالم... مع الفارق الرهيب... أن مرضا بسيطا عاديا.. يمكن أن يهلك المريض الفقير.. نظرا لغلاء المعيشة.. وفقدان الخدمات الطبية الواسعة...
خوفي على كل المواطنين هناك.. إذ بعد حرب آثمة خبيثة مجرمة ضد هذا البلد من عشرة سنوات... سوف يضاف لخوفهم وآلامهم وأتعابهم.. نــكــبــات ومــصــائــب الــكــورونــافــيــروس.. واستحالة وصعوبات العلاج.. وعتماتها الإضافية!!!...
بــــالانــــتــــظــــار...
غـسـان صـــابـــور ــ لـيـون فـــرنـــســـا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا