الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيزوفرينيا الديموقراطية في ربوع مزرعة الأسد

كرم خليل

2020 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


نصف قرن، تلك السنوات العجاف من حكم آل الأسد الأب ومن خلفه الابن، الذي حوّل ذلك البلد الشرق أوسطي والغني بحضاراته وثقافاته إلى مزرعة خاصة به، فقوانين الغاب باتت تسري على جميع مؤسساته، انطلاقاً من توريث الحكم وصولاً إلى الأتاوة ومروراً بالتشبيح بغطاء قانوني وحماية أمنية.

وبذلك فإن مصطلح الديمقراطية الذائع الصيت و الانتشار بين أوساط الشعوب العربية عقب ما يسمى بـ "الربيع العربي", كان من المحرم ذكره أو حتى التفكير به وسط الظروف التي يقوم عليها هذا الحكم،لذلك فإن سطوع حالة الشيزوفرينيا التي أصابت المواطن السوري في ظل حكم الأسد,وذلك نتيجة لمحاولته ترسيخ الديمقراطية بحسب رؤيته وفهمه لها لابمفهومها العام كما يفهمها العالم بأسره.

وكمثال حي على ذلك أحاديث الفنانين السوريين عبر شاشات التلفزة في محاولة منهم للتعبير عن وجهات نظرهم المختلفة والمتعارضة,فيما يخص الانتخابات الأخيرة لنقابة الفنانين السوريين التابعة لهذا النظام،حيث أنهم انتقدوا ممثلّهم الأوحد,والذي كان مفروضاً عليهم من قبل الأجهزة الأمنية على مدى 20 عاماً من الزمن،حيث برروا لأنفسهم دفاعهم المستميت عن رئيسهم الأوحد منذ نصف قرن والمفروض عليهم أيضا من قبل ذات الأجهزة الأمنية.

أما "زهير رمضان" نقيب الفنانين منذ العام 2014 , وعضو مجلس الشعب في 2016،"كلب السلطة"و"ضابط المخابرات"و"عميل النظام"هذه المسميات التي أطلقها على نفسه في مقابلة تلفزيونية خلال حديثه عن "بشار إسماعيل"، تلك الأسماء الدالة على شخص "رمضان", والتي تهدف لتجسيد ممارسة قمعه الوحشي الممارس على زملائه من الفنانين السوريين،من خلال تهديدهم بالسجن إلى حرمانهم من العمل وفصلهم من النقابة بناء على خلفيات توجههم السياسي،أو حتى بناء على عداوات ومواقف شخصية فيما بينهم.

حيث اتهم"رمضان" الفنانين الذين فصلوا من النقابة بسبب مواقفهم السياسية بأنهم"حرضوا عبر المحطات وقبضوا لقاء ذلك بالدولار،وبأنهم "زايدوا وتاجروا بالوطن"،وأكد أنه أصدر تعميمًا لكل شركات الإنتاج السورية،بطلب موافقة النقابة قبل استقدام أي فنان سوري من خارج البلاد.

وذلك وفق سلسلة من القرارات التي اتخذّها والتي جعلت من نقابة الفنانين أشبه بفرع أمني يقوده "ضابط مخابرات"، تلتها سلسلة من الانتقادات اللاذعة التي أطل فيها فنانون سوريون موالون للنظام،كان"رمضان"قد أصدر بحقهم قرارات فصل بسبب عدم دفعهم لاشتراكاتهم السنوية,كما حوّل النقابة"لجابي ضرائب"بحسب وصف الممثل وعضو مجلس الشعب"عارف الطويل"،الذي اشتهر بمواقفه المؤيدة للنظام،في لقاء مع برنامج"المختار"عبر إذاعة"المدينة إف إم"، الأمر الذي أكده الممثل "بسام كوسا" واصفاً النقابة بـ "مؤسسة جباية الأموال"، ومتهماً من يديرها بالتآمر والتدبير "حتى لا يستلم الإدارة شخص آخر".

"بشار إسماعيل" والذي شبّه سابقا ، بشار الأسد وحسن نصر الله، بالإمام علي بن أبي طالب،والذي انتقد بشدة نظام رمضان في النقابة,كما عرف عنه بأنه من أكثر الممثلين الموالين لنظام الأسد،وخاصة بعدما كشفت علاقته السرية والغير شرعية بـ "منال الأسد"خلال العام2015.

لكن أكثر ما يثير الجدل في هذه المواقف هو الخلاف المباشر بين"كلب السلطة"و"عشيق السلطة السري"، وانتقادات بالجملة بعضها وصل لمراحل التهديد،حالة الشيزوفرينيا التي يعيشها"مؤيدوا الأسد" في مناطق سيطرته نتيجة لاضمحلال الفكر والتخلّي عن المهنيين والمثقفين الواعين لما تحتاجه هذه المرحلة,ليحل مكانهم "نجوم الواسطة" معدومي الفكر والمتسللين عنوه إلى عالم السياسة ومنابر الثقافة,الذين افسدوا سوريا ومؤسساتها.

حيث أن"الديمقراطية المحدودة"التي أقرها الأسد وفقاً لنظامه،أعطت الفرصة للفنانين السوريين بانتقاد "ضابط المخابرات"، ولأول مرة بشكل علني مستندين بدعم"عشيق السلطة" ضد "كلب السلطة"،فكل من يستقرئ تصريحاتهم بعيدا عن مشكلة "إسماعيل" و "رمضان" يلاحظ الحقد والكره التراكمي الذي تسبب به "رمضان" خلال مسيرته كنقيب لأعوام في النقابة،وما يحدث على مستوى نقابة الفنانين في دمشق حاليا،قد حدث خلال عام 2011 على مستوى سوريا بأكملها،ولا زال السوريون يدفعون ثمن مطالبتهم بالتغيير خلال سنوات الثورة السورية،فهل سينجح التغيير في النقابة أم سيكون مصيرهم مشابهاً لما عاشه ويعيشه من هم سواهم ممن طالبوا بتغيير الحكم الديكتاتوري لهذا النظام ؟!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض