الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسين نعمة..لک الحق ولکن

نزار جاف

2006 / 6 / 9
الارهاب, الحرب والسلام


صدمني القرار الاخير للفنان العراقي ذو الصوت الشجي حسين نعمة بالاعتزال عن الغناء إحتجاجا على تردي الاوضاع في العراق، هذا المطرب الذي يتميز صوته بنبرة عراقية أصيلة تتحسس من خلالها بعذوبة وقع الکلمات و صداها العميق وأداء ينفرد به من حيث جمعه بين جذوة الاصالة النابعة من أعماق الريف و من وسط الأهوار حيث(الگارور و بشوش السحر و الکنبرة السمرة الزغيرة) و حس رقيق مداف بالمعاصرة، هو مطرب له حضور قوي و مؤثر في الساحة الفنية مثلما له جمهور واسع و عريض على إمتداد خارطة العراق، ويقينا أن قراره المؤلم هذا، سوف يکون لسعة سوط مؤلمة أخرى على ظهور العراقيين التي تحملت لسع سياط کثيرة و متباينة لکنها کانت کلما يشتد بها الالم تداوي جروحها ببلسم أصوات العراق الاصيلة التي من المرجح جدا أن يکون حسين نعمة في طليعتها، بيد أن قراره هذا، سوف يخلف جروحا و آلاما في داخل الذات العراقية ليس من الهين معالجته، ذلک إنه ألم من نوع خاص يستقر في عمق الوجدان و في آجم النفس.
ولست ألوم المطرب المتألق الذي لا أشعر بلذة الکتابة إلا وأنا أستمع لأغنيته المتميزة"ياحريمة"، وعلى الرغم من أنه قد مضى أکثر ربع قرن وأنا أستمع لهذه الاغنية، فإنني مازلت أثمل برخامة صوت هذا الفنان و وقع کلمات هذه الاغنية وهي تتناها من بين شفاهه ومن داخل روحه لتسافر الى فضاءات النفس و الوجدان العراقية، لست ألومه وهو حين يفتح التلفاز يصدمه منظر أکياس القمامة التي حشاها الارهابيون القتلة برؤوس مقطعة مرصوصة داخل علب مقوى کانت في سابق زمنها مکانا للفواکه ولکن عتاة الجريمة و شذاذي الآفاق، أبوا إلا أن يستهتروا ويستخفوا بکل شئ له علاقة بکرامة الانسان و حرمته، لست ألومه وهو يسمع أنباء الخطف المبرمج و القتل المنظم "على الهوية" و جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات بين دول کانت تتمشدق الى عهد قريب بالحرص على العراق و شعب العراق، دول لطالما رفعت عقيرتها و صوتها المبحوح الذي هو أشبه بفحيح الافعى وهي تنادي بشعارات"إسلاميـة" أو"عروبية"ليس لشعوب دولهم سوى"ألفاظها"ذلک أن معانيها"ليست تعرف".
کيف لا يمل هکذا فنان مرهف الحس الطرب و هو يرى بأم عينيه تدفق خفافيش کهوف و مقابر تورابورا على أرض بلاد الرافدين ليقودهم دعي يحترف الجريمة بإسم دين هو براء منه کما کان براء من کل أولئک الذين تاجروا به على مر التأريخ، دعي يمنح صفة الامراء لدهاقنة الاجرام و الرذيلة وکأنني أرى فسدة الکنيسة الکاثوليکية وهم يوزعون صکوک الغفران أو يقطعون أوصال عباد الله و خلقه بإسم الدين و تحت يافطته، وکذب من قال أو إدعى بأن هذا غير ذاک، ذلک أن جوهر الامرين و أصل القضية أمر واحد وهو إرهاب الانسان و سلبه ماهيته الانسانية، المسيحي أو المسلم أو الهندوسي أو اليهودي، عندما يضعون أنفسهم في مکان الرب ليحاسبوا الناس، فإنهم يصبحون مفسدين في الارض و منبعا للجريمة و الارهاب وقتل هؤلاء فقط هو ما يسمح به الرب و العقل و المنطق.
أواه أيها الفنان الرائع، موقفک هذا أشد تأثيرا من مواقف الساسة و سماسرة الدين وهم يعلنون قرارات ليس لها أي صدى سوى إثارة المزيد من النعرات و السجالات الطائفية البغيضة، أنا وإن أتفهم موقفک و أدرک مدى صدقک من خلاله في التعبير عن أصالتک کعراقي، لکنني أناشدک في نفس الوقت أن لا تحرم شعبک من بلسم صوتک العذب الذي هو دواء شافي لداء المحنة العويصة التي يمر بها العراق وأن عظمة الرجال في إتخاذهم لقرارات صعبة تتغلب فيها الابعاد العقلية على مثيلاتها العاطفية، وکما يقول دستوفسکي"العظيم من يبتسم و الدمعة ملء عينيه"، فإنني أدعوک لإبتسامة صعبة في زمن أصعب يمر به العراق وحتى لا يشعر أشباح الظلام و الجريمة بإنهم قد إنتصروا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة