الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يتحول صدام لمهدي المحبطين المنتظر ؟

داود البصري

2003 / 4 / 14
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

أين توارى بطل البوابة الشرقية السابق ؟ وأين حط رحال قائد جيش القدس بملايينه السبعة ؟ وأين إختفت كل تلك المظاهر الكرنفالية والإحتفالات الماراثونية والإستعراضية التي كانت تقوم في ساحة النصر التي إحتلها الأميركان ثم تحولت لشاهد تاريخي على قبر نظام مندرس ؟  وكيف إختفى النظام بكل مؤسساته المرعبة وتشكيلاته القيادية وبقياديتيه القطرية والقومية ومكتبه العسكري وتنظيماته الفلاحية والمهنية ؟ وأين مجلس قيادة الثورة العتيد بفقرته الأولى من مادته الثانية والأربعين من الدستور البعثي المؤقت والذي ظل مؤقتا حتى توفي النظام ب ( السكتة النعالية ) نسبة إلى النعال أي الحذاء الخفيف الذي عبر العراقيون من خلاله عن فرحتهم بإسقاط النظام ؟ وأين جيوش الحرسين العام والخاص وجيش العشيرة وبقية فرق الموت ؟ ترى هل إختفوا جميعا في زوايا وخفايا مثلث برمودا الغامض ؟ أم أن سفينة فضائية قد هبطت على ( العوجة ) لتأخذهم لعالم سديمي آخر خارج المجموعة الشمسية التي نعيش عليها ؟ لأن تلكم القيادات التاريخية بحاجة لنقلة تاريخية للحفاظ عليها ؟ كيف إختفى من كان مولعا بالمهرجانات وبأعياد الميلاد الرئاسية التي لن يحتفل بها العراقيون هذا العام في 28 نيسان/إبريل بل سيحتفلون بأشياء أخرى وسيحاولون تضميد جراحهم التاريخية ويتخلصون من بقايا التركة البعثية السوداء الثقيلة .

لقد كان نظام البعث العراقي المهزوم متميزا حتى في مصائبه ومصابه ! وكان تحفة في غرائبه ؟ وستظل الأجيال ولسنوات وحقب طويلة قادمة تتندر برواياته ، وترتعب من فظائعه ، وتسخر من أكاذيبه الملونة بلون الدم العراقي المسفوح على إمتداد ثلاثة عقود قاسية أسست لحالة الإنهيار الشامل التي يعيشها العراق اليوم ؟ لقد سقط نظام البعث بكل عنفه وعنفوانه كورقة خريف يابسة ، وأظهر على الطبيعة من أنه لم يكن سوى كذبة ثقيلة جثمت على صدور القوم لعقود ومارست ما مارست من الرزايا والمصائب والحروب لمجرد ترسيخ كذبة ثقيلة كانت مستمرة لساعات قليلة ماضيات قبل أن ينزع وزير الكذب البعثي الصحاف بزته العسكرية الخضراء وملابسه الداخلية معها ويطلق ساقيه للريح ليهرب من حساب الشعب والتاريخ ولكن إلى حين قريب؟.

إختفاء النظام وهزيمته لاتشابه أي هزيمة أخرى لأنظمة دولية مشابهة ، فلقد إنهارالنظام الهتلري النازي بعد إنتحار هتلر الشجاع وترك خلفه قيادة ألمانية من العسكريين تفاوضت على تسليم البلد للحلفاء المنتصرين وفقا للسياقات العسكرية المعروفة ، وإنهار النظام العسكري في اليابان ولكن بقي من العسكريين اليابانيين من وقع مع ماك آرثر وثيقة الإستسلام ؟ أما في الحالة البعثية العراقية الفاشية الغريبة فلم يوقع أحد ؟ ولايوجد أحد ؟ والقائد المنصور بالله خرج ولم يعد ؟ وأعضاء القيادة الحزبية والعسكرية طاروا مع الريح وكأن مجاميع من الأشباح هي التي كانت تحكم العراقيين وتروع العرب والمسلمين كل هذه العقود ؟ فأين أحاديث القدرة والإقتدار ؟ وأين الخطابات الحماسية بجعل ( مغول العصر ) ينتحرون عند أبواب بغداد؟ وأين أين العديد من الأحلام والدعوات الصالحات بتحرير فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر ؟ لاتقولوا رجاءا أن النظام قد وقع في فخ الخديعة ؟ فهو كان يعرف تماما نهاية طريق اللعبة التي بدأها ؟ وهو من خبر طرق الغدر في العمل السياسي والإلتفاف والإتصالات الجانبية منذ أيام اللجوء السياسي في قاهرة الستينيات وفي عز سطوة مخابرات صلاح نصر المصرية والتي يبدو أنه تأثر بأساليب عملها ليستنسخها في العراق بعد سنين ولتكون دائرة المخابرات العراقية إحدى أذرع الموت التي وفرت الحماية والضمانة والإستمرارية لنظام الحزب والعشيرة الذهبية ؟ وإختفت كما إختفى النظام لتبتلع معها في غيبتها الكبرى ملفات وأسرار وأرواح وبشر يبحث عنهم أهليهم فلايجدونهم ؟ وكأن كل مربع الرعب والموت هذا لم يكن إلا وهم أو كذبة ككذبة الرسالة العربية الخالدة ذاتها ؟ .

وقد أتيح لي أن أتابع بعض محطات التلفزة العربية لأرى رأيها في الأحداث العراقية لأتوقف فجأة عند التلفزيون الجزائري والذي كان يجري مقابلة مع رئيس الأركان المصري في حرب 1973 الفريق سعد الدين الشاذلي لأستمع له وهو يحلل الأحداث بطريقة غريبة مفادها أن الإختفاء المفاجيء للسلطة العراقية قد يعود سببه لقيام قيادة بديلة تدير العمل الميداني ضد الإحتلال ؟ وهو تعليل فضائحي ينم عن سذاجة فائقة في تحليل الأحداث وخيال خصب في رسم السيناريوهات السينمائية التي قد تتناسب وأفلام ( نجمة الجماهير ) ناديا الجندي فقط ؟ ولاعلاقة لها بالفانتازيا العراقية الحالية ؟ وكأنني أشعر بأن سيادة الفريق الذي كان يراهن على أن بطل  التحرير القومي الهارب أو القتيل ربما دخل في طور الغيبة الصغرى والتي قد تمهد لظهور قريب له وبما من شأنه أن يملأ الأرض عدلا وحرية بعد أن ساد الإحتلال والفوضى ؟ أليست هذه الأحلام هي التي تداعب مخيلة المحبطين من الذين كانوا يراهنون على كذبة إسمها نظام صدام حسين والذي وجه إختفائه المفاجيء طعنة صميمية لأحلام وتطلعات جماعات وأقوام تعيش على الأحلام وترفض التنازل والخنوع للغة الواقع ؟ فهل سيعود صدام حسين ليحقق أحلام الحالمين ..؟ أم أن ماجرى لم يكن سوى فصل من فصول الفانتازيا العربية وضياع الوعي المؤسس لأزمة الأمة الحضارية المستديمة وهي الأزمة المتواصلة والقائمة على إنتظار المعجزة في عالم لم يعد يخضع لعوالم المعجزات ؟

وسيظل نظام صدام بكل كوارثه ومآسيه مجرد دمعة في عيون المحبطين ... وما أكثرهم في عالمنا العربي السعيد ؟ .

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ