الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورونا .. والسياسات المستقبلية للعراق

إحسان عمر الحديثي

2020 / 3 / 24
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


مَنْ يُرَاقِبْ تَسَارعَ الأحداثِ في العَالَمِ يَجِدْ أنَّ دولَ العالَمِ المتقدِّم لَم تستسلمْ ولم تَقِفْ مكتوفةَ الأيدي بإزَاءِ تحدٍ خطيرٍ يَتَمَثَّلُ بـانتشَارِ (وباء) فَتَّاكٍ لَمَّا يستطعْ – بَعدُ – ذلكَ العالَمُ المتقدِّمُ – على الرغم مِمَّا يَتَمَتَّعُ بِه من تطورٍ علميٍّ وتكنولوجيٍّ وتقنيٍّ – أنْ يواجهه وصولًا إلَى القضَاءِ عليه ، فإنْ كانَ ذلكَ هو حال تلك الدّول المتقدّمة فَمَا بَالُك بالدّول النامية أو مَا يُسَمَّى بـ ( دول العالم الثّالث ) الّتي يحيطُ بِهَا التخلفُ من كلِّ حَدَبٍ وصَوبٍ؟! ، فَثَمَّة فجوة وهوّة واسعَة في التّقَانةِ والتّطورِ في مختلفِ المجالاتِ بينَ دول العالَمِ المتقدم ودول العالم الثالث ؛ إذْ سُرعَانَ ما انبَرَتْ تلكَ الدّولُ المتقدمة تراجع سياساتها في القطاعات كافة وإعادة التفكير في خططها وترتيب سلم أولوياتها من أجلِ درءِ خطر هذا الوبَاءِ عنهَا والحفاظ علَى سَلامَةِ مواطنيهَا .
لقد وقف هذا الوباء من العالم على مسافة واحدة وردم الفجوة بين العوالم والدول المتقدمة وغير المتقدمة، وعليه لا أعذار أمامنا اليوم في عدم السير مع تلك الدول وفي مقدمتها الصين التي خرجت من أسوأ أزمة قد حلَّت بها، فبعد أن هدد اقتصادها كاد أن يفتك بشعبها الذي يمثل سدس سكان العالم.
لقد أفرز هذا الوباء الذي لا يزال يحيط بنا ويشكل مصدرًا للقلق والتهديد لحياتنا أشكالًا من الدروس والعبر وحدد مسارات ومآلات لم تكن في حسابات الأمم والشعوب على مستويات الصحة والبيئة والتربية والتعليم والاقتصاد والسياحة والدِّين والسياسة، والأهَم من ذلكَ كلّه (الإنسانية) التي ما عادت تشغل بالَ الملايين من سكان المعمورة .
لقد قلب هذا الفايروس الطاولة على ايديولوجيات وأنظمة، وكشف زيفها أمام الشعوب التي وجدت نفسها خط الصد الأول في الميدان، الذي لم يكن هذه المرة هادئًا في الغربي منه، فالمعركة اليوم ميدانه العالم كله، والإنسان – بعيدًا - عن جنسه أو لونه أو دينه أو قوميته أو ثقافته وبمعزل عن حكوماته في جانب، والفايروس في جانب آخر، ولأول مرة يشهد العالم معركة من نوع آخر تمامًا من دون أسلحة وطائرات ودبابات. ومع ذلك فهي معركة كاسحة أو كما أطلق عليها (الجائحة) ؟؟
من يعيد الأمور إلى نصابها بعد أن أعيا التفكير الناس جميعًا وباتت تحلم بتلك الأيام التي كانت تلعنها يومًا ما؟!
إن الإنسان والإنسانية أعظم الدروس والعبر وأثمنها وأغلاها، ولابد من أخذ زمام المبادرة والإسراع بالبحث والتجريب لإيجاد ما يحفظ كيانها من الزوال.
ولم يكن العراق بمعزل عن العالم في معركته الشرسة تلك، فهو – وإنْ كانَ مُثقلًا بأعبَاءِ حروبٍ كثيرةٍ- إلّا أنَّ هذا الخطر جعله هو الآخر أمام تحدٍ لم يكن في الحسبان، ليُضيفَ ثقلًا وأعباء فوقَ أعبائِهِ ، على أنَّ هذا العبءَ يصعب على العراق أنْ ينوءَ بحملِهِ.
ومع ذلك لم يقف العراقيون مكتوفي الأيدي ، بل توحَّدت الجهود وتكاتفت من أجل ألّا ينزلق العراق إلى منزلقٍ لا تُحمَدُ عقباه - لا سمحَ الله -.
إنَّ هذه الأزمة توجب على أصحاب القرار مراجعة سياسيات البلد وترتيب سلم الأولويات فالتخبط والعشوائية في إدارة البلد في مفاصله كافة لم يعد مقبولا، ولابد من:
1. مراجعة السياسات العامة للبلد في القطاعات كافة ولاسيما الصحة والتربية والتعليم العالي والبحث العلمي والاقتصاد (لأنها أكثر المفاصل تأثرًا في الأزمات).
2. على السلطات المختصة إصدار قوانين طوارئ واضحة تحدد كيفية إدارة مثل هذه الأزمات والجهات التي تتولى ذلك مع منح صلاحيات واسعة مالية وإدارية وعقابية للسلطة التنفيذية التي عادة ما يكون من واجباتها إدارة هذا النوع من الأزمات والتصدي لها من دون الرجوع إلى السلطة التشريعية في أثنَاءِ أوقات الطوارئ ؛ وذلكَ لكون عمل السلطة التشريعية بطيئًا أسوة بالدول الأخرى ،على أن تخضع قرارات الطوارئ للمراجعة والتقييم من لَدُنِ السلطة التشريعية خلال مدة زمنية محددة.
3. إعطاء البحث العلمي مكانته وتوفير متطلبات نجاحه من رصد الاموال وتوفير المختبرات ومستلزماتها، وتأكيد أهمية البعثات والزمالات الدراسية على وفق المتغيرات والمتطلبات الصحية والبيئة والتعليمية للبلد.
4. مغادرة التعليم التقليدي والشروع ببناء منظومة تربوية تعليمية تتخذ من التطور الحاصل في مجال التقانة وتكنولوجيا التعليم منطلقا للتغير، وتأكيد أهمية التعليم عن بعد من أجل استدامة التعليم ولاسيما في الأزمات، وإدراجه ضمن مقررات الإعداد والتدريب في المؤسسات الخاصة بذلك .
5. بناء مستشفيات على وفق للمعايير الدولية والمواصفات التي تشترط توفير الرعاية الصحية الكاملة للمريض والحجر أحيانًا ولاسيما للأمراض المعدية.
6. بناء مصانع للأدوية جديدة وأخرى للقاحات، وتبنّي نتاجات العلماء والباحثين العراقيين في هذا المجال.
7. إعادة تأهيل المصانع العراقية، وتشجيع المنتج الوطني، ودعم القطاع الخاص بما يحقق الاكتفاء الذاتي للكثير من البضائع والسلع التي يحتاجها المواطن
8. مراجعة سياسية الدولة في الحد من الفقر وتشغيل العاطلين عن العمل ، والقضاء على الأميَّة .
ويبقى الباب مفتوحًا أمام سياسات أخرى، قد غابت عن الكاتب، ولكنَّ الأهَمَّ من ذلكَ كُلِّهِ أنَّ هذا الوباء فتح الباب واسعًا أمام الكثير من القضايا المجتمعية التي يجب مراجعتها، والوقوف أمامها واضعينَ نصبَ أعينِنَا ما حلَّ بنا ووقع مستفيدين من هذهِ التّجربَة المريرة في أخذِ الدّروسِ والعِبَرِ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من