الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحملة الصليبية التي تمكنت من مصر 1997

جمال عبد العظيم

2020 / 3 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


منذ زمان بعيد في بلاد فارس كانت العادة إذا مات الملك أن يترك الناس خمسة أيام بدون ملك ولا قانون ، بحيث تعم الفوضى والإضطراب أنحاء البلاد . وكان الهدف من ذلك هو أنه بنهاية الأيام الخمسة ، وبعد أن يصل السلب والنهب والقتل والإغتصاب إلى أقصى مدى ، فإن من يبقى حياً بعد هذه الفوضى الطاحنة ، سوف يكون لديه ولاءً حقيقياً وصادقاً للملك الجديد ، وسيدعون الله ليل نهار بأن يمد في عمره ، وأن يجعل موته قبل موت الملك . وهذه مجرد عينة من الطغيان الذي ساد شرق الكرة الأرضية منذ آلاف السنين ، وجعل هيجل يقول عن أحد شعوبها " إن الشعب الصيني لديه فكرة سيئة جدا عن نفسه ، فهو يظن أنه ما خُلق إلا ليجر عربة الإمبراطور" .
وفي كتابه"الجمهورية" يقول أفلاطون : "إن ظهور الطاغية يرتبط بوجود حالة من الفوضى أو التسيب في الدولة ، بحيث يكون هو المنقذ الذي يعيد النظام والأمن والإستقرار" . ويقول أندروز في كتابه طغاة الإغريق : "إنهم كانوا يظهرون في فترات الأزمات بحيث يكون المبرر العام هو التوترات الداخلية أو الضغوط الخارجية ، وعندما يحكم يكون هو نفسه كارثة أسوأ من الكارثة التي جاء ليعالجها " .
• من هو الطاغية : ـــ
هو حاكم يصل إلى الحكم بطريق غير مشروع كالمؤمرات و الإنقلابات و الإغتيالات ، وبإختصار فهو لم يكن ليحكم لو سارت الأمور بشكل طبيعي . وعادة ما يقفز إلى منصة الحكم بأسلوب غير شرعي سواء بإرغام الناس أو بخداعهم ، وبسبب هذا فهو يتحكم في شئون الناس بإرادته هو لا بإرادتهم هم . ويحاكمهم بهواه وليس بقانون أو شريعة . ويعلم عن نفسه أنه الغاصب والمعتدي فيكمم الأفواه ، وهو لايعترف بقانون أو دستور بل تصبح إرادته هي القانون ، وعلى الشعب السمع والطاعة . ويسخر كل موارد البلاد لإشباع رغباته وملذاته ومتعه ، وهو لايخضع لأي محاسبة أو مساءلة أو رقابة من أي نوع . ويقترب الطاغية من تأليه نفسه ، فهو يرهب الناس بالتعالي والتعاظم ويذلهم بالقهر والقوة ، وسلب المال حتى لا يجدوا إلا التزلف له وتملقه ، وليس للطاغية قيم أخلاقية يحافظ عليها ، فلا وفاء بوعد ولا كلمة شرف .
*والتنظيم السياسي المفضل من الطاغية هو التنظيم الشمولي ، والشمولية تعني إذابة جميع الأفراد والمؤسسات والجماعات في شخصه . وهو ما عبر عنه موسوليني بقوله : "الكل في الدولة ، ولا قيمة لشئ إنساني أو روحي خارج الدولة" علما بأنه هو نفسه الدولة ، فهو يقدس الدولة ويجعل من نفسه الكاهن الأعظم الذي يرعى قداستها ويفسر رغبة جلالتها ويترجم إرادتها السامية .
وعليه فالدولة الشمولية كتلة واحدة لا تقبل بمبدأ الفصل بين السلطات ، ولا بأي شكل من أشكال الديمقراطية ، وأي معارضة لهذا الكل يتم تحطيمها فورا ، فلا رأي ولا تنظيم إلا الدولة . ويلجأ الطاغية لمخاطبة مشاعر الناس وليس عقولهم ، فيكتسب التأييد من خلال تعطيل العقل وإلهاب المشاعر وإثارة الناس .
ويواصل أفلاطون في كتابه الجمهورية : "إن الطاغية يبدأ حكمه بالتقرب من الناس ، ويتواضع ويتباسط ويستنكر الطغيان ويجزل الوعود ، ويتصنع الطيبة والود مع الجميع (كأن يقول للجماهير أنهم نور عينيه) ، وفي الوقت ذاته يعمل على تكوين حرسه وجيوشه التي تلتف حوله وتؤمن وجوده . وبعدها يبدأ في التخلص من المحيطين به ويظهر وجهه الكريه للشعب ، ويبدد ثروة البلاد ويزيد من الضرائب لينشغل المواطن طوال يومه بكسب نفقاته المعيشية ولا يتبقى له وقت لمناقشة الأمور العامة . وعندما يستتب له الحكم فإنه لا يجد غضاضة في سفك دماء أهله ، ويسوقهم للمحاكمة بتهم باطلة فهو لا يعرف قضاء ولا يحترم القانون ، وبهذا يتحول الطاغية إلى ذئب " . - وأفلاطون يعتمد هنا على أسطورة يونانية تقول أن المرء إذا أكل لحم أخيه الإنسان تحول إلى ذئب ، والمؤسف لدينا في مصر أن طاغيتنا يأكل لحم أخيه الإنسان من خلال منصة القضاء . حيث حول السلطة الثالثة في البلاد إلي تابع للأجهزة الأمنية تُعلي تقاريرها على الأدلة ، وتوجه التهمة والعقوبة التي يأمر بها الأمن . وبهذا فإن عبد الفتاح لم يتورع عن تحويل القضاء إلى عبدٍ مأمور ، أو بمعنى أخر فقد حول القضاء المصري إلى "زكي قدره" بتاع الأمن الوطني :
- إعدم يا زكي .. يعدم زكي
- إسجن يا زكي .. يسجن زكي
وأتحدى من يقول أن هذا أمرا إستثنائيا سينتهي قريبا فلم يحدث أبدا أن تنازل نظام طواعية عن إحدي السلطات التي إغتصبها . وما يزيد الأمر خطورة أن هناك حملة صليبية تمكنت من مصر منذ أواخر القرن الماضي ، وما نحن على يقين منه أن هذه القوى قد إنعقدت لها القيادة والسيطرة في البلاد منذ 23 سنة بالضبط . وعندما حاول عبد الفتاح السيسي وولده محمود إنتزاع القيادة والسيطرة منها ظهر المقاول محمد علي ليهز الحكم بعنف . وهذه القوى هي من تقوم الآن بتصفية المعارضة الدينية .
ونعود إلى أفلاطون الذي يواصل وصف حالنا فيقول : "والطاغية دائم الغدر حتى بالمقربين منه ، وهو في حرب دائمة مع الجميع وهو يستهدف كل من يرفض منافقته وكل شريف و نزيه وصاحب فضيلة أو فكر وكل وطني حر ، وبهذا فهو بإستمرار يخلص الوطن من أجمل وأرقى ما فيه . وهذا الآداء يثير مزيدا من الكراهية والسخط في نفوس مواطنيه ، فيزيد الطاغية من حراسه ويغدق عليهم الأموال . كما يقرب الكتاب والشعراء منه ويمنحهم المكافآت ليمدحونه . والطاغية يصل بالدولة إلى الإفلاس حتى لو كانت تملك الكنوز ". غير أن أفلاطون يتنبأ بأن الشعب سيدرك مدى الكارثة التي جلبها لنفسه يوم ساند الطاغية وإرتضى حكمه : " إن الشعب سيدرك بحق مدى الحماقة التي إرتكبها حين أنجب مثل هذا المخلوق و رعاه و رباه حتى إستعبدهم وأصبح غير قابل للعزل . والطاغية مجنون ومتطرف وهمجي لا يتورع عن قتل والديه ، وهو شخصية بهيمية كما يقول أفلاطون فيسميه الحيوان الأكبر . ومثل هذه الشخصية تختار أصدقاء و معاونين يكونوا بنفس مستوى الإنحطاط والتدني ، فيسرقون ويرتشون وينهبون المال العام تحت حماية حيوانهم الأكبر . ويوضح أفلاطون أن الطاغية ليس لديه سلوك وسطي فهو متطرف دائما فبدون السلطة يكون عبدا ذليلا ، وإذا إمتلك السلطة تحول إلى ذئب وأظهر تعطشه للدماء وكشف عن نفسه الوضيعة .
● كيف يحتفظ الطاغية بالسلطة :
يقول أرسطو في كتابه السياسة أن الطاغية يحتفظ بالسلطة بوسائل معروفة يتوارثها الطغاة وهي :
1- تدمير الروح المعنوية للمواطنين (كأن يقول للجماهير أنهم فقرا أوي .. فقرا أوي) كما يزرع الشك بينهم ويجعلهم عاجزين عن فعل شئ . ويحرص الطاغية على تعويد الناس على الخسة والوضاعة ، والعيش بلا كرامة ، بحيث يسهل عليهم أن يعتادوا الذل والهوان .
2- القضاء على البارزين من الرجال وأصحاب العقول الناضجة ، وإستئصال كل من يحاول رفع رأسه .
3- منع الإجتماعات والنوادي وحظر التعليم و التحقير من شأنه (كأن يقول للناس : ح يعمل إيه التعليم في وطن ضايع) وهو يحجب كل ما يعمل على تنوير النفوس أو بث الشجاعة والأمل والثقة بالنفس .
4- إتخاذ كافة السبل التي تغرس في المواطن شعورا بأنه غريبا في بلده أي قطع الحبل الصري بين المواطن ووطنه . وجميع هذه الأساليب مصدرها البرابرة وفارس القديمة .
5- زرع الخوف من إنتقاد النظام وإجبار الناس على كتم آرائهم بداخلهم ليشعروا بالقهر .
6- إفقار شعبه لينشغل بالبحث عن ما يسد به رمقه
*ثم يذكر أرسطو صفات الطاغية فيقول أنه لا يعرف ولا يستخدم إلا الفاسدين من البشر ، وهو ينتشي بنفاقهم وتملقهم له ، وهو لايحب رجلا ذا كرامة أو رجلا شريفا أو صاحب شخصية مستقلة و روحا عالية لآن الطاغية يدعي أنه يحتكر لنفسه هذه الصفات (مثل قوله لعنه الله : أنا صادق أوي وشريف أوي وآمين أوي) . وعادة يفضل صحبة الأجانب والغرباء على صحبة مواطنيه ، ذلك أن الغرباء لا خطر منهم بينما المواطن عدو له " . ويعود أرسطو ليلخص هذه الأساليب في 3 غايات قديمة قدم الشر كما يقول :
*الغاية الأولى ــ تدمير روح المواطن لأن المواطن الذليل لن يثور عليه أبدا .
*الغاية الثانية ــ التفريق بين المواطنين لأن الثورة عليه تحتاج تكاتف الشعب كله ، وكذلك مطاردة الأخيار من الناس لأنهم خطر عليه من ناحيتين اولهما أنهم يأنفون من أن يحكموا كما يحكم العبيد ، وثانيهما إنهم يثقون في بعضهم البعض ولا يشي أحدهم بما قاله الأخر .
*الغاية الثالثة ــ يحرص الطاغية على جعل مواطنيه عاجزين عجزا تاما عن فعل أي شئ فيصبح خلعه ضربا من المستحيل .
ويختتم أرسطو بأن الطاغية يحرص دائما على إظهار أنه محتفظا بالسلطة رغم أنف الجماهير وليس برضائهم لأن تنازله عن هذا الغصب يعني تنازله عن الطغيان " . وهو ما قاله السيسي بكل صراحة ووقاحة ، ثم نفذه بإنتخابات وهمية إختار فيها منافسه وهو مواطن يدعى / موسى مسخره موسى .
وفي النهاية فإن محاولة إستعباد الشعب محاولة مجنونة لا تصدر إلا عن صعلوك موتور فقد توازنه أمام السلطة ، فالمحاولة شديدة الخطورة عليه وعلى أسرته وملئه وعصابة اللصوص التي يحيط نفسه بها . فالسلطان كراكب أسد يهابه الناس وهو لمركوبه أهيب حسبما يقول الإمام جعفر الصادق (ع) ، وعندما يغضب الشعب ويهب ليثأر لكرامته فإنها لحظات بشعة سجل التاريخ أهوالها من قبل ، وأورد تجارب لشعوب إفترست طاغيتها الذي حاول كسر إرادتها وإنا لمنتظرون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اجرام العسكر فى مصر
على سالم ( 2020 / 3 / 25 - 14:45 )
لقد ظهر فى الميديا فيديو كارثه مروعه عن ساديه ووحشيه الجيش المصرى فى سيناء , الفيديو هو لضابط صغير مريض نفسيا وحاقد اسمه الرائد عبد الرحمن يوجه البندقيه الاليه الى راس شاب صغير فى سيناء ويطلق النار الكثيف ويقتله , لم ينتهى الامر عند ذلك بل اراد هذا الدموى السادى ان يأخذ ذكرى من عمليه القتل البشع واخذ سكين حاد وقطع اصبع الشاب الذى قتله واحتفظ به ( قمه الشذوذ النفسى والدمويه والساديه ) , تم تسجيل هذه العمليه الرهيبه على فيديو ,هذه دلاله واضحه على اجرام وفاشيه الجيش المصرى الغير ادمى والذى استعمر مصر فى غفله من الزمن

اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي