الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن كلنا إلى حد ما ، جزء من شخصيات ألبير كامو

الحسن علاج

2020 / 3 / 25
الادب والفن


" نحن كلنا إلى حد ما جزء من شخصيات ألبير كامو"
يقدم لنا الكاتب سلومون مالكا( Salomon Malka) قراءته لرواية ألبير كامو Albert Camus) ( الطاعون La Peste) ( . إذا كان الشر الذي يصيبنا في الوقت الراهن من طبيعة مختلفة ، فإن الشخصيات التي ابتكرها كامو تعتبر بالنسبة إليه ذات راهنية إلى حد عميق .
سلومون مالكا
ترجمة : الحسن علاج
كيف يمكن التصرف في مواجهة ظاهرة ، حيث أن ما يميزها هو الاختفائية ؟ سيكون بالإمكان ، كما هو الحال في [رواية] الطاعون لألبير كامو ، تسليط الضوء على الغيرية ، التضامن ، التعبئة إزاء من هم أكثر عرضة للإصابة . لكن كيف يمكن وصل ذلك التضامن الضروري مع تعليمات البعد ، العزل ، الإبعاد ، الحبس ؟
لابد من إعادة قراءة الطاعون . ليس لأن الشر الذي نعيشه في الوقت الحاضر يعتبر مطابقا ـ فهو ليس كذلك ـ ، بل لأن هذا الكتاب يمنح صورة فتوغرافية لمدينة تجتاحها جائحة ، وحيث ردود الأفعال ليست مختلفة أشد الاختلاف عن ردود أفعالنا . يتم العثور فيها على مجموعة لوحات من البورتريهات ، وفيها يتم التعرف من جديد على كل وجه من تلك الوجوه ، وكل مظهر من تلك المظاهر . الطبيب ، موظف الصحة ، موظف البلدية ، القاضي ، الصِّحافي ، البواب ، الأم ، العشيقة ... الجميع هنا .
نحن في بداية الأربعينات من القرن المنصرم ، بمدينة وهران ، " المحافظة الفرنسية للساحل الجزائري " . ظهور العلامات الأولى ، المعلنة عن الوباء . الأرقام تتطاير . يرتفع عدد الضحايا بوتيرة سريعة جدا . الشخصية الرئيسة للرواية ، الدكتور ريو Dr Rieux) ( ، طبيب القلب ، في عجلة من أمره . يرسل تقارير إلى الوالي . اتخذت القرارات . تم الإعلان عن الطاعون . أغلقت المدينة . بقي الناس في منازلهم ، متمترسين . فحتى تبادل المراسلات كان ممنوعا ، مخافة أن تنقل الرسائل العدوى . الناس الذين اعتقدوا أن الأمور لا تدعو إلى القلق اكتشفوا " استمرارا" ، محبوسين بين أربعة جدران . اختفت أقراص النعناع الطبية من الصيدليات ، لأن الزبناء توهموا أن امتصاصها يبعد عنهم الإصابة بالعدوى . بالرغم من أزمة الورق التي أرغمت الصحف على حصر عدد الصفحات ، فإن جريدة جديدة ظهرت : " بريد الوباء" .

ـــــــــــــــــ
سوف يقول كامو فيما بعد ، لرولان بارت ، بشكل خاص ، إلى أنه فكر ، بالطبع ، ضمن هذه الرواية في النازية ، في التعاون ، وفي الصمود .
ـــــــــــــــــــ
لقد تم إقصاء كل اجتماع ، بما فيه السهرات الشعائرية . دفن الموتى يقام في السر ، قبل أن يتجاوز تكديس الضحايا إمكانيات المقابر ،وقبل الوصول إلى نهايات أكثر رعبا .سوف يقول كامو فيما بعد ، إلى رولان بارت ، بشكل خاص ، أنه بالطبع ، فكر ضمن هذه الرواية في النازية ، في التعاون ، وفي الصمود .
وشيئا فشيئا ، فقد سكان المدينة التي أصابها الوباء ليس فقط عاداتهم بل كذلك عملهم اللاإرادي ، خيالهم ، ذاكرتهم . لقد استسلموا إلى نوع معين من الانتظار الغامض ، المدينة بكاملها هي أشبه ما تكون ب" قاعة انتظار" ، أو مدينة " منطوية على نفسها " . الجميع في نفس الحمّام ، الشيء الذي يجبر على نوع معين من ال" تواضع " . لا أحد يسعى إلى إسقاط معاناته من المصيبة الجماعية . والكل أصبح حاضرا ، مشحونا في هذه اللحظة . فحتى الحب والصداقة امتزجا لأن معنى المستقبل اختفى تدريجيا .
وفي نفس الوقت ، فإن الصفات تظهر . تتكشف العاهات . إنشاء رواق شخصيات على تمامه ، مع فوارق بسيطة ، العظمة والبؤس لهؤلاء وأولئك .
ثمة بادئ ذي بدء بطل الكتاب ، الأنا الآخر للراوي . فهو الذي يحفظ وقائع هذا الوباء الذي يعيشه مثل" هزيمة لا تنتهي " لكنه يمسك به للعبور من البداية إلى النهاية . أمام الإفلاس العام ، يرغب طبيب الفقراء هذا فقط بالقيام بعمله . أن يكون حاضرا ، يغيث ، ينقذ الحيوات ، التدريبات الصحية ، فرق المتطوعين .

ــــــــــــ
لا أحد يسعى إلى إقصاء معاناته من المصيبة الجماعية . الجميع أصبح حاضرا ، مشحونا في هذه اللحظة .
ــــــــــــ
ثمة جوزيف غرانJoseph Grand) ( ، هذا الموظف الحذر في البلدية ، الذي يبحث باستمرار على كلماته من دون أن ينجح في العثور عليها ، ثم إنه يقضي وقته في تحريك الجملة الأولى في ذهنه لكتاب يرغب كتابته ، دون أن يتوفق في ذلك ، مقتنع بأن الطاعون " لا مستقبل له " . وحتى لو أنه توصل إلى تنسيق كلمات تلك الجملة الأولى بشكل صحيح ، فسوف يشكل ذلك نصرا صغيرا ضد الضّراء .
هناك كوثّار Cottard) ( ، حيث لا يُعرف بشكل جيد ما الذي يجعل البوليس في بحث عنه ، ، لكن يتم الشعور بالرضى أن الوباء يدبر أموره لأنه يخفي آثاره .
الأب بانيلوLe Père Paneloux) ( ، ممزق الإيمان ، فهو من أعلى منبره ، يزعق بأن الطاعون يمتلك إنعامه ، إنه يفتح الأعين ، يحمل على التفكير ، ثم إنه يتطور انطلاقا من موت صبي ـ مشهد مروع للكتاب ـ حيث يخرج مضطربا من التساؤلات أكثر من اليقين .
رامبيرت Rambert) ( ، الصحافي العاشق ، تحركه الرغبة الوحيدة في العثور من جديد على المرأة التي يحبها والتي انفصل عنها . كلما تقدمت الرواية ، سوف يشعر بالخزي كونه يريد أن يكون سعيدا وحده فقط ويذهب للانضمام ، عامل للساعة 11 ، لواء التدريبات الصحية .
ثمة أيضا تارّو tarrou) ( ، وهو قديس عادي ، صديق لريو Rieux) ( ، الذي يتساءل عما إذا كان لاينبغي أن يهتم بنفسه بدون توقف من أجل تجنب ، في دقيقة تسلية ، التنفس في وجه آخر فيلصق به العدوى . يتساءل أيضا ، في العمق ، لو أن الميكروب ، ليس الأكثر طبيعية .

ــــــــــــ
ليس الطاعون هو كورونا فيروس . الأعراض ليست هي نفسها . لكن نمذجة الخاصيات هي هنا ، مثل مجموعة من ردود الفعل .
ـــــــــــــ

ثمة أيضا السيدة ريو أم الراوي ، شخصية مطموسة ، تجلس إلى النافذة وتلقي نظرة على المدينة ، متسامحة ، مفعمة بالحنان ، محزونة وعاجزة .
ليس الطاعون هو كورونا فيروس . الأعراض ليست هي نفسها . لكن نمذجة الخاصيات هي هنا ، مثل مجموعة من ردود الفعل .
تأتي الرواية على نهايتها حول زوال الكارثة ، التراجع المفاجئ للمرض ، انخفاض الإحصائيات ، تقهقر الوباء مع وصول البرد والنجاحات الأولى لمصل تم اكتشافه .
بعد عشرة أشهر من الحجب ، خُفف تمن تضييق الخناق . عادت الحياة إلى ما كانت عليه ( " كيف تسمون العودة إلى الحياة العادية ؟ " تساءل كوثّار . " أفلام جديدة في السينما " ، رد تارو ) . وبالنسبة لبعض الشخصيات ، فإن الانطباع الأصم بأن ذلك يمكن أن يعود في يوم أو آخر ، بأن ذلك يمكن أن يعود كما جاء ، وعلى حين غرة . ومثل كوثار الذي يستمر كما كان من ذي قبل في جلب وجباته من المطعم المجاور . أو كالمؤلف الذي ختم الرواية بتلك السطور ، التي تمت كتابتها غداة الحرب ، التي تصدر صوتا نبوئيا والتي تبدو ، فعلا ، محيلة على التجربة الخاصة لكامو :
" اسمعوا صيحات الاستبشار التي تصدر من المدينة ، تذكر ريو أن ذلك الاستبشار كان مهددا على الدوام . لأنه كان يعرف أن ذلك الحشد المغتبط ويجهل ـ ثم إنه بإمكان المرء أن يقرأ في الكتب ـ بأن [بكتيريا] عُصية bacille) ( الطاعون لا تموت ولا تندثر أبدا ، فهي تستطيع البقاء طيلة عشرات السنين نائمة في الأثاث والغسيل ، تنتظر بصبر وأناة في البيوت ، الأقبية ، الصناديق ، المناديل والوثائق القديمة ، وربما ، سيأتي اليوم ـ بالنسبة لشقاء وتعليم الناس ـ سوف يعمل الطاعون على إيقاظ تلك الفئران ثم ترسلها للموت في مدينة سعيدة " .

ـــــــــ

كم من الرسائل الطبية ستحدث ، على مر الأجيال ، الصورة الجميلة للدكتور ريو ؟
ــــــــــ
إن هذا الكتاب ، الذي يرتبط بعمل استحق بفضله المؤلف جائزة نوبل للأدب ، العديد من الناس رأوا فيه استعارة للطاعون الأسود . ولكن كم هو عدد الرسائل الطبية التي سوف تحدث ، على مر الأجيال ، الصورة الجميلة للدكتور ريو ؟
ــــ
سلومون مالكا (salomon Malka): صحافي وكاتب فرنسي ولد بالمغرب سنة 1949 ، وهو من تلامذة ليفيناس . من أعماله : قراءة ليفيناس ، سيرف ، 1984 .
الله ، الجمهورية وماكرون ، مطبخ واعترافات ، سيرف 2019 .
ليفيناس ، الحياة والأثر 2002 .
مصدر النص : جريدة الفيغارو فوكس الصادرة في تاريخ 20 مارس 2020 . على الموقع : http://www.lefigaro.fr








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_