الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيروس كورونا و المعرفة القاتلة

الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)

2020 / 3 / 26
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


لعالم تحت صدمة جراء تداعيات فيروس كورونا , قلق غير مسبوق حول مصير العالم , أصوات بدأت تتحدث عن الحرب العالمية الثالثة و عن نهاية العالم.
الأزمة أنعشت خطاب النهايات , ليس كما تصورها الفيسلوف الالماني هيجل او حين يبلغ الفكر نهايته بتطابقه مع الواقع , او تصور الامريكي فوكويما بتوقف التاريخ في مرحلته النهائية / الراسمالية , لكن خطاب النهايات بمعناها الابوكاليبسية أي الفناء و نهاية العالم .
بسبب الفيروس, توقفت كل الحروب الاهلية و كل الصراعات المؤدجلة و المدفوعة الثمن, و التي تخاض بمنطقة الشرق الأوسط و أفغانستان , في إطار إستراتيجية الشرق الاوسط الجديد الذي رسمته الإدارة الأمريكية في المحافظين الجدد تجسيدا لتصورات ليو ستروس leo Strauss .
فجلة توقفت المعارك الصغيرة بكل من ليبيا و سوريا و اليمن و السودان و أفغانستان و العراق ليتفرغ العالم لتعداد و إحصاء عدد الموتى و البالغ عدد هم لحد الساعة 18600 شخص , و عدد المصابين ما يقارب 480000 مصاب .
فيروس او غاز قاتل ,وحد الجميع و اصبح الانعزال و الاختباء بالمنازل شرط النجاة في ظل عجز العلم عن ايجاج سبل العلاج . تحول الى جايحة وفق اعلانات المنظمة العالمية للصحة و وهو ما يكشف الخطر الحقيقي لهذا الوباء .
ثمة إجماع على خطورة الفيروس , بالمقابل تعارض و جهات النظر و اختلافها الى حد الاتهام حول اسبابه و مصدره و كيفية انتشاره , لنكون امام فرضيتين في انتظار تأكيد أحداها و نفي الأخرى او نفيهما معا , وان كنت اعتقد أن الجواب سيطول كثيرا , لان مهمة السياسي هي إخفاء الحقيقة و ليس كشفها .
الوضع الراهن هو حالة قلق عالمي , كل شئ تغير , كل شئ سيتغير, السياسة التحالفات النظام العالمي الجديد , نظام العولمة , العلاقات الاجتماعية , القيم الاجتماعية .
الوضع المقلق يضعنا امام تصورين للوضع , إن البشر إمام معرفة عاجزة او معرفة قاتلة, و هو ما يكشف طبيعة العلم بين الإنساني و ألتدميري .
2005 ترجم الباحث العربي مصطفى ابراهيم مصطفى كتابا مهما و مرجعيا للباحث الفلكي مارتن ريس عنوانه “ساعتنا الأخيرة” الصادر سنة 2003 , و الذي يتحدث بالكثير من التفصيل عن ارهاب المعرفة او المعرفة القاتلة, و قد تنبأ ريس بنهاية للعالم نتيجة إرهاب نووي .
تصور مارتن ريس , الفلكي و الذي قادته ابحاثه الفلكية الى الايمان بوجود الله , و تجاوز عتبة الالحاد , في كتبه ساعتنا الاخيرة , و الذي سبقه كتاب القرن الاخير لكوكب الارض , فقد حدد ملامح نهاية الكون وفناءه . و بلورة فكرة القيامة ليس من داخل النصوص الدينية, و لكن من داخل العلم و هنا تكمن اهمية التصورات التي تبناها ريس , فكرة القيامة تلقفتها شركات صناعة السينما, و حولتها الى تجارة سينمائية مربحة في اكثر من فيلم حول ذات الموضوع .
في كتابه يؤكد ريس ان احتمالات فناء العالم ارتفعت الى نسبة 50 في المئة , مشيرا الى ان العلم يتقدم بسرعة لا يمكن التكهن بنتائجه , و ان من اكبر الاخطار التي تهدد الوجود البشري الارهاب النووي و انتشار الفيروسات معدلة , و ان هناك خطر انفلات هذه الفيروسات من تحت سيطرة المختبرات و توظيفها في صراعات سياسية و اقتصادية سنة 2020 .
تهريب الفيروسات المعدلة و توظيفها الحربي , وفق تصورات مارتن ليس سنة 2003 أي سبعة عشر سنة من الان , يتم من طرف مجموعة من الاشرار او نتيجة خطأ بشري .
لذا أكد مارتن ريس ان سنة 2020 ستكون عام الخطأ البيولوجي و الذي سيتسبب في وفاة مليون شخص . الغريب و المدهش ان نبؤة ريس تحققت من خلال ازمة فيروس كورنا, و بعد مرور 17 سنة من كتابه المتضمن لهذه النبؤة العلمية .
و يضيف ان نهاية الانسان على الارض و ان ساعاته الاخيرة ستكون عن طريق العلم و المعرفة القاتلة , و ان الوصول الى شفرة الانسان dna ستقود الى تدمير طبيعة الاشياء و حقيقتها , قد لا نفاجئ حين نرى خروفا بحجم فيل, و ان نرى سمكا بحجم و شكل حوت كبير , ان اشكال الخضروات و الفواكه و الحيوانات ستتغير نتيجة تغيير الخريطة الجينية و تعديلها.
العلم في نظر ريس يقود الى صناعة الظلام و القتامة , و انه سيكون سببا في فناء الانسان و ليس انقاذه , و ستصبح التكنولوجيا سلاحا ذو حدين ستؤدي الى انهاء وجود الكون, الذي لايزال شابا . فهذه الفيروسات تؤثر على الذرات والنويات بسلسلة من التفاعلات التي تستطيع القضاء على كل الذرات على الارض, أو حتى تدمر نسيج الفضاء مما يصعب السيطرة و التحكم فيها وتزايد سرعة انتشارها .
الموقف الغير المطمئن من العلم في نظر مارتن ريس سبقه اليه الفلاسفة الوجوديون, و الذين اعلنوا صراحة العداء للعلم ، حين اعتبروا ان الانسان يعاني من قلة المعرفة لكنه سيعاني اكثر من كثرتها .
ريس يستمر في التنبيه الى مخاطر المعرفة القاتلة , ان الهندسة الوراثية ستغير طبيعة الحياة على وجه الارض , الامر قد يؤدي الى التحكم بالجينات الوراثية , مما يساعد في انتاج حشرات قاتلة و فيروسات قاتلة كرونا مثلاً , وقد يتم توظيفها سياسيا للقضاء عى الخصوم و الاعداء , أي بناء سلاح جديد لحرب لا ترى اسلحتها انها حروب الميكرو .
الخوف من العلم , او ما يمكن تسميته بالمعرفة القاتلة و إرهاب المعرفة هي تصورات تبناها الكثير من المفكرين و العلماء و الساسة. وهو ما سبق ان أشار إليه بيل غيتس مؤسس شركة ماكروسوفت حين اعتبر أن العالم مقبل على حرب باسلحة غير معتادة و غير تقليدية.
حتى الادب تاثر بهذه التصورات المؤسسة على الخوف من العلم , هو ما جسده الروائي الامريكي دين كونتز(Dean Koontz في روايته المنشورة في سنة 1981 أي قبل 32 عاما من انتشار ازمة فيروس كورونا تحت اسم عيون الظلام . وهي الرواية التي تحكي قصة ام فقدت ولدها نتيجة فيروس مجهول , يحمل اسم “ووهان 400” سلاح بيولوجي من صنع الإنسان بعد ان قام بتعديل اسم الفيروس الخيالي , لان الاسم الاول المتضمن في الطبعة الاولى يحمل اسم غوركي اشارة الى مدينة روسية.
الخوف من العلم او المعرفة القاتلة , هو اتجاه و توجس لدى الكثيرين نتيجة التوظيف اللا-انساني للعلم و لنتائجه , و هو ما عبر عنه مارتني ريس بالاشرار .
نظرية توظيف العلم في حروب القرن 21 يعني الانتقال من الحروب الماكر والى حروب الميكرو اي الحروب التي لاتستعمل فيها الاسلحة التقيلة و الصواريخ و الغواصات و الطائرات و الجيوش لكنها حروب جرثومية .
الكثير من الاصوات , تتبنى ان فيروس كورنا هو حرب من العالم الغربي المهيمن على مقاليد السلطة و الاقتصاد العالمي على الصين و الدول الصاعدة و محاولة اضعافها, و هو ما يفسر ظهور الفيروس بمدينة يوهان الاقتصادية
مؤشرات كثيرة تقود الى تبني فرضية الحرب الشاملة من بينها الوفاة الغامضة للطبيب الصيني مكتشف الفيروس .
الاكيد ان ازمة فيروس كورنا بغض النظر عن كل التصورات المتعارضة حول طبيعة الفيروس و نشاته و نشره , فاننا امام واقع معقد تتحدد ملامحه في نقطتين :
اولا : عجز العلم عن ايجاد علاج لفيروس قاتل, و هو امر مستغرب في ظل التطور التقني الهائل مما يضعنا امام فرضية المعرفة العاجزة .
ثانيا : ان هناك فرضيات تكشف ان فيروس كرونا هو انتاج علمي ثم توظيفه سياسيا في اطار حرب ضد الخصوم في اطار تنافس مصالح , و هو ما يقود الى فرضية المعرفة القاتلة .
ثالثا : انحسار الجانب الديني و اغلاق المساجد و الكنائس و دور العبادة وهو مؤشر ان الانسان بقي وحيدا اعزلا في مواجهة قاسية مع فيروس قاتل .
لذا , فان المرحلة المقبلة , تفترض نضالا عالميا , يقتضي بالضرورة الانتصار للقيم الانسانية و تخليق العلم و محاربة العولمة المتوحشة و التي حولت العالم الى سلعة , تحقيق ذلك يقتضي وعيا جماعيا و كونيا يجعل العلم يتصالح من الدين , حتي نكون امام معرفة انسانية تخدم الانسان و لا تقتله , غير ذلك سنكون في طريقنا الى الفناء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟