الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجريمة في ضوء الرؤية المادية للتاريخ -1-

نور طالب ناظم

2020 / 3 / 26
دراسات وابحاث قانونية


تعد الجريمة ظاهرة معقدة ومتشعبة,ولا يمكن فهمها أومعرفة أسبابها دون دراسة العلاقات الاجتماعية التي تربط الناس داخل بنيتهم الاجتماعية.كون الإنسان كائن اجتماعي وكل مايفعله ويمر به له صلة بواقعه الاجتماعي.وعلى الرغم من وجود العديد من الدراسات والنظريات التي فسرت ظاهرة الجريمة,الا ان غالبيتها ظلت محصورة في حركة فكرية مغلقة متخذة من الفرد المجرم مرتكزاً لها. ولعل من ابرز الأمثلة على ذلك ما نجده في نظريات التفسير الفردي التي ترى في الفرد البوصلة التي تساعد على معرفة أسباب الجريمة. ومن هذا نرى ان نظريات التفسير الفردي عالجت ظاهرة الجريمة بمعزل عن عناصر الكل الاجتماعي.في مقابل ذلك نجد أيضاً ان الكثير من نظريات التفسير الاجتماعي لم تستطع الخروج من مأزقها الفكري الذي يتمثل في عدم رؤية بنية علاقات الإنتاج المسيطرة عند تحليلها لظاهرة الجريمة،مما يؤدي إلى تحول علاقة التناقض الطبقي إلى علاقة تناقض بين فرد ومجتمع.ليس القصد من هذا الطرح التقليل من شأن ما توصلت اليه هذه النظريات، بل التأكيد على ان المنهج الذي اتبعته لا يسمح برؤية المشكلة بشكلها الشامل.ان دراسة أي ظاهرة اجتماعية لا تؤخذ بانعزالها،وانما من خلال ملاحظة حركة الواقع واختلافاته وتناقضاته، لان معرفة أي حقيقة موضوعية لا يجري بتحديد وحيد الجانب، بل بعملية تعميق تعطي الأولوية للمحتوى على الشكل وتقر بالترابط العام.وبناء على ما سبق صار من الضروري الانطلاق من الرؤية المادية للتاريخ في عملية التفسير، بمعنى ان الفكر يجب ان يتحرك في تحليله لظاهرة الجريمة من فهم جذورها في العلاقات المادية الحياتية التي أنتجتها، وليس باعتبارها جزء من الطبيعة البشرية أو نتيجة للظغوط الاجتماعية التي يمارسها المجتمع على الفرد.هذا ما يخبرنا عنه التاريخ، فبعد تحلل الاقتصاد البدائي،اخذت تتغير الشروط المادية للحياة والتي ارتكزت على الملكية والتملك كنتيجة للتقسيم الاجتماعي للعمل والذي على اثره اضحى التفاوت بين البشر واقعاً تحميه التشريعات الدينية والقانونية، كما اصبح الصراع من اجل التملك متغلغل في الوعي البشري،خصوصاً بعد انتصار البورجوازية في أوربا،حيث اصبح الاقتصاد يرتكز على الإنتاج البضاعي كنتيجة للتقدم الكبير في التقسيم الاجتماعي للعمل والذي كانت من نتائجه تحول العمل إلى اغتراب يفصل الإنسان عن نشاطه الحر وعن واقعه ،حيث اصبح يواجه كقوة غريبة يخضع لها، بمعنى ان حياة الانسان صارت مرهونة بهذا العمل المغترب الذي يرتكز على استغلال قوة العمل البشري من قبل الطبقة البورجوازية من اجل مراكمة الثروات. ان هذا الواقع الذي يخضع للتناحر الاقتصادي هو من أوجد حالة التناقض بين الإنسان والإنسان وهو من جعل المصلحة الشخصية الرابطة الأقوى بين الناس، بالتالي جعل أفراد المجتمع يعيشون حالة من الصراع المستمر الذي لابد ان تتخذ عند البعض منهم شكل الجريمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة وسط تونس تدعو لإجلاء المهاجرين من دول جنوب الصحراء


.. ميقاتي ينفي تلقي حكومته رشوة أوروبية لإبقاء اللاجئين السوريي




.. بمشاركة قادة سياسيين.. آلاف الماليزيين يتظاهرون في العاصمة


.. وسائل إعلام إسرائيلية تتناول مخاوف نتنياهو من الاعتقال والحر




.. تونس.. مظاهرة في مدينة العامرة تدعو لاجلاء المهاجرين غير الن