الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورونا ونهاية التاريخ

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2020 / 3 / 28
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


ليست الديموقراطية هى التى ستحدد نهاية التاريخ، كما تصور فرانسيس فوكوهاما فى كتابه الشهير، بتوحيد الناس وإنهاء الصراعات والحروب، لكنها المصائب الكونية، التى ستصيبهم من حيث لايعلمون، وتعلمهم تقدير قيمة الحياة ، والتكاتف فى مواجهة الموت.
إن أجندة المقالات والكتابات، والتى كنا قد أعددناها والتى ينطلق كل منا فيها، من موقفه الأيدولوجى المسبق، ضد الموقف الآخر، تبدو الآن بلامعنى ، فما معنى الصراع ، وقد أصبحنا جميعا اليوم ، كالعصافير فى شباك الصياد، فرضت جائحة كورونا نفسها علينا جميعاً ، بلا تميير، حدث غير مسبوق فى التاريخ ، حيث كان للجائحات، مهما عظمت، زمان ومكان محددين، ولم تعرف ذلك الشكل الكونى قبل اليوم ، حيث تعطل كل شئ على وجه الأرض، فى إنتظار المجهول، ولذا فمن الطبيعى أن تفرض علينا أيضاً، وقفة مع الذات، غير مسبوقة فى التاريخ.
إن المفاهيم النسبية لاتصلح فى علاج المطلقات، ولذا فإن الدعوات الدينية والشعبوية التى بدأت فى الإنطلاق، فيما بين الشماتة، ومحاولة إعادة التاصيل ، لعالم مابعد كورونا، إذا قدر للعالم أن يعيش ، هى دعوات حق يراد بها باطل ، ومجرد إستغلال لمحنة الإنسان ، فى سبيل تأكيد المواقف الأيدولوجية المسبقة ، والتى تؤكد المحنة نفسها أنه قد عفى عليها الزمان ، فالعودة إلى الله، هى مسألة نسبية تماماً ، يقصد بها أصحابها العودة إلى طغيان نصوصهم وتقاليدهم وسلطانهم على كل شئ ، العودة إلى الله تعنى لدى المسلم الإسلام ، ولدى المسيحى المسيحية، ولدى اليهودى اليهودية، وكذلك جميع الأديان، إذن هى ليست عودة إلى الله ، هى عودة إلى الدين ، دينى أنا من بين جميع الأديان، دعوة نسبية لاتتناسب مع المحنة الإنسانية المطلقة التى تشمل الجميع اليوم ، كما أنها تتسم بالسذاجة والتبسيط، فهذه الأديان ، كانت دائماً عامل تفريق، وليست عامل توحيد، ومانحتاجه اليوم هو بالتأكيد، عامل توحيد.
أما الشعبويون، والذين يطالبون بالعودة إلى التشدد فى مفهوم الدولة الوطنية، والسيادة وغلق الحدود، والتضييق على تداعيات العولمة، بالحد من إختلاط الناس والبضائع والأسواق ، فربما يكونون أكثر سذاجة من الدينيين ، لإن الفيروسات ، تنتقل أيضاً عبر الهواء ، وليس فقط عبر إختلاط الناس والبضائع والأسواق، ولانعرف كيف يمكن أن نغلق حدود الهواء.
الواقع هو أننا أصبحنا نعيش فى عالم واحد، وإنتهى الأمر، ولاسبيل للعودة إلى الوراء ، هذه هى رسالة كورونا إلى الإنسان، عالم جديد، تخلق من المنافسة والحروب والصراع، من حضارة الإنسان ، التى غيرت الطبيعة الأولى ، التى خلق عليها العالم ، حيث لم يكن هناك قومية ، ولادين، ولاتلوث بيئة ولاصراع ، إن معالجة الحاضر والمستقبل ، يمكن أن تتم فقط فى هذا الإطار، معالجة واحدة لعالم واحد تحطمت فيه الحدود ، معالجة مطلقة لمشكلة إنسانية مطلقة ، ثقافة جديدة مبنية على التعاون والسلام ، وليس على القومية والدين ، ففقط التعاون والسلام ، قد ينقذا الإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران