الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة يغود - الجزء الثاني - الحلقة السادسة

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2020 / 3 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


ارتشف سي عبد الله سيجارته، ارتشف الشاي، نفخ في الهواء دخانها، داعب رأسه، بيده اليمنى، ضرب بها ضربتين، تنهد، ضحك مولود، همهم كعادته، أنظر، هؤلاء التافهون، يتسارعون إلى مكتب القائد، رد سي حمد، نعم، هم مستعبدون فقط، لا يرجى منهم خيرا، يقبلون يد عبدو، فما بالك لما يناديهم القائد، رد سي عبد الله، قهقه، نعم، ذلك المنافق بمكتبه، كبير المنافقين، يجمع عليه زمرة من التافهين، الوشاة، يزورونه كل صباح، ينقلون أخبار القبائل، ينطلقون إلى الدواوير، يتربصون بضحاياهم، يفتعلون النزاعات بين الفلاحين، يجرونهم إلى المحاكمة بمكتب القائد، ذلك التافه، يجلس على كرسيه، يتذكر أيام الكلاوي، يتصور نفسه وريثه في العرش، يدخل المتنازعان، المشتكون، يصغي إليهم، ينهرهم، يصرخ فيهم، يمثل نفسه واعظا، تمرس أيام القضاء، في نكتت معروفة، لدى عامة الناس هنا، وهو في مكتبه، بمنزله، مع متقاضيين، دخلت عليه الخادمة، قالت له : يا سيدي قالت لك سيدتي : إن الكبش قد كسر القنينة، هكذا يتم قلب الحكم، اليوم يقوم الوشاة، الشيوخ الذين نصبهم، على القبائل، بدور الخادمة، بمكتبه.
مر عبدو، أمام الدكان، كعادته، بسيارته، يزور القائد صباح مساء، لكن اليوم يزوره، ليس ككل الزيارات العادية، في زيارة خاصة، لتقديم العزاء، عزاء السلطان، يخرج من منزله، تفتح الخادمة باب الكراج، يدخل، تهمهم، نعم سيدي، تقبل يده، يمد يده لكل من حاول السلام عليه، يشعل محرك السيارة، يخرج في اتجاه مكتب القائد، كعادته، يدخل، يتظاهر بالبكاء، يستهزئ به القائد، يعرفه يتصنع، يمثل، قال له : يا عبدو، أنت دائما تتصرف، كأنك طفل صغير، تعلمت الكسل في الزاوية، فقدت الشعور، لم تستطع التعبير عن الحزن، حتى أنك اليوم، تتصنع البكاء أمامي، فقدت شعور البكاء، يدخل بن حمو، نعم سيدي، الفقيه يصل بعد قليل، يريد توجيهاتك، يدخل أصحاب العزاء، واحدا واحدا، أغلبهم من المستعبدين بالزاوية، يحاولون تقبيل يد القائد، يقدمون العزاء، يخرجون، يستهزئ القائد بعبدو، أتنتظر أن يقبلوا يدك بمكتبي ؟ أنا لا أسمح بتقبيل اليد، فقط يد السلطات، أنا قبلتها مرة، عند تعييني بالرباط، لما قدمنا الولاء، اليوم فقدنا السلطان.
دخل سي مولاي، كبير المنافقين، بصوت مرتفع، ما شاء الله، إن لله وإنا إليه راجعون، ماذا جرى، عزاؤنا واحد، جلس، يهمهم، رد عليه القائد، باركا من التصنع، أنت دائما هكذا، تتظاهر بالعظمة، لكن في المواقف، تبقى خائفا، لم أر يوما خائفا مثلك، جهز نفسك للسفر، لابد لنا من حضور الولاء، هذا المساء، بعد الطهر، نقيم صلات الغائب، موازاة مع الرباط، حلت بنا الفاجعة، دخل سي محمد، الفقيه، مع رفيقه، سي حماد، يقدمان العزاء، التحق باقي العدول بالمكتب، رفع الفقيه الدعاء، اجتمعوا، هنا، بالمكتب، يتذكرون، اجتماعاتهم بدار الكناش، بالزاوية، أيام كانوا يخططون، يكتبون كل العقود، خاصة عقود تمليك الكلاوي، للقصبة والجنان، وتشريع الاستغلال، استغلال المستعبدين بالزاوية، هم زمرة من المنافقين، اليوم يجمعهم القائد، بمكتبه، يخاطبهم، يسألهم، عن أحوال القصبة، قصبة الكلاوي، تحولت إلى فرع المعهد الإسلامي بتارودانت، عن الطلبة، القادمين من المدارس العتيقة، بالجبال، ليس من أجل تفقد أحوالهم، بل لإشراكهم في صلات الغائب، حملة الكتاب، مجتمعون، يتفننون في حبك القضايا، الشكايات، في الفقه، في التوحيد، كانوا يتربصون بمكتبة الزاوية، اختطفوا كل كتبها، اليوم يجتمعون على مائدة اللئام.
مر أصحاب العزاء، أمام دكان مولود، مستعبدو الزاوية، همهم سي حمد، أشار إليهم، قائلا : مساكين، آباؤهم، كانوا يحملون العتاد، من حمير ومعاول، أدوات البناء، في اتجاه تالوين، في الأعمال الشاقة، في بناء القصبة، في مزارع الكلاوي، جاء الطاعون، عصف بآبائهم، تلك الجائحة، تفتك بالرجال، يتم عزل المصابين، حجرهم في البيوت، من مات منهم، يتم رشه بالجير، تم بناء منطقة خارج الزاوية، محجر للمرضى، الذين يفتك بهم المرض، تكلم سي عبد الله، السياسي الحكيم، تم استغلالهم بالزاوية، تم تدجينهم، اليوم يتم استغلالهم، استغلال مزدوج، نشر القائد في صفوفهم، جواسيس، حتى النساء منهم، في الزاوية عدة مدارس، المدرسة العتيقة، مدرسة المنافقين، ومدارس التجسس، هي مدارس متعددة، يتم تسخيرهم، بعض العائلات منهم، من أجل جمع الأخبار، القائد عارف بما يجري، في السياسة، أيام المقاومة، الآن هناك صراع، بين الحزبين، بعد حل الحكومة، السيطرة المباشرة للقصر، على السلطة والمال، القائد يراقب كل شيء.
مرت سيارة عبدو، حاملة مجموعته، وقفت أمام الكراج، نزل منها بن حمو، رجع إلى الدكان، المجموعة مازالت هناك، دخل، قص عليهم قصة مكتب القائد، بطريقته المعهودة، الفكاهة والتنكيت، ضحكوا، رد عليه سي حمد، ذلك المكان لا يليق بك، لوح لهم السوارت، طلب السكر والشاي، دفع الثمن، انصرف، انطلق سي عبد الله إلى دواره، دخل مولود إلى المنزل، معه صديقه سي حمد، جلس الاثنين ببيت الضيافة، قدم لهم حسون، ابنه الثاني، ماء الغسيل، لم يذهب إلى المسيد اليوم، شاهد أحد الرجال، يمشي باكيا، ينوح، سأل أباه مولود، لماذا يبكي ؟ ضحك الأب، لم يجبه، جلسا حول مائدة الطعام، طاجين مزعفرن، خبز من تنور، من طهي للا فضمة، المقراج يفور، الصينية مجهزة، أقام سي حمد الشاي، المنعنع، يرتشفون، كؤوس الشاي، بعد آذان الظهر، أقاما الصلاة معا، بالمنزل، استرخيا في قيلولة خفيفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -