الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين لَم تتّبع معاملَة المثّل مع دول العالم - ..

ازهر عبدالله طوالبه

2020 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


لَم يكُن العالم مُنشغلاَ بفيروس " كورونا " عند إنتشارهِ في مدينةِ " أوهان " الصّينية، ولَم يُبدي ـ أي العالم ـ تعاطفاً مع الصين تجاه الأزمة التي تعرضت لها, بَل إنعزلَ العالم بشكلٍ عام عن الصين, وجعلها تواجه هذا الفيروس بأخطارهِ الكثيرة لوحدها, فوصلَ الأمر ببعضِ دولِ العالم وبأهمِّ شرائحها ـ شريحتها السّكانية ـ إلى أن يحلِّلوا هذا الفيروس تحليلات كثيرة, دونَ أن يعلِنوا تعاطفاُ ـ ولو معنوياـ معها, فكانَت القليل ـجداـ منّ تلكَ التحليلات قريبة من الدّقة والصواب ؛ لإعتمادها على العِلم والدراسات العلمية, والكثير منَها قّد بُنيَت على الأحقادِ والمطامعِ الإقتصادية, وكانَت هذه التحليلات تنّتَشر كالنّار بالهشيم, أي الأسرع أنتشاراً على مستوى العالم, والأكثر تصديقاً عند الشعوب التي رُبيَت على عدمِ الصدقِ, والخِداع وتزليف الحقائق, فجزء من هذه التحليلات قّد حمِّل لإعتقاداتٍ دينية وهي بعيدة كل البُعد عن الدين, والجزء الآخر قّد قسِّمَ إلى نصفين, نصّفٌ قالَ بأنها مؤامرة من قبل الدول الرأسمالية بقيادة أميركا التي تسّعى إلى أضعاف القوة الإقتصادية للصين, والنصفُ الآخر قال بأنها مؤامرة من الصين على أميركا والدول الأوربية ؛ حتى تتمكَّن من السيطرة على إقتصادها دونَ أطراف خارجية, وهذا ما ذكرته في مقاليَ السابق ..

اليوم, وبُعيّدَ إنتشارِ الفيروس في مئتي وعشرين دولة تقريبا على مستوى العالم, دونَ أن يستثنى أحدٍ منّها, ـ سواء أكانَت هذه الدول من دولِ العالم الأول والثاني والتي تٌعرف بالدول المتقدمة في كُل مجالاتها, والتي تًجيد التعامل مع الأزمات بمختلفِ أسّبابها, أو تلكَ التي تُصنَّف بدولِ العالم الثالث أو التي لا تصّنيف لهاـ, وايضاً بُعيّدَ تصّنيفيه من قبلِ هيئة الصحة العالمية " بالوباءٌ العالمي", لَم يعُد يهمّني كثيراً ـ في هذه الأوقات ـ البحث عن سبب ظهور الفيروس بالصين, ولا عن التسكُّع في أسطرِ المقالات والدراسات التي تٌحاول أن تُبينَ الهدف من ظهوره, بقدّر ما يهمني الإستفادة من تعامُل الصين الداخلي والخارجي, اللذان مِن خلالهما قَد أثبَتَت الصين بأنّها دولةٌ منَ الدولِ العظمى على هذه الكُرة الأرضية . فإنَّ تعاملها الداخلي والذي مكّنها من السيطرة على الفيروس, والحدِّ من إنتشاره من خلال الإجراءات التي اتخذتها على الشِعبِ الصيني, والتي أثبَتَت صوابيتها, وذلك بإنقضاء أحدى عشرَ يوماً دونَ أن تُسجِّلَ الصين أي إصابة, قَد كانَ تعاملاً ينّحني له العالم إحتراما, ويجِب أن يُحتذى به من قبل كلَ دول العالم, وهذا ليسَ بالشيء الصعب. حيث أنّ التّعداد السكاني للصين يفوق التعداد السكاني لكثير من الدول العالمِ وهي مُجتمعة مع بعضها .

وأما فيما يتعلَّق بتعامُلها الخارجي, وهو التّعاون مع الدول التي إنتشرَ بها الفيروس بشكلٍ لا يَصدَّق, وفي مُقدِّمتها إيطاليا, فقَد كانَ تعاملاً حكيماً مِن قبلَ دولةِ حكيمة, لَم تُعامل العالم بما عاملها, ولَم تأبه بكُل ما تعرَّضت لهُ, فقامَت الصين بإرسال عدد من الكادر الطبي الذي عملَ على حصرِ الفيروس في مدينة " أوهان" ومِن ُثمَّ قتلهُ, إلى إيطاليا ليتصدّى مع الحكومة الإيطالية للفيروس الذي باتَ يُصيب أكثر من خمسمئة شخص, ويخطفُ أكثر من مئة روحٍ في اليوم الواحد, وليس هذا فحسب بل قامَت إحدى كُبرى الشركات الصينية, بإرسال المُساعدات الطبية إلى إيطاليا, وكتبَت على الصناديق الخشبية التي وضِعَت بها المُساعدات " نحن أمواج في نفس البحر..أوراق في نفس الشجر.. أزهار في نفس الحديقة " ..

على عكّس بعض الدول التي لَم تأخذ هذا الفيروس على محمل الجَد, وأخذتَه على محملِ السُخرية والإستهزاء, قَد أدركَت الصين بأنهُ لا مجال للإستهتار به, وخاصة بعد أن بّلٌغ عدد ضحاياه ـ على مستوى العالم ـ إلى اليوم, أكثر من إثنى عشر ألف ضحيَّة, فأعلَنت الصين عن تكاتفها مع كُل دولِ العالم, لتُعلِنَ الحربَ على هذا الوباء, وحثَت على وجوبِ أتحاد العالم تحتَ مظلَّةٍ واحدة, ألا وهي " مظلَّة الإنسانية " ...

لقَد رمَت الصّين بكُلّ خلافاتها الإقتصادية مع العالمِ في قبّرٍ مُظلِم، ومدَّت بيديّها إلى العالمِ مُعلنةً العفوَ عَن كُل مَن أساء لها، وأنزلَ عليها غضباً ربّانياً - وكأنَّ الغضَب يُنزلُ بإرادتهِ وليسَ بإرادة الله ..!! -، وأثبتَت لمَن إتّفَق مع سياستها أو إختلَف بأنّها تسّعى إلى إفادة العالمِ بما تمكّنَت من الوصولِ إليه .

لنأخذ درساً من تعامل الصين مع هذا الوباء ..
هذه الفُرصة الحقيقية لإعادةِ الأمنِ والسلام إلى هذه الأرض التي أثقلتّها الحروب .. إنّها الفُرصة الحقيقية لإيقافِ شلالات الدماء ..

هكذا عاملَت الصّين العالم، فكيفَ يجب على العالمِ أن يُعاملها ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح