الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجهاد و التشبيح : محاولة لرؤية طب نفسية

احمد عسيلي

2020 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


بالرغم من وجود كم هائل من دراسات الثورة السورية ، غطت بشكل عام معظم جوانب هذه الثورة ، ببعدها الطبقي ، و الطائفي ، و الإثني ، و التاريخي ، و بكل اللغات تقريبا ، لكن مازال هناك نقص كبير في دراسة دور الخلل النفسي ، و الإضطرابات النفسية عامة ، في التأثير بمجريات هذا الحدث الصادم في تاريخنا الوطني ،و هذا عائد برأيي إلى قلة المعرفة بالجوانب الطب نفسية لدى الكتاب و الصحفيين من جهة ، و إلى ضعف انخراط الأطباء و المعالجين النفسيين بالمساهمة في هذه الدراسات ، بالرغم من أن دور الخلل النفسي أوضح من الشمس في بعض المواقف التي سلط عليها الكثير من الضوء ، كالتحول المفاجئ لأحد قيادات جبهة النصرة إلى المسيحية ، أو قتل داعشي لوالدته ( بكل رمزيته في التحليل النفسي ) ، أو أكل الكبد ، وضع الطيار الأردني في قفص حديدي و من ثم حرقه بأسلوب هوليوودي ( النار و القفص ) ، قيام عناصر النظام بقطع العضو الذكري للكثير من المعتقلين السياسيين حتى الأطفال منهم (حمزة الخطيب ) ، و اصرارهم على إهانة لفظ الجلالة ، مقابل تأليه بشار.....كل هذه الصور ، تستلزم الوقوف الطويل عندها و تأملها جيدا ، طب نفسيا و تحليلا نفسيا ، من أجل فهم أعمق لسيكولوجية المنخرطين في هذه الثورة ، و على ضفتي (أو ربما ضفاف ) الحرب .
سأقوم في هذه المقالة ، بمناقشة سريعة و مختصرة ، لحالتين مرضيتين معروفتين جدا في الطب النفسي ، أعتقد أن لهما بعضا من الأثر في تطور مسار الثورة السورية ، و هما حالتي الفصام ، و اضطراب الشخصية المضاد للمجتمع .
فالفصام بأشكاله المختلفة ، نسبة انتشاره بأي مجتمع ، تكاد تكون 1% تقريبا ، فاذا كان تعداد السوريين قبل موجات اللجوء و القتل و الإستشهاد ، حوالي 24 مليون انسان ، فهذا يعني وجود حوالي 240 الف مصاب بالفصام ، و هم أشخاص فاقدين للقدرة على المحاكمة المنطقية ، نتيجة اضطرابات عقلية و خلل عصبي بحت ، و يسهل عادة التأثير بهؤلاء المرضى و السيطرة عليهم ، و دفعهم للقيام بالعديد من الأنشطة الإجرامية ، لذلك يستوجب غالبا اخضاعهم للمتابعة الطبية المستمرة ، ووضعهم تحت الوصاية القضائية في كثير من الأحيان . و السؤال : كم من هؤلاء الأشخاص يجري استغلالهم في الحرب السورية ؟ خاصة أن النظام السوري ، بطبعه نظام مخابراتي ، و يعرف جيدا طرق استغلال البشر ، و طرق الولوج الى دواخلهم للسيطرة عليهم ، و يستطيع الوصول الى السجلات الطبية لجميع السوريين ، و سجلاتهم القضائية أيضا ، و معرفة كل تفاصيل حياتهم الشخصية ، مما يجعله قادرا على استغلال هؤلاء المرضى ، و إن كانت نسبة لا بأس بها من هؤلاء المرضى من غير الممكن زجهم في الحرب ، نتيجة فقدانهم لكل قدراتهم العقلية و تواصلهم مع المحيط ( أتكلم هنا عن الفصام المشخص ) ، لكن هناك أيضا نسبة لا بأس بها من المرضى الذهانيين غير الفصاميين ، الذين يبقون على حدود مقبولة من التماسك مع الواقع ، و لا يفقدون قدراتهم العقلية تماما ، و يمكن استخدامهم بسهولة في عمليات اجرامية متعددة ,
هذا الأمر ينطبق أيضا على المصابين باضطراب الشخصية المضادة للمجتمع ( السكوباتي ) و هو اضطراب في بنية الشخصية ، لها معدل انتشار يتراوح بين 1-2% من السكان ، تجعل الشخص مستعد للقيام بكل الجرائم و الإنتهاكات ، دون أي احساس بالذنب ، و دون أي تأنيب للضمير ، و النظام السوري ، و غيره من أجهزة الإستخبارت العربية و الأجنبية ، لديها بالتأكيد خبراء ، و تستطيع معرفة هؤلاء الناس ، لاستغلالهم في تعذيب المساجين ، و قتل المتظاهرين ، و العمل كمخبرين لديه ، بدافع الإيذاء و التشفي بالقتل ، و قد رأيت مرة ببداية الثورة ، أحد المرضى المصابين بهذا الإضطراب ، و الذي كان يتردد على مشفى المواساة ، و يتلقى علاج نفسي دوائي ، يعمل كشبيح في شوارع دمشق ، و قد نبهت عدد من زملائي الأطباء إلى هذه الحالة ، دون أن يكون باستطاعتنا القيام بأي شيئ (لأسباب معروفة ) ، و ذكرت حينها قصة هذا الشاب في عدد من أماكن التواصل الإجتماعي ، لأن هذا الجريمة وحدها ، كافية لإدانة هذا النظام الوحشي .
هذا الأمر لا ينطبق على السوريين فقط ، بل على بقية العرب و الأوربيين ، فالتطرف و القتل و الدمار ، الحاصل في سوريا ، أثار العديد من غرائز هؤلاء المرضى ، و عزز خيالاتهم و ذهاناتهم المرضية ، كما تؤثر متابعة مجريات الأحداث في البلاد ، من مجازر ، و اعدامات ميدانية بطرق سينمائية ، و بيع للنساء ، كعامل محرض لتسوء الحالة المرضية ، مما دفع بالعديد من المرضى و المصابين بأمراض نفسية ( أو ربما يدفع بهم ) للمجيئ الى البلاد للمشاركة في هذه الحرب ، و حالة داعش و الجهاد ، كخيالات مرضية ، نجدها كثيرا في أوربا ، و تقوم الدولة عادة بوضعهم في الأقسام النفسية ريثما تستقر حالتهم ، لكن بالطبع الدول الأوربية ( بافتراض حسن النية طبعا ) لا تستطيع معرفة جميع هؤلاء المرضى ، و قد تسلل الكثير منهم الى سوريا ، و هناك العديد من الحالات المرضية ، الموثقة أوربيا ، لأشخاص اعتنقوا الإسلام فقط كي يشاركوا في الحراك الجهادي المتطرف ( أعتقد أن حالة أدريان راسل الذي غير اسمه ليصبح خالد مسعود و انخرط في الحراك الجهادي المتطرف ، تحتاج إلى المزيد من الدراسة الطب نفسية )
و قد أشارت الكثير من التقارير الإخبارية ، الى وجود أوربيين في داعش ، لا يملكون العلم الكافي بالإسلام أو اللغة العربية ، و يستبعد أن يكون اسلام هؤلاء حصيلة دراسات فكرية أو روحية بحتة ، على كل ،لا أعتقد بوجود أي تجربة عميقة ممكن أن تدفع الإنسان للإنتساب لداعش . أو موقف فكري أو وطني تجعله مشاركا في خدمة عائلة الأسد ،
لا أود أن أقول بالطبع ، أن كل منتسبي داعش من المصابين بالمرض النفسي و اضطرابات الشخصية ، لكن نسبة مهمة جدا من المساهمين في هذ الحركة ، لديهم اضطرابات نفسية ، لو كنا نملك دولة بمؤسسات حقيقية ، لكانوا تلقوا العلاج النفسي و الدوائي المناسب ،و ساهموا في نهضة البلاد ، بدلا من تخريبها و قتل أبنائها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها