الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورونا

عتريس المدح

2020 / 3 / 29
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


ها أنذا أجلس ضجرا و راء حاسوبي أقلب صفحات الشبكة العنكبوتيه من صحيفة هنا إلى موقع هناك ..في محاولة لقتل الوقت والهرب من التفكير فيما سيسفر عن هذه الجائحة التي إكتسحتنا، أقوم لاتناول هاتفي الذكي للإتصال ببعض الزملاء والأصدقاء ... تتهافت علي بعض المكالمات من عمال و مستخدمين يسألون إن كان هنالك إمكانية في أن تصرف الشركة لهم بعضا من أجورهم، ليستعينوا فيها على حصار الحجر الالزامي .. لا أعرف بماذا أجيب، فأنا واحد منهم ، همي كهمهم، و لربما أكثر .. تتصاعد في رأسي هموم أبنائي الذين يدرسون خارج الوطن وكيف سيتدبرون أمورهم ، الشهر سينتهي خلال يومين فكيف سأتدبر إرسال التحويلات المالية لهم، لا رصيد لدي إلا الراتب الذي لا يكاد يكفي كبقية الموظفين، ... الوقت ظهرا ماذا أفعل؟ تنقلت من شباك لشباك خطر ببالي أن أخرج.. إلى أين؟ لحسن حظي أسكن في جنوب المدينة الغربي على حدود المدينة مع البراري .. لبست و خرجت إلى سفح الجبل المقابل .. إستظللت شجرة جلست تحتها .. السكون يعم المكان، أسندت رأسي إلى ظل الشجرة،شيء ما يطن برأسي صوت حوار يتناهى إلى مسامعي دوي صياح ..
عطس كائن حي، نفث أنفاسه الملتهبة، نشر رذاذه في دائرة لا يتعدى قطرها المتر ونصفه، قفز من الرذاذ مارد جبار بحجم جسيم ضئيل لا يرى بأقوى المجاهر، إلا بتلك التي تعمل بتقنية النانومتر، إلتفت هذا الجسيم يمنة ويسره، دارحول نفسه نظر إلى الامام والخلف...
- صاح يا لهذا العالم من حولي، يا لساكنيه الحمقى ...ما ذا فعلوا بهذا العالم، ما هذا الهواء الفاسد والملوث من حولي..أف ما لهذه الطبيعة البائسة.... ما لهذ ألاشعة فوق البنفسجية التي تخترق حجاب الحماية حول كوكبي... ما هذا الخرم في هذا الحجاب الحامي؟ لم هذا الخرق في طبقة الأوزون ؟ لم هذا الاحتباس الحراري؟ و ما لهؤلاء الحمقى؟ وما لهؤلاء البشر؟ ما بال قويهم يقتل ضعيفهم؟ وما هذه الصواريخ والدبابات والقنابل والطائرات والمدمرات والبوارج؟ مال الامريكان يتنمرون على إيران؟ ما بال إسرائيل تضطهد الفلسطينيين؟ ما بال ترامب يهدد فنزويلا....ما بال هواوي تترنح؟ ولم يصيح هذا الترامب ويتذمر من الصين؟ ولم يتحاذق هذا البومبييو ويكيل الاتهامات يمينا ويسارا....لم ...لم ولم، ما بال كيم جونج يصنع المزيد من الصواريخ؟ ما بال أبو علي بوتين يشهر تسوركين و إسكندر و يسير آرماتا ، و ما هذا الاردوغان السلجوقي يستقوي على الشام وليبيا ... ما ذا أرى؟ لم تقصف السعودية اليمنيين الفقراء وما بال الحوثيين يطورون ثاقب وغير ثاقب..
- رد عليه جسيم آحر كان قد سبقه في التواجد، يشابهه بكثير من الخصائص، ما بالك يا هذا؟ أنت لم تفقس من البيضة بعد فلم تتسائل؟ لقد ملأت العالم ضجيجا فمن أنت؟
- رد المارد الضئيل الذي لا يرى إلا ببعض المجاهر العاملة بتقنية النانو .. من أنت؟
- أجاب الاخر أنا سارس كورونا جئت قبلك ولاحظت ما تتسائل حوله فمن أنت؟
- أجاب الثاني أنا كوفيد 19 كورونا.. يبدو أننا أقارب
- نعم نعم رد عليه سارس يبدو أننا أقارب
- وما تفعل يا سارس؟ تسائل كوفيد 19
- سارس أنا جئت قبلك إلى هذه الدنيا؟ و رأيت هؤلاء الحمقى البشر قويهم يتنمر على ضعيفهم ، قويهم يستغل عماله ويهتم بجمع الثروة، ولا يلقي بالا لآلامهم، و هل باتوا شبعانين أم جائعين؟ هل باتوا دفآنين أم باتوا يرتجفون في البرد؟ وهل تناول مريضهم الدواء؟ وهل يسمح له بالعلاج في المستشفى؟ وهل طفلهم تحصل على دميته ودفتره وقلمه؟ وما رأيت ..إن غنيهم يتمتع وفقيرهم محروم.
أنظر لدولهم .. هاهي أمريكا بقيادة أصحاب الثروة والمال تفرض قوانينها وعملتها على العالم، وتعتبر نفسها الحاكم الأوحد... ومن يخرج عن طوعها تخسف بعملته الأرض، او ترسل له وكلاء لها يعيثون بأرضه تدميرا وتقتيلا.
ها هي أمريكا تؤلف الاحلاف وتنظم الجيوش وتفرض العقوبات على الاخرين .. ، أراها تطمع بكل شيء، بالثروة والسيطرة والسلطان.... إنها وحلفاؤها جاهزون لقتل الاخرين في حروب القنابل والنابالم والنووي، جاهزون لحروب الحصار والتجويع حتى التطويع.
لقد أثخنوا في الأرض والشعوب و أفقروا العالم، إستنزفوا الطبيعه وانتهكوا البيئه، خرموا الاوزون، و اخترعوا الاحتباس الحراري، الجليد في القارة الجنوبية يذوب من نتاج أفعالهم، الغابات الخضراء في البرازيل إحترقت بسببهم، حتى غابات إستراليا إشتعلت كمدا من عدوانهم، وحيوانتها إحترقت من وقع شرورهم.
- و ما ذا فعلت يا سارس لتمنعهم ..
- أجاب سارس حاولت وهددت حياتهم.. لم يتعظوا وفشلت، فقد إخترعوا الادوية لقتلي حاصروني وضيقوا علي
- صاح كوفيد بصوت عال تنح من امامي أغرب عن وجهي ، أنت فاشل... سأريك بهم ، سأعلمهم درسا، سأبدأ هجومي عليهم لن يعرفوا عني شيئا، لن يعرفوا كيف سآتيهم، حتى عوارض إصاباتي لن يجزموا بمعرفتها سآتيهم من حيث لا يحتسبون..
- تعقل يا كوفيد 19، سيستغلون هجومك سيتركونك تفتك بمسنيهم، سيتذرعون بالانتخاب الطبيعي، لن يتبعوا أنظمة صحية تهتم بالجميع، سيعمل أغنيائهم على حماية أنفسهم فقط، ويتركون الفقراء والعاطلين لتفتك بهم.... إنهم يقرآون مالتوس ويعملون بتعليماته ووصاياه، آه يبدو أنك حليف لهم ..
- ماذا تقول يا سارس .. لا لا لست حليفا لاحد
لن أتراجع عن هجمتي عليهم، سأفرض عليهم الخوف والهلع والذعر،
سأقعدهم في البيوت سيتساوى ثريهم وفقيرهم
سأحاصرهم داخل دولهم و مدنهم و أحيائهم
سأجعل بورصاتهم تتهاوى
سأجعل أحلافهم تشك ببعضها البعض
سأحرض بنتائج أفعالي فقرائهم على أثريائهم
سأحرض ضعيفهم على قويهم
سيتهم بعضهم بعضا ...............
- كلا لا تفعل يا كوفيد لن يفيد هذا، أنت ستساوى هكذا ثريهم وفقيرهم، قويهم وضعيفهم، شريرهم بطيبهم، كبيرهم بصغيرهم، جشع و طمع أثريائهم بحاجة مستضعفيهم..الخ
- إذن فلأحتجزهم في بيوتهم وغرفهم، لعلهم يراجعون أنفسهم
سأعمل على تفهيمهم أخطائهم، سأجبرهم على معرفة أخطائهم ، وما يفعلونه بأنفسهم، وبالبيئة والطبيعة حولهم ، سأريهم جشعهم وطمعهم ، وعدوانيتهم وإعتداءآتهم، لعلهم يفهمون
- سينتصرون عليك يا كوفيد 19 ، وسيدمرونك ويعودون إلى سيرتهم الأولى في القتل والتدمير في الجشع والطمع والاستغلال واستقواء القوي على الضعيف وانتهاك البيئة واستنزاف الطبيعة
- كلا لن أتراجع سأفتك بهم ولن يكون لهم من سبيل علي سأكون آخرتهم ونهايتهم إلا إذا ...
- إلا إذا ماذا؟
- إلا إذا تراجعوا عن غيهم وشرورهم..إلا إذا تراجعوا عن حروبهم و تصنيع أسلحتهم المدمرة.. إلا إذا تراجعوا عن أنظمتهم وقوانينهم الجائرة.. إلا إذا توقف أثرياؤهم عن جشعهم وطمعهم و استغلال قويهم لضعيفهم... إلا إذا آبوا إلى رشدهم و تعاونت مجتمعاتهم في وقف الحروب والعدوان ... إلا إذا وضعوا عقولهم برؤوسهم و توقفوا عن إنتهاك البيئه و استنزاف الطبيعة... ها أنا أضرب لهم مثلا... لقد سجنتهم في بيوتهم و أذقت البعض مرارة فقدان أحبائهم .. ها أنا أوقف دخان مصانعهم .. ها أنا أوقف طائراتهم وسيارتهم ..فلينظروا كيف يتحسن الهواء ويتطهر من ملوثاتهم... فإذا أكملوا واتبعوا نهجا جديدا خيرا يأخذ مصالح الكل على مصالح البعض عندها قد يستطيعون الانتصار على جبروتي... فلربما ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رب ضارة نافعة
نعمان رباع ( 2020 / 9 / 28 - 11:13 )
اخي الكريم عتريس المدح لك كل الاحترام والتقدير يبدو ان الكورونا أعطت للبشرية جمعاء درسا حتى على المستوى الذاتي والحياة اليومية الخاصة ان يحاربوا النزعة الارادوية النقيضة للعلمية في كل أمور حياتهم وكذلك محاربة السلوك المتهور الغوغائي كما قيل في كتاب مرض اليسار الطفولي في الشيوعية

اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت