الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم ما بعد فايروس كورونا!

عادل احمد

2020 / 3 / 30
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


ليس خافيا بأن فايروس كورونا هو اكثر وباء يشكل خطر في يومنا هذا والذي انتشر في جميع أنحاء العالم، واصيب به حوالي نصف مليون إنسان وراح ضحيته آلاف المصابين وأكثريتهم من كبار السن والعدد بأزدياد مستمر. وليس خافيا أيضا بأن هذا الفايروس أثبت فشل وعدم فاعلية النظام الصحي في كثير من الدول الرأسمالية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية، رغم امتلاكها احدث التجارب العلمية والتكنولوجية وصاحبة اكبر الاقتصادات في العالم.. اثبت عالم زمن الكورونا بأن النظام الرأسمالي لا يهمه غير الربح وتراكم الرأسمال بيد أقلية وترك أكثرية المجتمع من العمال والكادحين والمحرومين في واجهة المأسي.
اود ان الفت الانتباه لا الى خطورة الفايروس والذي انشغل العالم به وتروج له قنوات وأجهزة الإعلام اكثر من اللازم لبث الخوف والرعب في قلوب مليارات من البشر على الأرض.. ولست هنا بصدد تقليل مخاطر هذا الفايروس القاتل وعدم التعامل معه بجدية، وانما لنترك المجال هنا للمختصين في هذا المجال ونتعقب بأستمرار التعليمات الواجب اتخاذها من اجل الوقاية والقضاء عليه بطرق علمية وإيجاد اللقاح المناسب للقضاء عليه... وانما اود ان أتطرق الى الخطورة الكامنة من وراء هذا الفايروس والتي تحدث من هنا وهناك من خلال تصريحات لبعض ساسة البرجوازية وخبراء الأقتصاد وخبراء الأستراتيجية لخطورة العالم الرأسمالي والنظام العالمي والتي تتسم بأزمة وفشل السياسة الليبرالية والتي سادت العالم من بعد الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا المتمثلة بأقتصاد السوق الحرة وعولمة الرأسمال.. ان بوادر فشل الليبرالية البرجوازية في التحكم بالرأسمال العالمي والتي بدأت منذ سنوات وحتى قبل تفجيرها بالأزمة الاقتصادية لعام ٢٠٠٨ وما أعقبها من الركود الاقتصادي النسبي، والتنافس المستمر من اجل بقائه مع الاقتصاد الصاعد لرأسمالية الصين وروسيا المبني على الأقتصاد المشترك بين السوق الحر وملكية الدولة التي تتحكم بالقسم الأعظم من الرأسمال وتوظيفه في مشاريع الربح المستقبلية.. ان انهيار النظام السياسي الليبرالي للرأسمالية خلق مشاكل وفاقم الأزمة على مجمل علاقات الرأسمال في العالم قاطبة، حيث الاتحاد الأوروبي يتفكك تدريجيا والذي بدأ بخروج بريطانيا منه، مع أستمرار تباعد الهوة بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا في المجال الاقتصادي والى حد ما الأمني.. واستمرار الحرب الاقتصادية بين الصين وأمريكا وفرض ضرائب إضافية على تبادل البضائع بينهما، هذه هي من أولى البوادر ومخاطر النظام الاقتصادي البرجوازي العالمي.. ومن الجدير بالذكر ان عقد القمة الدول العشرين ( G20) قبل أيام وعن طريق "الأون لاين" وبعنوان المواجهة العالمية لفايروس كورونا كان في الأساس قمة للتوافق حول تشكيل نظام عالمي جديد على اثر فشل النظام الحالي في ادارة الراسمال، وكذلك ايجاد عملة عالمية جديدة بديلا عن الدولار الامريكي كمقياس للأقتصلد العالمي لمواجهة مرحلة ما بعد أنهيار النيوليبرالية، حيث قدم الرئيس الروسي بوتين نموذجه لشكل الدولة من خلال تحكم سلطة الدولة بجزء كبير من الرأسمال، كما وأشار الى النموذج الصيني في نمو الأقتصاد الرأسمالي، ونلاحظ أثر ذلك بقيام الولايات المتحدة اللأمريكية بتفعيل قانون الدفاع المدني والذي يخول الدولة على أجبار المصانع والشركات ان تطبق ما تحتاجه من السلع لإنماء الاقتصاد والأرباح، على العموم وهذا بدوره تغيير مسار حركة الرأسمال بما يتناسب وطنية إنمائها..
ان المخاطر فيما تراه الطبقة البرجوازية ليس فقط تفشي كورونا بسرعة وعدم قدرة نظامها الصحي على مواجهته، وانما الأوضاع ما بعد كورونا والتي تتسم بالفوضوية وعدم اليقين من إيجاد الحلول المناسبة لعملية الرأسمال والأرباح والتي خطورتها لا تقل عن الأزمة والكساد الكبير قبل مائة سنة، والذي تسبب في أنهيار كثير من الدول والأنظمة وفي النهاية اندلعت على اثره الحرب العالمية الثانية من اجل تقاسم الأسواق عن طريق الحروب والدمار ونهب الموارد والمصانع والتكنولوجيا بعضهم لبعض.. إذن الخطورة الكبرى هي الأوضاع ما بعد كورونا هي ما تشغل بال الطبقة البرجوازية العالمية وتصرف تريليونات من الدولارات من الان في جميع أنحاء العالم من اجل أيقاف سقوط النظام العالمي الرأسمالي بشكل تراجيدي، ولكبح ظهور الاحتجاجات والحركات العمالية القوية وعدم ظهور التيار الاشتراكي العمالي في قلب الطبقة العاملة مرة أخرى.. لان العالم ما بعد كورونا سيكون مغاير تماما وبدل تفشي فايروس كورونا عالميا ستتفشى البطالة والجوع والحرمان بين أبناء الطبقة العاملة والجماهير الكادحة.. وسيتفشى الفقر المدقع وانعدام النظام الوقائي الاقتصادي للطبقة العاملة من ضمان البطالة والخدمات الاجتماعية ورفع سن التقاعد واستقطاب المجتمع الى طبقتين واضحة المعالم، نتيجة انهيار وإفلاس الشركات الصغيرة والملكيات البرجوازية الصغيرة وإفلاس قسم اعظم من الفلاحين وترك الأراضي وبيعها لمالكي المزارع والأراضي الكبار.. وستتفشى البطالة بين المتخرجين الجدد وصعوبة أيجاد فرص توظيفهم..
سيكون أيضا العالم من بعد كورونا مختلفة بالنسبة للطبقة العاملة، وستخفف حدة هجمة البرجوازية العالمية على الحركة الشيوعية والطبقة العاملة من الناحية الفكرية قليلا، لان الطبقة العاملة ستدرك ان النظام الرأسمالي ليس النظام المناسب ولا يقبل التصليح والإصلاحات وانما يوم بعد يوم سيكون شرسا وهمجيا وأكثر وحشية، ولا يبالي لابسط حقوق البشر بغير الطمع والربح وتراكم ثرواته.. وهذا بدوره يتيح الفرصة ان يخرج ماركس من عبائته مرة اخرى وان يخرج الى العلن وهذه المرة من قبل العمال أنفسهم كما كانت في السابق.. ان العودة الى ماركس يعني الرجوع الى النقد الجذري للنظام الرأسمالي وتحطيمه.. الطبقة البرجوازية تستعد لما بعد كورونا ان تجمع قوتها وخبرتها واستراتيجيتها وكذلك على الطبقة العاملة تستعد في ان ترجع الى تاريخها النضالي والى شيوعيتها ولكن في زمن ما بعد كورونا وانهيار الليبرالية البرجوازية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مساهمة في الصميم
حميد خنجي ( 2020 / 3 / 31 - 11:37 )
شكرا صديقي العزيز على هذا الإسهام الممتاز، وهذا الربط العضوي بين الكورونات وهشاشة المنظومة الرأسمالية المعاصرة من الداخل. يبق أن يشحذ هممهم التقدميون في العالم، للعمل المشترك وتثوير ادوات الفكر النظرية والتطبيقية. والنضال الدؤوب في سبيل دحر الرأسمالية بغية مجيء منظومة مابعدها

اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة