الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزرقاوي والمتياسرون ..!!

هادي فريد التكريتي

2006 / 6 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أثار نبأ مقتل الزرقاوي وثلة من رهطه ، إرتياحا لدى عامة الشعب العراقي ، لما أوقعه هذا المجرم المتأسلم ، وفصيله "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين " من قتل وتفخيخ وتفجير أودى بحياة ألآلاف من أبناء الشعب العراقي ، ناهيك عن بشاعة الذبح التي كان يمارسها هذا المجرم بالضحايا ، والتمثيل بجثثهم ، إلا أن نبأ مقتله ، أثار في المقابل ، ردود فعل عربية وإسلامية مختلفة ، متناقضة وغاضبة من قبل الجماعات الأصولية والمتأسلمة ، المؤيدة والداعمة للإرهاب ، وللجرائم التي كان يمارسها هذا الفصيل في العراق ، تحت واجهة العداء لأمريكا ، كما انخرطت في التنديد لمقتل الزرقاوي القوى المتحالفة معه من بعض فصائل عراقية ، لتنظيمات دينية ، طائفية ـ سنية ، وأخرى ذات توجهات قومية ـ عنصرية وصدامية ، تتماهى أهدافها مرحليا ، مع توجهات الزرقاوي ، تحت أسم " المقاومة الشريفة " ، هدفها إعادة القديم لقدمه ، بإرجاع الطاغية صدام ورهطه الفاشي مرة أخرى إلى الحكم .إذا كنا نتفهم مواقف هذه القوى والأغراض التي ترمي لها ، من وراء تحريضها على قتل شعبنا بحجة مقاومة الاحتلال ، فلا يمكننا أن نتفهم موقف " المتياسرين " الذين أصابهم الهلع من تمكن قوى الاحتلال الأمريكي من قتل الزرقاوي وبعض حوارييه ، فالعراق المخرب لم يكن صنيعة قوى الأحتلال الأمريكي فقط ، بل هو نتيجة لما آل إليه وضع الحكم الفاشي الذي امتد قرابة الأربعين عاما ، حيث أُنتهكت ، بلا حدود ، حرمات الشعب والوطن على يد هذا النظام الفاشي ، الذي ساندته في مواقفه السياسية ودعمته بقدراتها المادية والتكنولوجية الكثير من قوى اليسار العالمي ، وعلى رأسها الإتحاد السوفيتي العظيم ، كما حظي هذا النظام بدعم غير محدود من قبل الإمبريالية العالمية والأمريكية خاصة ، ولم يستطع المتياسرون الجدد آنذاك ، أن يحلوا هذا التوافق ـ اللغز ـ بين قطبي صراع الحرب الباردة ، فعلى أرض العراق تم توافقهم ، وكان الضحية هو الشعب العراقي ، وتوزعت على جانبي هذا التوافق قوى مؤيدة ، تدعي اليسار والتقدمية ، وأخرى قومية ـ عربية ودينية ـ طائفية ، عميلة حتى النخاع ، حرضت وساندت النظام على قمع الشعب العراقي ، وزينت له الدخول في حروب مع جيرانه ، لحماية البوابة الشرقية ، وأغلقت كل هذه القوى منافذ إعلامها عما يجري داخل العراق ، من خرق وانتهاك لأبسط مفاهيم الحرية وحقوق الإنسان ، ونتيجة لشعار حماية الجبهة الداخلية ، أطلق رأس النظام الحرية المطلقة لمؤسساته القمعية لملاحقة وقتل الوطنيين ، وكان الشيوعيون على رأس قائمة أولويات هذه الملاحقة والقتل ، ولم يستثن هذا النظام حتى أولئك الذين وقفوا إلى جانبه ، برفعهم شعارات انتهازية " الدفاع عن الوطن " في حين لم يكن لهم ولغيرهم وطن يدافعون عنه .
هؤلاء المتياسرون يبدون السخط على مقتل الزرقاوي ، وكأنما الزرقاوي هو من يقود مقاومة وطنية أو قومية حقيقية من أجل الشعب العراقي ، لطرد الاحتلال الأمريكي ، في حين يعترفون أن الزرقاوي ما هو إلا واحدا أخرجته صناعتهم . نعم صنيعتهم عندما كانت هناك حاجة لأمثاله ، كما هو ابن لادن وصدام وغيره ، في هذا الوقت بالذات انتفت الحاجة له ، ما الغرابة بالأمر ، كما انتهت المصلحة ، أوانتفت الحاجة من قبل ، لكثير من الحكام والعملاء ، بانتفاء السبب الذي كان قائما لتجنيدهم أو لتنصيبهم . كما يقول المتياسرون ، هناك علاقات متغيرة بين الأفراد والدول ، وهذا صحيح ، ولكن بالمقابل هناك مصالح دائمة بين الدول والشعوب ، واليوم ما تهمنا هي مصلحة الشعب العراقي ، بأن يتوقف ، أو يخف ، هذا الإرهاب الأعمى الذي ضحيته وهدفه كل أبناء الشعب العراقي ، إرهاب التفجير والتفخيخ والقتل على الهوية ، والذبح وقطع الرؤوس ، فالضحايا هم من شعبنا ، ومن مصلحة شعبنا أن تضعف جبهة الإرهاب في وطننا وتتلاشى ، قبل مصلحة بوش وإدارته وقواته المحتلة ، فالمصلحة هي التي أكرهت الزرقاوي النزوح من محافظة الأنبار ، ومغادرة مواقعه الحصينة فيها، حيث كانت سر قوته وجبروته ، تربطه خطوط تموين قصيرة وآمنة ، تمده بالرجال والزاد والعتاد ، من دول داعمة له ومؤيدة للإرهاب ، محافظة الأنبار على سعة رقعتها ، كانت مقرا آمنا ، تأويه وتحتضن كوادره في بيوتها ، وتداويه في مستشفياتها ، وتقدم له معلومات استخباراتية دقيقة عن الأهداف التي تهمه ، هو غير قادر على الحصول أو الوصول إليها ، إلا عن طريق قوى عراقية قومية ودينية ـ طائفية تحالف معها ، وتوثقت عرى التعاون بينهما منذ أكثر من سنتين في المنطقة ، فعندما لاحت لهذه القوى العراقية ، المنخرطة في " المقاومة الشريفة " الحصول على امتيازات أفضل لها في الحكومة ومؤسساتها أولا ، ولأبناء منطقتها من أمن وخدمات إنسانية ثانيا ، من تلك التي كان الزرقاوي يحققها لها ، تخلت عنه وأرغمته على مغادرة ساحته الآمنة ، إلى أخرى يجهلها ، أطالت خطوط إمداداته أولا ، وسكانها لم يكن ولاؤهم مطلقا له ثانيا ، وهذا ما ضيق عليه طوق المحاصرة والمراقبة ، ولم يستطع الوصول إلى حدود الحليف الجديد ، إيران ، فالجغرافية والناس اختلفت عليه وعلى أتباعه ، بسبب المصلحة وليس غيرها ، ليسقط غير مأسوف عليه ، فانتقاله من منطقة لأخرى ، على الرغم من أنه كان مكرها عليه ، إلا أنه كان يبحث عن مصلحة أفضل ، يحقق فيها إرهابا أفضل للشعب العراقي ، وطرده من المنطقة الغربية كان نتيجة اختلاف قتلة فيما بينهم على المصالح ، وقتل الأمريكان له كان لمصلحتهم ولمصلحة الشعب ، فما العيب في هذا ؟ أم أن المتياسرين أغاضهم قتل وحش ضار من جبهة " المقاومة الشريفة " بدد حلمهم في عودة الجرذ ، نزيل مخدعه القذر ، وحقق للأمريكان مصلحة في إعداد " سناريو سياسي " ، ربما يزيد من شعبية بوش بين شعبه .!! ما يهمنا هو شعبنا ، وكل نأمة في سيناريو ، سياسي أم عسكري ، مهما صغرت ، من أية جهة جاءت ، تخفف عن شعبنا آلامه وجراحه ، وتقربه من مجال حياة إنسانية آمنة ، نحن معها ، وهذا ما يقربنا من ساعة الخلاص من الاحتلال ، وما جاء به علينا من مآس ..

9 حزيران 2006









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تسارع وتيرة الترشح للرئاسة في إيران، انتظار لترشح الرئيس الا


.. نبض أوروبا: ما أسباب صعود اليمين المتشدد وما حظوظه في الانتخ




.. سبعة عشر مرشحا لانتخابات الرئاسة في إيران والحسم لمجلس الصيا


.. المغرب.. مظاهرة في مدينة الدار البيضاء دعما لغزة




.. مظاهرات في تل أبيب ومدن أخرى تطالب بالإطاحة بنتنياهو