الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماقبل كورونا مابعد كورونا

إبراهيم اليوسف

2020 / 3 / 31
الادب والفن




إنه جرحك ضمده أنت!

"." نقطة أول الرعب!؟
لن أقدم- هنا- سيرة فيروس كورونا، فهذا ليس شأني، ولن أزجَّ نفسي في مواجهة أمر ليس من دائرة اختصاصي، و للسبب ذاته لن أتابع الخطَّ البياني للآفة التي أصابت الصين، في قلبها، أو خاصرتها: أووهان، فذلك شأن تابعه العالم كله، من أقصاه إلى أقصاه، عن قرب أو بعد، بل عن قرب، لأن ماكان يجري في-الصين- فإنه كان يتم أمام أعيننا، في غرف نومنا، وصالات بيوتنا، كانت الصين تلعق جراحاتها، ويفتك بها الرعب العظيم، إلاأنها اتخذت إجراءاتها بصرامة. كانت الصين، في المدى المنظور وحدها، وإن تمت إعلانات أممية عن المساعدة، من قبل هذا البلد أو ذاك، لكن كل أدواتها مواجهاتها لهذه الآفة التي اشتعلت في البلاد كانت ذاتية. الآخر، كان يقدم تسليط الأخبار، ومنه من كان يضخم حجم الآفة بما يفاقم حجم الرعب. ثمة من تشفى بالصين لأكثرمن سبب، وهوإما من الصنف الذي له مواقف من نظامه، أو من له مقاصد اقتصادية، أو سياسية، أو من كانت له مآخذه على ذائقته. عاداته. فلكلوره. تراثه. ثقافته"المطبخية"!
لاشك في أنه لو بقي الأمرفي حدود الصين، ومن هم ضيوف البلد، أو حصراً من هم في مقاطعة أووهان، لربما نظرالعالم كله إلى الأمربنظرة-لا أبالية- وهي نتاج عوامل كثيرة، رسختها ثقافات أنظمة الحكم في الكثيرمن بلدان العالم، ومن بينها نظام الحكم في الصين الذي كان له موقف سلبي مما يجري في سوريا، وهكذا بالنسبة إلى سواه، وكان عامل المصلحة هو المعيار في تقويم تراجيديا السوريين العظيمة.أجل، أتحدث عن النظرة- اللاابالية- التي باتت تنال من كل منا، بهذا القدرأو ذاك، فالحريق الذي يلتهم بيت جاري لاشأن لي به إن لم يمتد إلى داري. تلك الثقافة المشؤومة. ثقافة الخلاص الفردي الذي أصاب العالم، وهي ثقافة خارج سلم الأخلاقيات الأصيلة لدى الإنسان الذي غادرلحظته الوحشية، باتجاه آدميته، وعاطفيته، وتربيته السامية على مرالعصور، قبل عودته الأخيرة القهقرى إلى الخلف، نتيجة ماسمي ب"مصالح الأنظمة"!

و مع انتشارأنباء اجتياح هذه الآفة العالم، خارج مهادها الصين، وفي كل الجهات: غرباً، وشرقاً، جنوباً، وشمالاً، وقلبا أو مركزاً، بدأ الصوت الإنساني"ابحثوا عن الديك" وهومثل سمعته من أسرتي، ومفاده أنه عندما سرق جمل أسرة ما، بعد سرقة ديكها، ومن ثم خروفها، ونعجتها، وبقرتها، فقال الأب لأبنائه الذين أهملوا مايتم:
ابحثوا عن الديك!
كان هذا النداء الأول الصائب الذي سننسااه، أنى تجاوزنا الازمة، على عادتنا. على عادة طبيعتنا، وباتت الأنظمة تخاف على كراسيها، على نحو جدي، وبات كل منها يتحسس حدود خصوصيتها، خشية أن يتم اختراق بلدها، وينتشرهذا الوباء، ويتفاقم، ويفقد امتيازاته، وتنكشف عوراته، وإن كان أول إعلان عن حصانته الداخلية: نحن بخير، الفيروس لن يخترق بلادنا، وهوما كان يطرح من قبل أكثرالأنظمة فشلاً، وهشاشة، ودكتاتورية، بل تم نشر آلاف الطرائف من قبل المواطن المغفَّل. ابن ثقافة هذه البلدان، وهو من داخلها أو من خارجها، عن الصين، وبات العمل لتشويه صورة الصين، ومحاولة نسف صيته، وتجارته، وعظمته، لتنقلب الآية، فور أي إعلان جديد: الصين تتعافى، الصين تخلصت من الكورونا، إذ بات بعض هؤلاء يفكر بالهروب إلى الصين، بدلاً من أنه كان يعد السفرإلى الصين: انتحاراً، بالرغم من أن الصين قدم أعظم التحديات في عالم الصناعة والتجارة، بالرغم مما على هذه الصناعات من ملاحظات يمكن تلافيها.
الحديث عن أووهان، يعني الحديث عن-أزمة أخلاق العالم- هذه الأزمة العصية التي لابد من مجابهتها، ومن جديد، وهوأمر لا يمكن تحقيقه، في ليلة وضحاها، بعد هذه الأزمة العالمية الكبرى التي نمربها، بل يمكن الاتكاء على نتائج هذه الازمة التي لانزال في بدايتها. بداية تصاعد أرقام مرضى هذا الوباء، محطة محطة، بما يدفع إلى الهله والرعب!
ليس لدينا، الآن، وصفة متكاملة لهذا الخلاص الأخلاقي، لأنه مرتبط بظروف خريطة متناقضة من المصالح، بين جبهني الشر والخير، بل إن جبهة الخير ذاتها، قد تغيرموقعها. علامتها. سِمَتهَا، وسِمْتها، وهي تواجه الشر المحدق، بما يمكن أن يسجل عليها دفاعها عن الذات، وحتى العالم!
حسبنا، أن نؤكد، وننشر عنواناً مقترحاً لثقافة مابعد كورونا، ومفاده هو أننا مطالبون بالدعوة إلى عالم آخرمابعد كوروني، وليس مابعد كولونيالي، كما روج، بحيث نتخلص من أوبئة الثقافة الماقبل كورونية، ونؤسس لثقافة أخرى تدعو إلى أن العالم قرية واحدة، إلا أن لكل بيت خصوصيته وأن هذه الخصوصية توثق وشائج بيوتات القرية المتناثرة، ولاتكرس العزلة، لاسيما إن العزلة التي يعيشها العالم الآن مرعبة إلى حد جد كبير، وليس أعظم من فرار الابن من الأب والزوج من الزوجة ، وهلمجرا...
نحن، الآن، على مفترق طرق: أن نكون ولا نكون. تلك هي المسالة، و لمايزل حريق كورونا في أول البيدرالإنساني، ولعل طبيعة هذه الآفة تتيح لها أن تتطور وتفتك بالعالم كله، وليس بثلثي العالم، إذ إن مجتمع الثلث نفسه لا نجاة له البتة، ولاضمان لحياته. مصائر الكوكبيين كلهم مرتبطة ببعضها بعضاً، ولابد لكل منا أن يعمل من جهته لإطفاء هذا السعيراللهبي المجنون!


أرسل المقال ل" ضفة ثالثة" وطال انتظار نشره، فها أنشره هنا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي