الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تيريز الهلسة أيقونة أردنية مسيحيّة من أيقونات النضال العربي

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2020 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


توفيت في العاصمة الأردنية عمان المناضلة الكركيّة تيريز أسحق عودة الهلسة، ورحلت عن عالمنا بعد حياة حافلة بالنضال والتضحية والعطاء دفاعا عن مبادئها وحقوق الشعب الفلسطيني في التصدي للاحتلال، ونعتها السلطة الوطنية الفلسطينية، والمجلس الوطني الفلسطيني، والأحزاب السياسية، والعديد من الهيئات الرسمية والشعبية الأردنية والفلسطينية.
ولدت الفقيدة في الأول من يناير 1954 في مدينة عكا شمال فلسطين لعائلة أردنية مسيحية؛ قدم والدها لفلسطين من الكرك عام 1946، وتزوج من أمها نادية حنا من قرية الرامة قضاء عكا، وأنهت دراستها الثانوية في نفس المدينة، لكنها كما روت قررت الانضمام إلى الكفاح الفلسطيني المسلح بعد أن شهدت في عكا عام 1970 واقعة القبض في عرض البحر على " مجموعة عكا " الفدائية حيث استشهد أحد أعضائها من أبناء المدينة، وعند تشييعه رفضت السلطات الإسرائيلية طلب عائلته رؤية جثته قبل الدفن للتعتيم على التعذيب الذي تعرض له.
مثلت تلك الحادثة نقطة تحول في حياتها، فهربت من فلسطين المحتلة إلى الضفة الغربية ثم إلى لبنان دون علم والديها، والتحقت بالعمل الفدائي الفلسطيني مع حركة فتح في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وكانت من أوائل الشابات المؤمنات بأن للنساء الأردنيات والفلسطينيات وشقيقاتهن العربيات الحق في حمل السلاح، ومشاركة الرجال في المقاومة في الصفوف الأمامية لتحرير فلسطين من الاحتلال، ودفاعا عن أوطانهن وكرامة أمتهن.
فلا غرابة إذا في أنها كانت واحدة من أربع فدائيين شاركوا في اختطاف طائرة سابينا البلجيكية إلى مطار اللد في 8 مايو 1972، مما أدى إلى قيام مجموعة من الجيش الإسرائيلي باقتحامها، وكان من بين أفرادها بنيامين نتنياهو الذي أطلقت عليه تيريز النار وأصابته برصاصة في كتفه، وفشلت العملية وانتهت بإصابتها واعتقالها وحكم عليها بالسجن المؤبد مرتين وأربعين سنة، قضت منها 10 سنوات في السجن إلى أن انتهت بالنفي بعد الافراج عنها بتبادل للأسرى عام 1983، وعاشت بعد ذلك في عمان حتى انتقالها إلى رحمة الله في 28 مارس 2020.
لم تتوقف تيريز عن الكفاح من أجل قضايا أمتها، وواصلت عطاءها بعد تحريرها من سجون الاحتلال فعملت كرئيسة لرابطة شؤون جرحى الثورة الفلسطينية، واستمر نشاطها الاجتماعي والسياسي على الساحة الأردني، ولم تغب يوما عن أي حراك جماهيري أردني للمطالبة بالتصدي للسياسات والأطماع الإسرائيلية، وبالإصلاح السياسي وتحقيق العدالة الاجتماعية في الأردن والوطن العربي.
رحلت تيريز هلسة الكركية حزينة على واقع أمتها العربية، بعيدة عن عكا، ومحرومة من دخول الأراضي الفلسطينية التي أحبتها وأمضت حياتها مكافحة من أجل تحريرها؛ لكنها سطرت اسمها من ذهب في تاريخ النضال الأردني الفلسطيني المشترك ضد الصهاينة، وقدمت دليلا آخر على حقيقة واقعة وهي أن فلسطين والأردن شعبهما واحد ومصيرهما واحد، وكانت وستظل نبراسا للمرأة العربية المسلمة والمسيحية المناضلة من أجل حماية وطنها وأمتها؛ فوداعا تيريز، لن ينساك شعبنا، ونطلب من الله أن تكوني من أهل الجنة مع القديسين والقديسات، والمؤمنين والمؤمنات الصالحين والصالحات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس