الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في البحث عن الحالة صفر (0)

محمد زكاري

2020 / 3 / 31
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


من هو أوّل من أصيب بفيروس كورونا؟ سيفيد الجواب عن مثل هذا السؤال العلماء كثيراً، في فهم الطريقة المُثلى للحدّ من انتشار فيروس كورونا كوفيد-19، لكن مثل هذه المغامرة البحثية هي في نفس الوقت تشبه البحث عن السراب. يخوضُ علم الفيروسات، وعلم البيولوجيا اليوم مخاضاً عسيراً، تكلفتهُ باهضة؛ إنها تعادلُ حياة البشر، لكن من هو صفر هذا؟ ينتمي إلى مدينة ووهان الصينية، لا نعلم عنه الشّيء الكثير سوى أنّه ينتمي إلى دولةٍ ذات سيادةٍ سياسية واقتصادية صارمة، وهو ابن مدينة عانت في الآونة الأخيرة الأمرّين في سبيل مواجهة هذ الوباء الذي انتشر بسرعة البرق في أرجاء العالم، مجاوزاً نصف مليون مصاب.
صفر (0)هو شخص مجهول، لا توجد أدنى معلومة عنه، لكننا مع ذلك نبحث ونسأل عنه، لعلّهُ قضى نحبه وحمل معه السّر الذي كنَّا نريدهُ، وإن كان حيًّا فإنّه تائهٌ لا يدري ماذا يفعل. تلك إذن هي الجائحة تجعلُ كلّ ملفّاتنا مبعثرةً، وكلّ مخططاتنا بلا جدوى. أو أن يكون السيد (0) يتباهى بقيمته، إنّه تهديدٌ شيطانيٌّ لا يكادُ يعادله أيّ تهديد.
لم تكن الحالة صفر (0) مجرّد حالة عاديّة، إنّها الوسيط بين عالمين، عالم قديم تحكمه الولايات المتّحدة الأمريكية وحلفاؤها، وعالم جديدٌ تنتقل فيه الزعامات إلى قوى أخرى، إنّه أعاد المؤمنين إلى مساجدهم وأديرتهم، وأعاد العلاقات الحميمية إلى الأسر، وأنهى كلّ الخلافات الطبقية القديمة، وأصبح الغني يساعد الفقير ليبقى محجوزاً في عقر داره، تلك إذن هي المعجزة التي تجعلهُ نبيًّا منتظراً ومهديّ الأمم. سيكون صفر الشخص الذي نقل لعنة الطبيعة إلى البشر.
الحالة صفر (0) هي، بكلّ تأكيدٍ، الكبرياء المنهار أمام سلطة الطبيعة الجبّارة. لكن كيف يمكنُ لأنظمة العالم الجديد ولاقتصادياته أن تفهم هذه المعادلة؟ هل سنرجح كفّة الإنسان على الاقتصاد والمال؟ هل سنعطي الفقراء راتباً ونعتني بهم دائماً؟
الحالة صفر (0) أعادت للإنسان إنسانيّته، وحرّرته من العبوديّة، وجعلت كلّ الناس على قدمٍ سواء، فكلّ شخصٍ يعيش اليوم في بيته المقدّس، ويزدادُ مقدار تعاطفه بمقدار خوفه. فهل لهذا الفيروس من حسنات علينا؟
الحالة صفر (0) جمعت المشرّدين من الشوارع، وأعادت الاحسان بين البشر، فهل سنتعلمُ الدّرس؟ إنّه درسٌ قاس لكنّه نافع، فالدّروس المؤلمة هي التي تعلّمنا أكثر.
شكراً لك يا صفر (0) لقد ذكّرتنا بأشياء كدنا ننساها..
سيتعين علينا منذ هذه الفترة، أن يكون لدينا كلّ القوة بأن نتخلص من كلّ شيء امتلكناه من قبل، لكن ندخل هذا العالم الذي يحكمه قانون كوفيد-19، سنشتري الأوكسيجين، وسنعتمرُ خوذاتٍ لكي نستنشق هواءً عليلاً، وسيكون علينا أن نضحيّ بأنفسنا في سبيل ما أقدمنا عليها، وفي سبيل رغبتنا المجنونة في أن نواجه كلّ شيء، ولكي نعرف المدى الذي سينهار عندهُ غرورنا. لقد انتهت الأمنيات، وانتهت المصادفات، وكلّ الحقائق عادت إلى مزابل التّاريخ. لا حقيقة إلّا ما سنقرّرهُ بدءاً من الآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة