الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورونا ، تغريدة الإنسانية

شلال عواد العبيدي

2020 / 4 / 1
حقوق الانسان


الأصل الإنساني واحد ، أبناء البشرية متساوون في اصلهم ، كلهم من آدم و حواء ، لا يستطيع أنسان أن يدعي خلاف ذلك ، و الإنسانية بما إنها من اصل واحد فانهم متساوون أُصلاء ، ليس فيهم هو أصيل و آخر اقل منه أصلاً أو نوعاً ، نعم تقسمت البشرية إلى شعوب و أمم لكن ليس على أساس انه فيهم الشريف و الضعيف ، السيد و العبد .
و حيث إن الأنسان لم يُخير حين يولد في أي ارض و في أي حضن سيجد نفسه و لأي أمةً سينتمي و أي لسان سيتكلم و باي لون سوف تصطبغ جلدته ، فكل إنسان قد ولد من إنسانه تدعى امه لم يختارها ، لكن الكل على يقين إن أي إنسان على هذه الأرض مؤمن بشكل مطلق لا يقبل الشك أو الجدل في إن أمه هي أعظم النساء و أفضلهن و أحنهن و أجملهن و و و انه محظوظ انه قد نال هذا الشرف بان تكون هذه العظيمة أمه ، و يفتخر بها .
والحال نفس الحال بالنسبة للامة التي خلق فيها ، وكذلك اللغة التي نطق بها أول مرة و الدين الذي اعتنقه عن أهله و أمته ، كلها تُعد من دواعي اعتزاز هذا الإنسان ، بل انه يستغرب و لا يستطيع أن يتخيل لو كان وجوده في أسرة أخرى و مجتمع آخر و أمة أخرى و يتكلم لغة غير لغته التي وجد نفسه ينطق بها ، فهذا الانتماء عقيدة و اعتزاز عند الإنسان لا يمكن زحزحتها كإيمانه و اعتزازه بأمه و يقينه بانها افضل ما حظى به و رزقه الله به .
و خلاصة القول إن كان الأم و الوطن و اللغة و الدين و اللون ليس خياراً ذاتياً لنا ولم نختاره نحن، إلا انه قدراً محبب إلى القلب.
و من هذا المنطلق و الشعور يجب أن يحترم الإنسان أخيه الإنسان في انتمائه إلى أمة أو قومية أو دين ما، لان ذلك يعتبر حق له و مصدر فخر و اعتزاز و انتماء، وان كان قدراً لم يتدخل فيه.
و وفق هذا الحال وجدَ بعض الناس انفسهم أغنياء و بعض أخر وجد نفسه فقيراً ، و بعضهم أبيض و بعض آخر أسود و كذلك انتمائهم ، فقد يكون في دولة رأسمالية أو دولة اشتراكية ، أو أن يكون في دولة دينية أو علمانية ، ويجب أن لا يُعد هذا التقسيم عامل لتقسيم البشرية أو النظر اليها كطبقات واحدة أفضل من الأخرى .
المؤسف إن ما ترسخ في الفكر الإنساني و موروثه من معتقدات هو على خلاف ذلك ، فقد تم فعلا تقسيم المجتمعات إلى طبقات ، فقراء و أغنياء ، و أحرار و عبيد ، و أصول عريقة و أخرى غير عريقة ، وأصبحت نظرة العالم مادية خاليه من المشاعر الإنسانية في التعامل ، ولذلك خالفت ما يجب أن يكون عليه التعامل الإنساني بين أبناء الإنسانية من تعاون و تآخي و تسامح ، و هذا ما نتج عنه السلوك الشرير في محاولة اختصار حق العيش الحر و الرغيد لفئة معينة دون أخرى و على حسابها ، و بذلك تقسمت البشرية في تكتلات و أحلاف على أساس عنصري و قومي و مصلحي ، و أصبحت كل فئة تؤمن بان الحق في العيش و الحياة من حقها أولا ، حتى و لو على حساب الأخر و معادته ، ولهذا توجه العالم إلى الاحتكار و بناء جيوش ضخمة و صنع و امتلاك ترسانات من الأسلحة النووية و الجرثومية و الأسلحة الفتاكة الأخرى ، و بهذا الأنانية قد خرج الإنسان عن اصله الإنساني إلى التشبه بالحيوانات المتوحشة و المفترسة .
واليوم بعد أن ظهر فايروس كورونا ، و هدد كل أبناء الإنسانية دون استثناء ، أو أن يميز بين إنسان و آخر دولة و أخرى دين و آخر دولة غنية أو فقيرة اسود أم ابيض أمريكي أو روسي أوربي أو عربي مسيحي أم مسلم ، حيث ضرب طوق على كل إنسان و جعله حبيس بيته ، و جعل الكل لا يتمنون و لا يطلبون غير البقاء على قيد الحياة و أن يتكاف العالم اجمع و الإنسانية كلها من اجل الخروج من هذا المأزق الخطير .
وقد يشكل هذا الوباء الخطير درساً عظيماً للإنسانية ، درسا عمليا تطبيقيا لا يعتمد على فلسفة و لا نظرية و لا ايدلوجية ، و ربما نجح هذا الفيروس في يقول للإنسانية بان أصلكم واحد و انتم متساوون و مصيركم واحد ، وعليكم أن لا يقتل أحدكم الآخر أو يهدده في عيشه أو يسرق ثرواته أو يحقد عليه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط