الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون التقاعد الجديد في العراق / 5- المقدمة واضراره على المؤسسات الحكومية

عبد الستار الكعبي

2020 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ان تنزيل السن القانوني للاحالة الى التقاعد الى (60) سنة الذي تضمنته المادة (1) من قانون رقم (26) لسنة 2019 التعديل الاول لقانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 جاء بالضد من مصالح شريحة كبيرة جدا في المجتمع ( يبلغ عدد الموظفين المشمولين بها اكثر من 260 الف موظف مما يعني اكثر من مليون مواطن تقريبا بحساب عوائلهم) حيث ان المشرع لم ينظر الى الظروف الانسانية والمعاناة الكبيرة التي سيخلفها على المشمولين به وعوائلهم الذين رتبوا امورهم المالية والحياتية باعتيار ان خدمتهم تمتد الى سنوات اخرى يستطيعون خلالها الايفاء بالتزاماتهم المالية الوظيفية والحياتية ومنها الايجار وتكاليف دراسة الاولاد وتسديد القروض والسلف وماشابه من الجوانب التي نظموها بما يوافق مدة خدمتهم حسب القوانين النافذة. فضلا عن كون هذا القانون قد تعرض الى اهم حقوق الموظف وهو السن القانوني للاحالة الى التقاعد المحدد المحدد حسب القوانين النافذة بـ (63) سنة لعموم الموظفين منذ منتصف القرن الماضي والذي يعد احد بنود عقد الوظيفة بين الموظف والحكومة
لقد صدم هذا القانون الموظفين المشمولين به من جانبين ، الاول بسرعة تشريعه حيث انهم كانوا يأملون ان يكون موقف اعضاء مجلس النواب مع مصلحة الموظفين، باعتبارهم ممثلو الشعب في مجلس النواب، ويعملوا على التريث بتنفيذه لانه يضر شريحة كبيرة ومهمة في المجتمع وقدمت الكثير من اجل بناء الدولة خاصة وان اصل المشروع المقدم من الحكومة كان يتضمن ان يكون تنفبذ هذه المادة بعد سنة من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية، والجانب الثاني من الصدمة هو تمرير مجلس النواب القانون بهذه الطريقة حيث ان النظم الديمقراطية تعني ان يكون النواب ممثلين حقيقيين للشعب ويقفون بوجه الحكومة في حالة قيامها باي اجراء يضر بمصلحة المواطنين ولكن الذي حدث هو العكس فالحكومة ارسلت مسودة القانون الى مجلس النواب وفيها النص على ان يكون تنفيذ المادة (1) الخاصة بتنزيل السن التقاعدي بعد سنة من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية وفي هذا بعض الامل لدى الموظفين ان يرتبوا امورهم وكذلك ورد في مسودة القانون اضافة نسبة (7.5) التراكمية على الراتب التقاعدي. ولكن النواب رفضوا كلا الامرين اذ نص قانونه على ان يكون تنفيذه بتاريخ (31/12/2019) اي بنفس الشهر الذي تم فيه التصويت على القانون في المجلس وتم فيه نشره في الجردية الرسمية وكذلك رفض النواب القبول باضافة نسبة (7.5) الى الراتب التقاعدي، اي ان اعضاء مجلس النواب وقفوا ضد الشعب بدرجة اكبر من الحكومة التي كانت اكثر رحمة بالموظفين من النواب ممثلي الشعب وفي هذا مخالفة واضحة لاسس الديمقراطية وللتوكيل الشرعي من قبل الشعب للنواب. وهذا ما سبب اختلال صورة ممثلي الشعب في ذهن الموظفين وتغير موقف عامة الشعب منهم وسحب الدعم لهم.
ان تنفيذ القانون بهذه العجالة، حيث تم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ (9/12/2019) واعتبر نافذا اعتبارا من تاريخ (31/12/2019)، وعدم الاخذ بنظر الاعتبار الاوضاع الخطيرة التي تجري في العراق والظروف التي يعانيها ويمر بها من سيقع عليهم القانون سبب اضرارا كبيرة عليهم في الجوانب الاقتصادية والنفسية والصحية الى درجة ادت الى حدوث انهيار صحي لعدد منهم ووفاة اكثر من موظف بسبب جسامة الاثار الخطيرة التي اوقعها عليهم القانون .
ان السلطة التشريعية وبالذات من صوت على هذه المادة يتحملون المسؤولية القانونية والاخلاقية والمجتمعية كاملة عن كل ما حصل ويحصل للموظفين من جراء هذا القانون الباطل.
علما ان هذا القانون فيه مخالفات عديدة للدستور العراقي النافذ واثارا سلبية على مؤسسات الدولة والكثير من اشكال الخلل الاخرى .
ونبين في ما يأتي الاثار والاضرار التي سببتها المادة رقم (1) منه :

اولا : الأضرار على المؤسسات الحكومية :
ان احالة الموظفين الذي هم بعمر (60) سنة الى التقاعد سببت اضرارا كبيرة على مؤسسات الدولة حيث فقدت بسببه خيرة كوادرها ذوي الخبرات الكبيرة والمسؤوليات المهمة في المجالات الوظيفية كافة مما ادى الى ارباك عملها واحداث الخلل في أدائها وهو ما يؤدي الى ضعف قدرتها على انجاز المهام الموكلة لها مما ينعكس سلبا على صورة الحكومة في نظر مواطنيها . ان وصول الموظف الى هذه السن يعني تراكم خبرات سنين طويلة ووصوله الى قمه الخزين في المعلومات والكفاءة في العمل وكل العالم المتحضر يفتخر بهذه الشريحة ويبحث عنها ويتمسك ببقائها في مواقع العمل ولكن الحكومة ومجلس النواب في العراق فرطوا بهذه الشريحة المهمة والمفروض ان تقوم هذه السلطات باصدار تشريعات لدعمهم وتكريمهم وان يتم التمسك بهم للاستفادة منهم في تطوير الاداء المؤسساتي ونقل خبراتهم الكبيرة الى الاجيال اللاحقة من الموظفين.
ان هؤلاء الموظفين يمثلون مرتكزات العمل في الدوائر بمختلف المجالات والحاجة اليهم ماسة جدا ولايمكن الاستغناء عن خدماتهم ، فالقطاع التربوي على سبيل المثال يعاني من نقص في عدد الكوادر التعليمية مما يجب على الحكومة السعي لسد هذا النقص وليس احالة المعلمين والمدرسين التقاعد بسن (60) سنة الذي ادى ان تفقد المدارس خبرات كبيرة لايمكن تعويضها بمعلمين ومدرسين متخرجين حديثا وكذلك يقلل اعدادهم الى درجة مؤثرة في حين ان الواقع التربوي بامس الحاجة الى زيادة اعداد الكوادر التعليمية.
ونفس الحال يسري على المؤسسات الاخرى وخاصة العاملين في المجال الصحي من الاطباء بمختلف اختصاصاتهم والكوادر الصحية الساندة لهم وخاصة وجود ظرف طارئ بسبب تفشي فايروس كورونا في العالم وارتفاع اعداد المصابين به في العراق مما يستدعي الاسراع باعادتهم الى الوظيفة (وقد نشرت لنا مقالة خاصة بهذا الموضوع هذا رابطها http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=671037).
ونفس الامر يسري على اساتذة الجامعات بعنوان (مدرس ومدرس مساعد) الذين يشكلون عنصرا مهما ومؤثرا في الوسط التدريسي الجامعي ومثلهم العاملين في المجال النفطي والمطارات والدوائر الرقابية.
وعلى الحكومة ومجلس النواب ان يعملا باسرع ما يمكن لتدارك هذه الاخطار والاخطاء ، هذا ان كانت هاتين المؤسستين تهتمان بمصلحة العراق دولة وشعبا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو