الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوباء الغادر

سعيد المعطاوي

2020 / 4 / 2
الادب والفن


تشير الساعة إلى الثانية بعد منتصف ليل نسبية الزمن وملازمة البيت خوفا ، أزمة لعلها عودة لمرافقة الكتاب سرا وجهرا أتصفح إحدى الكتب عن تاريخ الأوبئة في العالم صفحة تل والصفحة ، لأمرر بيدي مطبطبا على شخصيتي الافتراضية ضمن الفايس متابعا كل جديد بخصوص الوباء اللعين كورونا " كوفيد19 المستجد" . أخبار مختلفة و أرقام الوزارة الأكثر مصداقية بالمقارنة مع غيرها من الصفحات والحسابات الافتراضية. لأجد نفسي أمام واقعة غريبة انه فيديو يوثق لطفل إيطالي ينادي والديه المتوفيين بسبب نفس الوباء باكيا تبدوا على محياه علامات البراءة التي تجسدت من خلال تصديقه لمقولة أنهما في رحلة إلى السماء وأنهما سيكونان سعيدين برؤيته إن نادهما أو كلمهما في تلك اللحظة توقف الزمن أي زمن هذا الذي توقف زمن عقلي وذاكرتي .توقف بي هنا ويا ريتني ما رأيت تلك الواقعة مررت مكمل طريقي وغصة طفل ترافقني انتهت بنداء من أمي أن أغلق احد أبواب الغرف في بيتنا، باب تحركه رياح عاصفية هوجاء تهب على موطني المنسي بالقرب من مدينة يسمونها مدينة الأحلام.
قمت من فراشي و أغلقت الباب لأعود بغية إكمال عملية التصفح وكأن صدمتي الأولى غير كافية صدمة أخرى وهذه المرة اشد مرارة ، وهي لامرأة مغربية تحتضر تلوح بيدها مودعة ابنها. الوداع الأخير لحظة تذكرت خلاها مرض أمي و ضعف مناعتها ، وكيف أني منعتها من الخروج مند أزيد من أسبوع و منعت نساء كثر من زيارتها فعلت فعلتي وأنا على علم بسخط العديد منهن، ألف سؤال راودني كان أصعبهم كيف سيكون وضعي إن كانت أمي في نفس المكان؟ لم أجد أي جواب لألف سؤال طرحت من قبلي وراودت مخيلتي التي تهوى البحث بكاء ودموع غالبتني لأني لم أكن قادر على مفارقة الصورة رغم أثارها على ذاتي . علمت أني لن أنام الليلة ، فتوجهت لإعداد فنجان من القهوة يرافقني في كتابة رثاء لتلك المرأة التي لا اعرفها ولكنها في مقام أمي سهرة غير متوقعة غير شاقة ، وغير متعبة مادمت اكتب لإحدى نساء وطني.
أماه ؛ أنت امرأة عاشت سنوات و سنوات تحارب الساعات و الساعات، لم اعرف اسمك ولا سنك ولا مقر إقامتك فسامحيني ...أعلم أن هاجسك وطن، أماه أنت عجوز أكل منها الزمن ما أكل، ولم تعد تلهيك عن الآخرة ومتعاها أفراح الدنيا وكروبها سوى ذكريات سوداء وأخرى في لون البياض ذكريات ها هنا وهناك عن شبابك في بناء الوطن ، أم لا أعرفها ولكن لي اليقين أنها أفنت حياتها البسيطة كأي مغربية من نساء الوطن لتربى أبناءها الذين لا اعرفهم ولكن لي اليقين أنهم مثلي وجميع أبناء الوطن. ونصيبها في النهاية لن يكون إلا خيرا وجنة خلد، أماه اليوم تودعين الدنيا بغير معاد والعمر انقضى كأنه لم يكن نصف قرن وزيادة ؟ والأجل لا يقبل زيادة ولا نقصان.
أماه عجزك بشهادة الناس والزمن والوباء القاتل مكرا لأحباب وشباب من أبناء الوطن اعلمي انك استوطنت عقولا، لا عقلا كلنا أبناءك وليس من ودعته فقط يعد ابنا، أماه بعد أن كنت تعملين بالساعات وبنيت جيلا من الأبناء والأحفاد ونحن نعلم أن جيلكم ربى الأحباب والجيران وكل المعارف عملا لوجه الله تعالى خالصا. أقول أماه على روحك الطاهرة نسأل الله تعالى مغفرة ورحمة ، و لابناءك نسأل الله تعالى أن يعوضهم فيك صبرا.ولنا اليقين كل اليقين انك لم تستسلمي ولكن السفاح الفتاك أخدك غدرا.
سعيد المعطاوي: في 31/3/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة