الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فى صحبة الاصدقاء

سليم نزال

2020 / 4 / 2
الادب والفن


كنت اقف قبل عام امام كتب معروضة على الشارع فى مدينة لفيف الاوكرانية العام الماضى .و قد ذكرنى هذا المشهد بالكتب المدرسية التى كانت تعرض فى بيروت مع بدايات كل عام دراسى .
كنت واقفا اتامل مشهد الناس و هم بشترون الكتب و غالبتها بالروسية و الاوكرانية و قليل جدا منها مما شاهدته يحمل عناوين لغات اخرى.

هذا منظر يبعث على التامل قلت فى نفسى و قد اتخذت لى مكانا اطل منه على المشهد كله .و امامه يوجد تمثال لرجل يحمل كتابا مما يعنى ان اختيار الساحة لعرض الكتب ليس اعتباطيا .
و قد سالت سيدة كان يبدو عليها و كانها خارجة من زمن ديستولوفسكى و انا امل انها تعرف الانكليزية فلم يخب ظنى .تحدثت قليللا عن معرض الكتب هذا و كيف انه يقدم كتبا مستعملة باسعار بسيطة الامر الذى ذكرنى بالكتب التى تعرض فى حى توين فى اوسلو حيث يوجد قرب المكتبة كتبا مجانية و قد علقت لافته تقول احضر كتبا و خذ كتبا .و قد انبهرت مرة ان شاهدت احدهم يضع كتبا عربية و قلت فى نفسى الدنيا بخير .

و لكن تعلمت فى الحياة ان افضل الاصدقاء يجدهم المرء فى الكتب و ها انا اذكر عينة عشوائية من هؤلاء .منذ بضعة اسابيع رافقت ابن بطوطة فى رحلاته التى استمرت اربعين عاما .و لفترة اسابيع عشت تقريبا فى القرن الرابع عشر و انا اتنقل من مدينة الى مدينة .اتعرف فيها على اشخاص و ثقافات .قراءة اربعة كتب بما فها الفهرس جعلنى حقا اخذ اجازة من العصر الذى نعيشه الى عصور اخرى.

عشت مع ماساة سعيد مهران فى رواية نجيب محفوظ اللص و الكلاب .و تعرفت على شخصية المامور المرسل من القاهرة فى رواية توفيق الحكيم يوميات نائب فى الايباف .
و عشت سقوط الحلم الامريكى فى شخصية ماريا فى من قتل فيرجينيا وولف و فى شخصية غاسبى حيث ينكشف المجتمع الامريكى على حقيقته من غش و خداع و تسلق للمناصب بطرق غير مشروعة الخ
و سافرت مع ميخائيل نعيمة فى سبعون من بسكتنا الى الناصرة الى اوكرانيا حيث المدرسة الروسية فى الناصرة و مدرسة السيمينار فى اوكرانيا ..
و مضيت مع ابسن فى عدو الشعب حيث يتحدى دكتور ستوكمان لوحده ليس فقط الثقافة الانتهازية بل الفيم المجتمعية التى تؤيدها .و ازمة الشر لدى الانسان كما فى رواية ملك الذباب و شخصية جاك القاسية و رالف الضحية التى تعاطفت معها .

و وقفت مع متعب الهذال فى مدن الملح و هو يواجه ظلم السلطات و تعرفت الى مسرحيات شكسبير التى احتاج لاعوام لكى اكتب عنها و شخصية كرستوفر مارلو الذى باع روحة لاجل ان يقابل شخصيات العالم القديم و شخصيات الحرب و السلام لبتوستوى فى زمان الحرب و تاملات نتيشه فى فلسفة القوة و اعلانه موت الاله و دعوته الى تبنى القيم الرومانية ووجوديات كامو و سارتر و قصائد ييتس الثورية و اليوت و اشعار جلال الدين الرومى التى اخذتنى الى مستوى اخر من التفكير الذى عمق ثقافة التسامح لدى اكثر من اى وقت مضى . .
لن اطيل اكثر فهذه عينة صغيرة من اصدقاء العمر ..
من خلالهم تعرفت على ماسى البشر بل تعرفت اكثر على نفسى . تعرفت على القيم الانسانية الرائعة و تعرفت على القلوب القاسية و صار لى اصدقاء كثيرون اعرفهم فى الروايات و المسرحيات و القصائد و هم يعيشون فى ازمنة متنوعة و هم كثر و انا اعتز بهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج عادل عوض يكشف كواليس زفاف ابنته جميلة عوض: اتفاجئت بع


.. غوغل تضيف اللغة الأمازيغية لخدمة الترجمة




.. تفاصيل ومواعيد حفلات مهرجان العلمين .. منير وكايروكي وعمر خي


.. «محمد أنور» من عرض فيلم «جوازة توكسيك»: سعيد بالتجربة جدًا




.. فـرنـسـا: لـمـاذا تـغـيـب ثـقـافـة الائتلاف؟ • فرانس 24 / FR