الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين حانة /علگ ومانه / خرط !

صادق البصري

2020 / 4 / 3
كتابات ساخرة


علگ - خرط /

في تسعينيات القرن الماضي - سنوات الحصار-
كنت لازلت طالبا جامعيا ، أدرس وفي نفس الوقت أعمل حيث لاسند ولا معيل الكل تخلى عني ، ربمااصاب الأهل الياس والأحباط من عدم جدوى الدراسة والشهادة ،
وكنت اغبط اخي الأكبر لأنه أوفر مني حظا اذ استطاع بمعونة الأهل المادية والمعنوية وأصراره وتمتعه بالانا المفرطة رغم قساوة الظروف المعيشية انذاك ،سمحت له أن يتجاوز سنوات الدراسة ويتخرج من الجامعة عام 1976 ليعمل في مجال تخصصه مهندسا
اقول كانت سنوات الحصار ارث جيلنا وهو حكم بالموت البطيء لمن لم تشمله طاحونة الموت في جبهات الحروب حيث الكساد والفقر والبطالة والجوع ،
ولكن جملة لفيلسوف لا اتذكر اسمه كانت تمنحني الأمل دائما
وكانت الجملة ترن في اذني كلما واجهت صعوبات الحياة الرتيبة التي كنا نعتاشها وكانه قدرنا المتربص بنا دوما وابدا ،
ببساطة كانت حكمة ذلك الفيلسوف العتيد هي كالتالي (بوسع الانسان أن يعيش بعذوبة كبيرة حاضرا يحيط به القبح من كل جانب ) كيف !؟
حقيقة هذا مالا افهمه ! المهم كان امامي طريقين في كسب المال لصمودي لأكمال دراستي ومعيشتي واهلي ،
الأول العمل عند ابواب الأسواق المركزية الحكومية المزدهرة انذاك ، والتي كانت توزع الحاجات الأساسية من بضائع وسلع ومواد غذائية لنخبة الدولة حصرا (موظفين وضباط جيش وامن واسر الشهداء)
بواسطة كوبونات يحصلون عليها من دوائرهم حصرا )
كنت حينها اقلد تلك الكوبونات واضع في حقل الصورة صور مختومة لموتى تاكدت من رحيلهم وادخل بها للتسوق ، وابيع ما احصل عليه خارج الأسواق وربحي منها يكون فارق السعر المدعوم حكوميا مع ما هو في الخارج تجاريا
والطريقة الثانية كنت اعمل في بيع وشراء قطع غيار السيارات الجديدة والمستعملة مع انقطاع الأستيراد بسبب الحصارآنذاك ،
وحتى هذا العمل كان يصطدم بعقبات صعود وهبوط الدولار المحرم حكوميا التعامل به أو ترويجه فكانت خطتي وانا اتذكر مقولة الفيلسوف المجهول لمواجهة هذا التباين في فروق العملة الهائل بين دينار مطبوع محليا في مطابع بدائية لاقيمة حقيقية له ودولار عصي ثابت وقوي عالميا ،
كنت طالبا وبائعا جوالا اجوب اسواق الأدوات الأحتياطية للسيارات واوزع بضائعي على المحال الصغيرة والكبيرة في فترات ما بعد آخر محاضرة لي في الكلية اي في فترة الظهيرة
واحيانا في نادي الجامعة على الطلبة اصحاب السيارات والأساتذه ،
ولتصريف بضائعي قبل أن تتفاعل لعبة الدولة بهبوط أو صعود الدولار كانت العملية تتطلب مساعد لي بأجر يومي ليس لحمل البضاعة لا ابدا وانما شخص يتمتع بصوت جهوري حاد يرافقني في تجوالي ويتصنع كأنه لا يعرفني البته ،
يطلق صوته لا على التعيين هكذا كمجنون او مؤذن لا أكثر عندما اطلب منه ذلك طبعا !
و أن يصيح مرة عندما انوي بيع بضاعتي والسوق لايشجع على الشراء يصيح بأعلى صوته (علگ ) اي ارتفع سعر الصرف وهي اشارة توحي للتجار أن ابدلوا اموالكم ببضاعة انفع لكم اشتروا لتستمر دورة العمل هكذا هم يستسيغونها ميتافيزيقيا حكمة المنادي قارئ الطالع المجهول أو همس الأثير ، ومرة اخرى عندما انوي التسوق اطلب من - ابو ياسر - العاطل معاق الحرب أن يطلق صوته وكأنه اسد يزأر بكلمة ( خرط )
وتعني هبط سعر صرف الدولار في اشارة ان الدولار نقصت قيمته وأرتفع امامه صرف الدينار و ما عليكم الا أن تبيعوا بضاعتكم لكي لا تصابوا بالخسارة
ولكي اشتري بالسعر المريح الذي يتيح لي الترزق للصمود وهكذا -
للضرورة وسط هذا المولد العراقي البائس المزمن بكل تجلياته وخرابه ، يقينا سنبقى بين حانة /علگ / ومانة / خرط / الى ابد الابدين .. ا!

صادق البصري / بغداد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري