الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهرج والشاعر

سعد محمد موسى

2020 / 4 / 3
الادب والفن


المهرجون عادة ما يمنحون الابتسامة الى المارة ويرسمون الكرنفالات فوق
الارصفة وهم يعتقون الاحزان ويمسحون دموعهم بعد نهاية إستعراض الرصيف ثم يأفلون الى صومعاتهم الحزينة.. ويبقى لكل مهرج في حياته قصة تراجيدية
...
فوق جسر الاميرات وسط مدينة ملبورن وفي مساء خريفي كان يقف المهرج وهو يعزف على الاكورديون وعلى جانب رصيف الجسر يضع قبعته التي تتطاير فوقها أوراق الخريف من أشجار ضفتي نهر "يارا"
بينما بعض المارة كانوا يرمون بما تجود به أنفسهم من عمل نقدية فوق القبعة.

رغم أن معزوفة المهرج على آلة الاكورديون كانت سعيدة تطرب المارة ويرقص على أنغامها الاطفال لكني لمحت أن هنالك ثمة دمعتين تنسكبان على خدي المهرج المعفرتين بالالوان التي يخفي بها وجهه... وهو يحاول أن يغافل دموعه ويرسم ابتسامة للناس وكأنه يبيع الفرح للناس وللجسر ويشتري الاحزان لروحه.
لكن المثير للغرابة والتساؤل أن هذا المهرج ظهر مرة واحدة فوق الجسر وأستعرض حركاته الكوميدية ثم عزف على الاكورديون معزوفته الاخيرة وبعدها أختفى ولم يرجع للجسر مرة أخرى كما انيّ لم أشاهده في أي مكان أخر في المدينة!!
...
هنالك أيضا شخصيات تفتقدهم الارصفة والذاكرة حين يغيبون طويلاً وهذ ما شعرت به وأنا أتذكر اليوم شاعر الارصفة والتسكع "غرانت""
إنه شاعر العبث والتمرد التقيه أحياناً في مدينة ملبورن لاسيما في شارع "برانزيويك ستريت"
وهو يلقي بقصائده فوق الرصيف مستعرضاً لوح خشبي مركون على جدار الحانة وقد كتب غرانت على سطح اللوح: شعر من أجل كأس بيرة!!
وهو يتربع فوق صندوقين أستعارهما من الحانة مرتديا كنزته الجلدية السوداء والتي لن يرتدي غيرها المزدانة بالنياشين.
الشاعر والرسام غرانت كان ينفق أخر دولار يمتلكه من أجل قنينة جعة .. ويطلب من العابرين اللذين يتوقفون لسماع قصائده أن يجلبوا له أكسير الحياة
وذات مرة شاكست غرانت أثناء لقائي به خلال إفتتاح معرض فني في قاعة "هوكَن كَاليري" وأنا أتمعن بالنياشين التي يحملها فوق كنزته الغرائبية وكان يشير الى شجرة عائلته المتدلية فوق صدره التي تنتمي الى أصول الانكَلو ساكسونية وهو يذكر بلدان عائلته: أنا أسترالي أنا أنكليزي أنا إيرلندي أنا اسكوتلندي أنا ويلزي!!
فقلت له مازحا : يا صديقي لم لا تكتب أنا انسان فقط أنتمي الى هذه الارض فانت شاعر ورسام يليق بك الانتماء الى كل الاوطان وليس فقط لما ذكرت على هذه النياشين .. إبتسم قائلاً: انت محق يا صاحبي الفنان هو كما ذكرت انتماؤه للإنسانية دون تحديد أوطان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا