الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستبد الخفي (كوفيد 19 )

ياسين اغلالو

2020 / 4 / 4
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


أقدمت جميع الدول على تفعيل قرار الطوارئ الصحية كآخر ورقة لديها للحد من انتشار فيروس كوفيد 19 في الجسم الاجتماعي ككل. إذ ذيل هذا القرار بوثيقة إدارية بمثابة طلب ترخيص لمغادرة المنزل لدواعي صحية أو لتلبية الحاجة البيولوجية (الأكل) أو للعمل لمن يقتضي حضورهم إلى المؤسسات الإنتاجية أو الإدارية. وذلك بغية تحقيق أهداف التباعد الاجتماعي. إن قرارا من هذا النوع قرار مهم في الظرفية الصحية العالمية الحالية، لكنه يقتضي بالضرورة هندسة جيدة وتخطيط محكم وطاقم مؤهلة لتنزيله بدون خلق أية بلبلة أو تشويش على الطبقة العاملة الأكثر عرضة للإصابة، والتي ترى الالتزام بقانون التباعد الاجتماعي مس بطبيعتها الانسانية الاجتماعية من جهة وتهديدا لاستقرارها المهني غياب ضمانات واضحة من جهة أخرى .
لقد دفع السياق الجديد الأفراد إلى مقاومة قانون الطوارئ الصحية في مختلف البلدان مع تسجيل بعص التفاوت بينهما من حيث امتثال المواطنين لهذا القانون، حيث في المغرب مثلا قبل وبعد دخول قانون الطوارئ الصحية حيز التنفيذ مساء يوم الجمعة 20 مارس 2020 حتى سارع الناس جماعات وفرادى إلى المحلات التجارية الكبرى والأسواق والمتاجر لاقتناء المنتجات الضرورية وغير الضرورية لحفظ البقاء. ولم يمر على تفعيل القرار يومان حتى زاد الأمر تعقيدا نظرا لضبابية الوثيقة التي لم يصاحبها أي توضيح. كما أنها لم تصل إلى جميع السكان في جميع الأحياء الشعبية خاصة وسط عيش أغلبية الطبقة الكادحة رغم المجهود الذي رافقها من طرف السلطات المعنية . الأمر الذي جعل الطبقة العاملة تعيش لحظات عذاب نفسية رهيبة، بين تهديد السلطة وتهديد رب العمل وخطر فايروس كورونا، المستبد الخفي. لقد كان من البداهة بمكان أن تفرض السلطات على أرباب العمل والمؤسسات الإرادية القيام بهذا العمل حتى يتمكن المعنيين/ات بالأمر التوصل بها على نطاق واسع بالإضافة إلى عمل أعوان السلطة مع التحسيس والتوعية اللازمة بدل ترك الأمر للمجهول، وترك الأمر للتأويل والاجتهاد. حيث ترتب عن هذا الارتباك خروج العديد من العمال/ات والكادحين/ات إلى مزاولة عملهم لضمان قوتهم اليومي، الأمر الذي جعلهم/هن يتصادموا / مع السلطات التي سجلت توقيف أكثر من مائة شخص في حالة تجاوز لقانون الطوارئ الصحية رقم 292/20/02 والذي أتبعته الحكومة المغربية بقانون تنظيمي رقم 6867 مكرر، - بالجريدة الرسمية بتاريخ 23/03/2020- من أجل إضفاء الشرعية على إجراءاتها. كما لم يمر على الحجر الصحي المنزلي إلا فترات قصيرة حتى نفاجأ بخروج العديد من الأحياء بمدن مغربية كطنجة إلى الشارع العام مرددين شعار "الله أكبر" وبعض التهاليل لطرد الفايروس كورونا من مسرح الحياة.
إن هذا الخروج مؤشر يخفي المسكوت عنه داخل الأسر الطبقة العاملة التي تعيش المرارة القاسية في الظروف العادية، ناهيك عن هذا الوضع الجديد الاستثنائي حيث كل المنافذ مغلقة لتفجير المسكوت عنه وتفريغ المكبوت. فهذا الخروج هو بمثابة رهان لإنقاذ مملكة السماء والتضحية بأرواح الناس من أجلها كما يعتقد بعض العارفين بخبايا وأسرار اللاهوت. فمن المسؤول عن هذا السلوك المجنون يا ترى ؟ فهل الأمر مدبر بفعل فاعل له مؤشراته وافتراضاته وخططه في هذه المرحلة الوبائية الخطر التي قد تزج بنا في غياهب النسيان؟ أم أنه مجرد فعل لحظي عابر للفيروسات؟
فاليوم، الطبقة العاملة، أمام واقعها الحقيقي، واقع هشاشة الخدمات العمومية ( الصحة – التعليم – السكن) التي دمرتها السياسة النيوليبرالية منذ الاستعمار إلى الآن، حيث وجدت الطبقة العاملة نفسها أمام سكن لا يتسع إلا لثلاثة أفراد أو أقل، أمام مالك المنزل يطالب بسومة الكراء، أمام شبح الطرد من العمل وأمام شركة الماء والكهرباء وأمام شبح القروض الصغرى وأمام مستشفيات تعيش نقص مزمن في المعدات والأطر الطبية. فكل هاته الأشباح لا ينفع معها تهليل ولا تكبير ما عدا التفكير الرصين في آليات التنظيم الذاتي والبحث عن الإجابات المعقولة بدل الاجابات الخرافية اللاعقلانية النفسانية، التي تراهن بأرواح الطبقة العاملة التي فقدت قيادتها النقابية فأضحت مجرد متفرج يساير موكب البرجوازية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما مع مواصلة محادثات التهدئة في


.. إيران في أفريقيا.. تدخلات وسط شبه صمت دولي | #الظهيرة




.. قادة حماس.. خلافات بشأن المحادثات


.. سوليفان: واشنطن تشترط تطبيع السعودية مع إسرائيل مقابل توقيع




.. سوليفان: لا اتفاقية مع السعودية إذا لم تتفق الرياض وإسرائيل