الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون التقاعد الجديد في العراق / 6- الاضرار الوظيفية والمالية والانسانية على الموظفين

عبد الستار الكعبي

2020 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ثانيا : الاضرار الوظيفية والمالية على المشمولين :
1- ان تنزيل سن التقاعد يعني تقليل سنوات الخدمة الوظيفية مما يسبب حرمان الموظفين المشمولين به من العلاوات والترفيعات التي كانوا ينتظرون الحصول عليها في السنوات المخصومة من خدمتهم وبالتالي حرمانهم من زيادة الراتب الاسمي والكلي وهو ما يؤدي الى تنزيل مبلغ مكافأة نهاية الخدمة والراتب التقاعدي بفرق كبير عن الاستحقاق القانوني الذي كانوا بتأملونهم قبل تنزيل سن التقاعد مما يؤثر سلبيا بشكل كبير على مستوياتهم المعيشية.
ولمعرفة جسامة المبالغ المالية التي حرم منها الموظفون بتنزيل سن التقاعد يكفي ان نعرف ان الترقية من الدرجة الرابعة الى الدرجة الثالثة ، حيث ينتقل الراتب الاسمي للموظف في سلم الرواتب من مبلغ "500 الف" وتدرجاته الى مبلغ "600 الف" وتدرجاته ، تؤدي الى زيادة الراتب الكلي اكثر من (200) الف دينار (وهذا المبلغ يمثل معدل اختلاف الرواتب بين الوزارات) مما يعني ان معدل خسارة الموظف المحال قسرا الى التقاعد تبلغ اكثر من (30) مليون دينار تمثل زيادة الراتب الاسمي والكلي للسنوات المتبقية من خدمته وكذلك مكافأة نهاية الخدمة التي كان الموظف ينتظرها في حالة بقائه في الخدمة، فكم تكون الخسارة في حالة الترقية الى الدرجة الثانية او الاولى مع العلم ان اغلب الموظفين المعنيين بالقانون هم بالدرجات العليا في جدول السلم الوظيفي.
2- ومن الاضرار الكبيرة تعلق ذمة الاف الموظفين بسلف وقروض بمبالغ كبيرة وتشترط التعليمات الصادرة عن مصرف الرافدين مثلا على الموظف ان يسددها دفعة واحدة لمنحه براءة الذمة اللازمة لانجاز المعاملة التقاعدية من قبل دائرته. وهذا الامر يتعذر على الموظفين تنفيذه بسبب ظروفهم المالية مما يعني ايقاف معاملاتهم التقاعدية وبقاؤهم معلقين بين الوظيفة والتقاعد وتضيع عليهم خدمات السنين الطويلة وبالتالي قطع ارزاقهم بحرمانهم من راتب الوظيفة والراتب التقاعدي. وحتى في حالة تقسيطها على الراتب التقاعدي فانهم سيعانون من عدم كفايته للمعيشة المطلوبة لاصغر عائلة.
3- ان هذا القانون شمل الاف الموظفين المغبونين وظيفيا بتسكين درجاتهم وايقاف ترفيعهم لاسباب خارجة عن تقصيرهم. ومن اهم امثلة هذه الفئة خريجو المعاهد حملة شهادة الدبلوم حيث تمت احالتهم الى التقاعد من دون منحهم حقوقهم المالية والوظيفية التي حجبت عنهم لعدة سنوات سابقة مع العرض ان الامانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة المالية قد اصدرتا تعليمات برفع الغبن عنهم ومنحهم حقوقهم بالسماح بترقيتهم الى الدرجات التي يستحقونها ولكن اغلب الدوائر لم تكمل هذا الاجراء وتمت احالتهم الى التقاعد قبل ان يحصلوا على حقوقهم مما سبب لهم خسائر مالية كبيرة.
4- الغبن الكبير الذي لحق فئة مهمة من الموظفين الذين أدوا الخدمة العسكرية الالزامية والاحتياط في ظروف بالغة الصعوبة من كل الجوانب الا انهم حرموا من احتسابها لاغراض العلاوة والترفيع بسبب اصدار النظام الصدامي من خلال مجلس قيادة الثورة (المنحل) القرار رقم (218) لسنة 2002 الذي الغى احتسابها لاغراض العلاوة والترفيع وقصر احتسابها لاغراض التقاعد فقط مع العلم هنالك مقترح قانون معد من قبل اللجنة القانونية النيابية ومطروح امام رئاسة مجلس النواب وكان الموظفون ينتظرون صدوره لينالوا به حقوقهم ولكن احالتهم الى التقاعد بتنزيل سن التقاعد حرمهم من هذا الحق .
5- غبن بعض الفئات باحالتهم الى التقاعد قسرا بهذا القانون وبقاء زملائهم الذين هم بنفس المستوى بالخدمة مثل حملة الشهادات العليا بعنوان (مدرس ومدرس مساعد) الذين شملهم القانون بالاحالة الى التقاعد ولم يشمل عناوين (استاذ واستاذ مساعد) مع انهم يحملون نفس الشهادات العليا وكانوا مشمولين بنفس سن التقاعد (65) سنة حسب قانون الخدمة الجامعية رقم (23) لسنة 2008 ولايوجد اي مسوغ وظيفي وقانوني للتفريق بينهم.

ثالثا : الاضرار الانسانية على الموظفين :
ان انقاص مدة خدمة الموظفين واحالتهم الى التقاعد بهذه الطريقة وعلى عجل واصدار الدوائر اوامر الاحالة والانفكاك مباشرة بدلا من تكريمهم ومنحهم الفرصة لتدبر امورهم هو بمثابة عقوبة للموظفين من دون اي مسوغ قانوني ونكران لما قدموه وتحملوه من اجل بناء مؤسسات حكومية رصينة.
ان الدول التي تتبع سلطاتها التنفيذية والتشريعية منهجا رصينا في عملها تقدر موظفيها وتكرمهم معنويا وماديا عند احالتهم الى التقاعد وتقدم لهم الكثير من الامتيازات وخاصة في مجال الخدمة الصحية والسفر والتنقل ووسائل الرفاهية. وعلى العكس من ذلك سلطاتنا تشرع قانونا تتم به احالتهم الى التقاعد سريعا وباعداد كبيرة جدا مما يؤخر انجاز معاملاتهم التقاعدية في دوائرهم وفي دوائر التقاعد وهو ما يعني تاخير منحهم الراتب التقاعدي ومكافاة نهاية الخدمة وفعلا لم يتم منح الغالبية منهم تلك الحقوق المالية لحد الان على الرغم من دخولنا الشهر الرابع من تاريخ احالتهم الى التقاعد وهو ما سبب معاناة نفسية وصحية كبيرة بسبب الضيق المالي من جهة والشعور بانعدام اللياقة والتقدير من جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية في تعاملها معهم.
ومن جهة اخرى فان اغلب الموظفين المحالين قسرا الى التقاعد هم المعيلون الوحيدون لعوائلم وليس لهم مورد رزق اخر غير الراتب الوظيفي ويتحملون مسؤوليات جسيمة ومنها على سبيل المثال الايجار ودراسة اولادهم في معاهد التدريس الخصوصي والكليات الاهلية وبالتالي فان احالتهم الى التقاعد بهذه الطريقة المستعجلة وقبل ان ينالوا استحقاقاتهم الوظيفية يعتبر اجحافا كبيرا بحقهم واضافة اعباء حياتية فوق ما يعانون منه خاصة ان الراتب التقاعدي بالاصل لا يكفي لسد الاحتياجات الحياتية فكيف يكون الحال مع تاخر صرفه لهم لعدة اشهر.
ان هذه الحالة دفعت الكثير من العوائل الى اجبار اولادهم على ترك الدراسة والى الانقطاع عن مراجعة الاطباء وعدم الاستمرار بتناول ادوية الامراض المزمنة بسبب غلاء اسعارها وكلفتها الباهضة التي تتطلب مبالغ كبيرة او اضطرار المحالين الى التقاعد الى ذلة الاستدانة المالية.
ومن الاضرار الانسانية الكبيرة الاخرى ما تولد لدى هذه الشريحة من صدمة جراء سوء وسلبية تعامل المؤسسة التشريعية معها حيث انها فرضت على الموظفين القانون الاقسى والاكثر ضررا وهو القانون رقم (26) لسنة 2019 الذي نزل سن الاحالة الى التقاعد الى (60) سنة ولم تعاملهم بالقانون الاصلح وهو القانون رقم (9) لسنة 2014 بينما اوجب الدستور ان يتم معاملة المتهم بما هو اصلح له كما ورد في المادة (19) منه التي نصت في البند عاشرا على (عاشراً ـ لا يسري القانون الجزائي بأثر رجعي إلا إذا كان اصلح للمتهم. ) اي ان السلطة التشريعية قدمت المتهم المرتكب الجريمة على الموظف الذي بنى المؤسسات الحكومية ؟! وهذا الامر مخالفة دستورية ايضا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا