الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد والمحاصصة .. من أفشل النظام البرلماني في العراق

مالك جبار كاظم

2020 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


كثرت في الاونة الاخيرة المطالبة بالغاء(النظام البرلماني)الحالي في العراق ويطالبون باقامة النظام الرئاسي, فهل فشل النظام البرلماني في العراق؟ ومن يقول ان النظام الرئاسي هو الافضل؟
بين الدستور العراقي إلى أن (جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة نظام الحكم فيها جمهوري نيابي برلماني ديمقراطي وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق),وعلى الرغم من أن الدستور كتبته القوى السياسية العراقية بمساعدة المجتمع الدولي وصوت عليه الشعب العراقي، إلا أن المطالبات بتغيير نظام الحكم إلى رئاسي تثار بين الحين والآخر, والغريب في الامر ان المطالبات تصدر احيانا من داخل الكثل السياسية التي هي من وضع هذا النظام, ولكنها نتيجة لضغوط المحتجين تحاول ان تساير مطالبهم بالقول فقط.
يُعد النظام البرلماني أحد أشكال أنظمة الحكم الديمقراطية التعددية، ويقوم على التداخل بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، ونشأ هذا النظام في دولة بريطانيا، ويتسم النظام البرلماني بفصل غير محدد بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية, النظام البرلماني هو نظام حكم يُشكل فيه الوزراء في الفرع التنفيذي من البرلمان، ويكون مسؤولًا أمام هذه الهيئة، بحيث أن السلطتين التنفيذية والتشريعية متشابكة، في مثل هذا النظام، يكون رئيس الحكومة بطبيعة الحال الرئيس التنفيذي.
تتميز النظم البرلمانية بفصل غير واضح بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، مما يؤدي إلى مجموعة مختلفة من الضوابط والتوازنات بالمقارنة مع تلك التي وجدت في نظام رئاسي. وعادة ما يكون هناك تمييز واضح في النظم البرلمانية بين رئيس الحكومة ورئيس الدولة، فيكون رئيس الحكومة هو رئيس الوزراء، ويكون وضع رئيس الدولة في كثير من الأحيان صورياً، هو في الأغلب إما رئيس (منتخب شعبياً أو إما من قبل البرلمان).ويتميز النظام البرلماني بعدة مميزات وخصائص هي: مرونة العلاقات بين السلطات الثلاث، السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية .
• تداخل السلطات مع استقلاليتها.
• يقوم على حماية السلطات المخولة بنص الدستور.
• التعايش مع النظام وبين السلطات.
• يقوم على خدمة الأجندة السياسية.
• التفاعل الحقيقي بين كافة السلطات.
• يقوم على وحدة سيادة الدولة.
اما النظام الرئاسي:هو نظام حكم يقوم على فصلٍ صارم بين السلطات التنفيذية (الرئيس) والتشريعية (البرلمان) والقضائية ويمنح صلاحيات واسعة للرئيس, تتمركز السلطة التنفيذية في يدي الرئيس الذي يُنتخب عن طريق الاقتراع العام المباشر، ويُشكل حكومة لتنفيذ برنامجه السياسي تكون مسؤولة أمامه وليس أمام البرلمان كما هو الحال في النظام البرلماني. وبحكم الفصل الصارم بين السلطات فإن البرلمان ليست له صلاحية إسقاط الحكومة كما أنها في المقابل لا تملك صلاحية حله.
تتجمع السلطة التنفيذية في يد واحدة, وهي يد رئيس الدولة وحده، الذي يجمع بين صفتي رئيس الدولة ورئيس الحكومة، ويملك اختصاصات وصلاحيات الصفتين. ويساعد الرئيس في القيام بمهامه مجموعة من المعاونين أو المساعدين , يأتي في مقدمتهم الأمناء أو السكرتاريون، وليسوا وزراء.
يُؤخذ على هذا النظام قصوره في تسيير الخلاف السياسي المؤسساتي، فنشوب أي خلاف بين الرئيس والبرلمان قد يؤدي بالبلاد إلى أزمة شاملة تشل أجهزة الدولة وتعطل الاقتصاد، كما يُؤخذ عليه مركزية منصب الرئيس، الذي يهمش دورَ حزبه.
يتفق المختصين بالأنظمة السياسية والدستورية أن أفضل أنواع الأنظمة السياسية هو النظام البرلماني، فهو المعبر الحقيقي عن إرادة الشعب ويعطي مساحة واسعة من الحريات ويفتح مديات متعددة للرقابة والتوازن بين السلطات ويرسخ بشكل حقيقي مبدأ التداول السلمي للسلطة ويزيد من وعي المواطن وثقافته السياسية.
فهل فشل هذا النظام في العراق؟ قطعا ً لم يفشل ولكن من أفشل هذا النظام الفساد المالي والاداري والمحاصصة والطائفية ,وحال تحول النظام الى رئاسي هل سيستطيع ان يقضي على الفساد والمحاصصة؟ اللذان هما بالدرجة الاولى السبب في فشل النظام الحالي في العراق والذي أتى بعد انعطافات كبيرة نتيجة الاحتلال الامريكي 2003 وسقوط نظام استبدادي, وما تخلل تلك الفترة من مخاضات عسيرة من كتابة الدستور الى تشكيل الحكومات السابقة المتعسرة .
الحديث عن فساد النظام ليس دقيقا في النموذج العراقي ، فالأصح هو وصف النظام السياسي برمته بأنه (نظام فاسد), ذلك أن الفساد كثقافة ووعي سياسي صار هو الأصل والقاعدة والمنطق المهيمن على العقل السياسي الجمعي ولم يعد مجرد حالة طارئة على النظام أو بناه السياسية والحكومية، وأكثر من ذلك باتت مؤسسات النظام أداة بيد مافيا الفساد.
وما تحدث به السيد موسى فرج رئيس هيئة النزاهة الاسبق في كتابه (الفساد في العراق)(أن الفساد السياسي هو الحاضنة لكل أنواع الفساد المالي والإداري، فهو يوفر لمرتكبيه الحماية من القانون ويمنع ملاحقتهم، ويغلف أفعالهم بتشريعات قانونية في إطار عملية شرعنة الفساد، كما يقوم بإفراغ الإجراءات والنصوص القانونية من مضامينها ويكبل القضاء، ويغل أيدي الجهات المسؤولة عن مواجهة الفساد، ويقوض استقلاليتها، ويجعلها خاضعة لسطوة الفاسدين، فتكون هي أيضا إحدى ضحايا الفساد).
وبات العراقيون يدركون ذلك من خلال الممارسات والثراء الباذخ الذي ظهر على رؤساء الأحزاب والكتل، ووسائل الإعلام الخاصة الكثيرة والسيارات المصفحة. وخلافا لما عليه الحال في الدول الديمقراطية، أصبحت مسؤولية البرلمان العراقي هي حماية أعضاء الحكومة، لذلك لم يقدم الوزراء والمسؤولون الفاسدون إلى المحاكم، والبعض غادر العراق في وضح النهار.
فرغم غنى البلد بالثروات، لا يستطيع كثير من العراقيين توفير لقمة العيش، وقد احتل المرتبة الثانية عشر في لائحة الدول الأكثر فسادا في العالم، حسب تقارير منظمة الشفافية الدولية, إذ تفيد التقارير أنه ومنذ عام 2003، خسرت البلاد جراء عمليات الفساد نحو 450 مليار دولار.
وتتفق المصادر الدولية على أن سجل الفساد في العراق قد ازداد سوءا في العقود الماضية، إذ صنفت منظمة (الشفافية الدولية) العراق في المرتبة 117 من أصل 133 دولة عام 2003، قبل أن يتقهقر لاحقا إلى المرتبة 169 من بين 180 دولة. ورغم أن حجم احتياطيات النفط في العراق يصل إلى نحو 112 مليار برميل، فإن الفقر يطارد نحو ربع العراقيين، إذ تزيد نسبته عن 22 بالمئة، ويصل في بعض محافظات الجنوب إلى أكثر من 31 بالمئة.
وأن السبب الرئيسي للفساد في البلاد هو الطائفية وتوزيع المراكز الرسمية أو الحكومية بين الجماعات السياسية والطوائف بموجب ما يعرف (بالمحاصصة). وجعلت المحاصصة الفساد (أمرا عاديا) في المؤسسات العراقية، ورسخته في النظام السياسي، حسب تقرير(معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى).أن الأحزاب السياسية في العراق تتلاعب بالنظام التوافقي لتحقيق مصالحها الذاتية.
ويتمتع نظام المحاصصةوفق التقرير، بخصائص سياسية واقتصادية وقانونية تعزز بشكل منهجي الفساد وتقويه, فمن الناحية السياسية، تسمح المحاصصة بسهولة الوصول إلى الحكومة، إلى جانب تخصيص الوظائف لأشخاص من مناصري الأحزاب السياسية في السلطة. وبسبب هذا النظام يعمل أعضاء الحزب في الحكومة لصالح الحزب، بدلا من الحكومة أو الشعب الذي يمثلونه, وبالتالي تهتم الجماعات السياسية بشكل أكبر بالتحكم بالإدارات والبقاء فيها بدلا من الاهتمام بمتابعة أجندة سياسية معينة. أما من الناحية الاقتصادية، فتكتسب المجموعات السياسية من خلال المحاصصة سهولة الوصول إلى المال العام واحتكار الأنشطة الاقتصادية في السوق، حسب تقرير المعهد.
إن الحكومات التي تنتجها المحاصصة هي جزء من أزمة الفساد ولا يمكن أن تكون جزءا من الحل. كما أن تفكيك مافيات الفساد المالي يتطلب ابتداءً تفكيك سياقات وبنى الفساد السياسي المستحكمة. وهذا يحتاج إلى الكثير من الشجاعة والإقدام السياسي والصلابة الأخلاقية والرسوخ في الأرض الوطنية، وهي خصائص تفتقر إليها حكومات المحاصصة الطائفية.
ولا يمكن القضاء على الفساد السياسي ومخرجاته من دون مشروع وطني إصلاحي متكامل، يعالج جوهر وبنية النظام السياسي نفسه والأصول التي قامت عليها العملية السياسية في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل