الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اَلْسُّوْدَاْنِيُّون وصِنَاعةُ الطُغاة ..!

فيصل عوض حسن

2020 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


يجب قولُ الحقيقةِ بِتَجَرُّدٍ وحِيَادِيَّة دون نِّفاقٍ أو تجميل، باعتبارها مسئوليَّة أخلاقيَّة وإنسانِيَّة، والدفاعُ الدَّائم و(المُغَالَى فيه) عن شخصٍ ما بِحُسْنِ نِيَّةٍ أو بدونها، يجعله صاحب سُلطة مُطلقة، وطَاغِية مُتَكَبِّر يظلم نفسه والآخرين. فالطُغيانُ ليس فطرياً/مُتأصلاً في النَّفْسِ البشريَّة، والإنسانُ لا يُولَدُ طاغياً، وإنَّما ينشأ (الطُغْيان) في دواخله وينمو، إذا كَثُرَ المَادِحون (المُطَبَّلاتِيَّة) حوله، وأيَّدوه وزَيَّنوا (سَقَطاته) وأهوائه، و(أجبروا) الرأي العام على قبولها دون مُتابعة أو تقييم و(تقويم).
المُتابع لما يُسمَّى حَمْلَة (القُوْمَة للسُّودان)، يجد أنَّ ردود الأفعال التي انقسمت لقسمين رئيسيين، البعض يرفضون الحَمْلَة استناداً لمُبرِّرات موضوعيَّة، وآخرون يُؤيِّدونها (كَيْتاً في الكيزان)، أي نِكَايَةً فيهم فقط دون تقييمٍ أو إعمالٍ للعقل، أو قراءة وتحليل عناصر البيئة المُحيطة (داخلياً وخارجياً)، مع (اختزال) الوطن في الدكتور حمدوك وجماعة قحت، ورَبْط (الوطنِيَّة) بتأييدهم وتخوين من ينتقدهم! وبعبارةٍ أُخرى، فإنَّ المُؤيِّدن حصروا الموضوع في حمدوك ونَزَّهُوه عن الأخطاء، رغم أدائه المهزوز وفشله المُتزايد، ويُخَوِّنون/يُشَيْطِنُون كل من ينتقده والشواهد عديدة. وعن نفسي، لا اعترض على التَبَرُّع المادِّي/العَيْنِي، لأنَّه قِيمَة إنسانِيَّة وأخلاقِيَّة عظيمة، ولا اعتقد أنَّ هناك سُّوداني أو أي إنسان (سَوِيْ) يرفضه، ولكن الأوطان لا تُبنى بالهِباتِ والتَبَرُّعات، وإنَّما باستراتيجيَّاتٍ وخِططٍ وبرامجٍ/سياساتٍ تنفيذيَّةٍ رصينة، وتهيئة الموارد البشريَّة (المُؤهَّلة/الكفوءة) لتنفيذ ذلك بالدِقَّة والسرَعة المطلوبتين، وهذه (ادِّعاءات) يتباهى بها مُؤيِّدوا الدكتور حمدوك، لكننا لم نَرها في تَوَجُّهاته/مُمارساته (عملياً)، وحتَّى لو تَطَلَّب الأمر مُساهمات/تَبَرُّعات، فتكون (مُسانِدَة) وعقب استنفاذ جميع الفُرَص/الخيارات المُتاحة، ضمن دراسة دقيقة مسنودة بمُؤشِّراتٍ رقمِيَّةٍ موثوقة، ويُعلَن عنها برفقة دعوة التَبرُّع!
أنسب الخيارات/الفُرَص المُتاحة، استرداد الأموال/الأملاك المنهوبة خاصَّةً دَّاخل السُّودان، لأنَّها الأسرع والأسهل حصراً واسترداداً، وستُساهم بنسبة مُقدَّرة في تخفيف الاختناق الماثل، وستُغني عن حَملات (التَسَوُّل) المُتلاحقة داخلياً وخارجياً، لكن الدكتور حمدوك (يتغافل) عن ذلك عمداً ودون مُبرِّراتٍ موضوعيَّة! كما لم يتَّخذ أي إجراءات (عمليَّة/جادَّة) لاسترداد الأموال المنهوبة (الخارجِيَّة) رغم ضخامتها، حيث أوردت جريدة "المدينة" السعوديَّة في 26 أبريل 2019، نقلاً عن ويكليكس، أنَّ عوض الجاز وحده يملك (64 مليار دولار)، وهذا مبلغٌ يُسدِّد جميع ديون السُّودان ويفيض بمليارات الدولارات! فلماذا لم يستخدم الدكتور حمدوك ووزير ماليته علاقاتهما الدولِيَّة/الإقليميَّة (المزعومة) لاسترداد أموالنا، بدل إغراقنا في المزيد من الديون و(استجداء) الدَّائنين لإعفائها؟ علماً بأنَّ الوقت/الجهد المُستَهْلَك لاسترداد الأموال المنهوبة (الداخليَّة/الخارجِيَّة)، أقلَّ من التفاوُض مع صندوق النقد وبقيَّة الدَّائنين، ودون تهديدٍ لسيادتنا الاقتصاديَّة والسياسيَّة!
ثُلُثَ قرنٍ من الزمان، والمُتأسلمون (يَتسَوَّلون) حتَّى أفقدونا كرامتنا، وهذا كان أحد الأسباب الرئيسيَّة لاقتلاعهم، فكيف ولماذا يُعيدنا الدكتور حمدوك لمُربَّع (التَسَوُّل) المُخزي؟ وأين قُدراته/مهاراته (الأُسطُورِيَّة) التي يتباهى بها أزلامه؟ لماذا لا يطَرْح سَنَدَات (تُبَاع) للشعب السُّوداني، يدعمون بها خزينة الدولة من جهة، ويحفظون أموالهم وكرامتهم من جهةٍ ثانية؟! علماً بأنَّهم فتحوا في مارس الماضي/2020، حسابين في البنك المركزي، باسم (دولار/جنيه حمدوك)، لتلقِّي التَبَرُّعات المحليَّة والخارجِيَّة، والآن (يتسَوَّلون) من الشعب مُجدَّداً، دون إعلامنا بنتيجة/تفاصيل التَسوُّل السابق! والمُصيبة الكُبرى، أنَّ الدكتور حمدوك (أقرَّ) صراحةً بأنَّه لا يملك سُلطة على البنك المركزي، فكيف يُخصِّص حسابات للتَبرُّعِ في أقلَّ من شهرين ببنكٍ خارج سيطرته؟! هذا بخلاف حديثه السابق، هو ووزير ماليته، عمَّا أسموه صندوق الوديعة الدولاريَّة وأكاذيبهم بهذا الخصوص، والمِنَحْ/الهِبَات التي تَلقَّوها من الاتحاد الأوروبي وألمانيا وبعض المُؤسَّسات العربيَّة والدولِيَّة، وهي مُعطياتٌ تُثبت (كَذِب/تَخَبُّط) حمدوك وجماعته!
مِنَ المَعِيبِ والمُرِيبِ (تَجَاهُل) الدكتور حمدوك لمطابع العملة، وتَرْكِها للكيزان رغم خطورة ذلك، ثُمَّ (التَباكِي) على ارتفاع التَضَخُّم وتَرَاجُع الجنيه، وتَآكُل رصيد الدولة من العملات الحُرَّة، التي يلتهمها المُتأسلمون وأزلامهم، بالأموال التي يتلقَّونها بلا حسابٍ/رقابة من مطابع العملة! وبدلاً عن انتقاله من فشلٍ/خزيٍ لآخر، وإنفاذاً لـ(أكذوبة) التفكيك المزعومة، لماذا لم (يُطَهِّر) مطابع العملة من المُتأسلمين؟ ولماذا يَتلكَّأ في خطوات تغيير الجنيه وتقنين تَدَاوُله المحلي (حجم الكُتلة المُتداولة)؟! ومتى سيُصدر قوانين رادعة وفوريَّة ضد المُضاربين في العملات، كالإعدام ومُصادرة الأملاك؟! ثُمَّ أليس من المَعِيبِ والمُريب، إقرار وزير ماليَّة حمدوك بضياع 250 كيلو ذهب يومياً، ثُمَّ يُشرف وبلا حياء على فضيحة شركة الفاخر؟! لماذا لا يُنشئون شركة (مُساهمة) عامَّة محصورة للشعب، تُشرف على جميع مواردنا المضمونة، كالذهب والثروة الحيوانِيَّة والسمسم وزهرة الشمس والفول والصمغ، وتعيين كفاءات (حقيقيَّة) مُسْتَقِلَّة لإدارتها؟!
قد يَتَحَجَّج (بعض) الغافلين و(آكلي الفِتَاتِ)، بالعَسْكَر والكيزان، أو الدولة العميقة كما يحلوا لبعضهم الوصف. وفي هذا أقول، بأنَّ الدكتور حمدوك ارتمى في أحضان العَسْكَرْ منذ البدايات، ويعمل على (شَرْعَنتهم) دولياً/إقليمياً، استكمالاً لخيانة القحتيين الذين (شَرعَنوا) العَسْكَر محلياً. والأهمَّ من ذلك، أنَّ الشعب سيحميه من العَسْكَر، المُرتعشين أساساً من الرَّقابة المحلِّيَّة والخارجِيَّة، لكن المُشكلة في حمدوك نفسه وعدم صَراحته وصدقه/أمانته. وأمَّا (فَزَاعة) الكيزان التي يُرهبون بها النَّاقدين، ويَتدثَّرون بها لتغطية (الانحطاط/الفشل) فهي مردودة، لأنَّ الكيزان هم الذين اكتشفوا حمدوك، وطرحوه للشعب السُّوداني و(زَيَّنوه/ضَخَّموه)، وهو أصلاً لم يُناهض الكيزان يوماً ولو بتصريح، وشَكَّل غياباً تامَّاً طيلة عهدهم الظلامي البالغ ثُلُث قرن. وامتد (تَراخِيه/انبطاحه) عقب إعلانه رئيساً للوُزراء، ولم يُصادر أملاكهم (الدَّاخِلِيَّة)، سواء رؤوس الفجور الكيزاني أو أزلامهم وآكلي فتاتهم وهُم كُثُر، وترك لهم (جميع) المُؤسَّسات الحَيَوِيَّة/المُؤثِّرة (الحقيقيَّة)! حتَّى التمثيليات (الهايفة) التي قام بها، ضمن ما يُسمَّى (التفكيك)، شَمَلت وظائف مُحدَّدة (غير مُؤثِّرة)، وتمَّ تسكين أصحابها في وظائف أكبر منها وبأسرع مما نتوقَّع، وهذا واقعٌ عشناه جميعاً وليس من عندي لأُبَرْهِن على وقوعه، وهي مُعطياتٌ تجعل حمدوك (حبيب) للكيزان وليس العكس، وبالتالي (تكذيب) الفَزَاعة المزعومة!
للأسف الشديد، فإنَّ الدكتور حمدوك (ليس أميناً/صادقاً) مع الشعب، ولم يَرْتَقِ لمُستوى اثقة والتضحيات، و(تَنَصَّلَ) عن جميع وعوده/التزاماته عقب إعلانه رئيساً للوزراء، حيث (ادَّعى) بأنَّ لديه برنامج اقتصادي مبني على الإنتاج وليس (القروض/الهِبَات)، وعدم تصدير المواد الخام إلا بعد تصنيعها، و(التزم) بمُعالجةِ التَرَهُّلِ الإداري، واعتماد (الكفاءة) معياراً للاسْتِوْزَار، وتحقيق التَوَازُن (الاسْتِوْزَاري) بين مناطق/أقاليم السُّودان، وتعزيز الشفافِيَّة ومُحاربة الفساد، وبناء دولة القانون والعدالة، وإصلاح/تحسين الخدمة المَدَنِيَّة. ثًمَّ أعلن فجأة في السعودِيَّة، بأنَّه ينتظر برنامج/خِطَّة الفترة الانتقالِيَّة، من جماعة (قحت) ليُنفِّذه! وسَايَرَه القحتيُّون في (التضليل)، وأعلنوا في 16 أكتوبر 2019 عن تسليمه، ما أسموه البرنامج الإسعافي والسياسات البديلة! بخلاف الغموض المُصاحب لـ(تضخيمه) الأُسطوري، و(تَباحُثاته) ووزير ماليته (السرِّيَّة) مع صندوق النقد، حسب زعمهما (المُوثَّق)، وعلاقاتهما المشبوهة مع بعض الجهات الخارجِيَّة، كالتي رَعَت مُؤتمر شاتام هاوس بالخرطوم شهر أكتوبر الماضي، بمُشاركة بعض رموز الفجور الإسْلَامَوي، وإحاطة المُؤتمر بـ(سِرِّيَّة) غير مُبَرَّرة، ومنع وسائل الإعلام من نقل فعالياته.
هذه بعض الأحداث/المُعطيات (المُوثَّقة)، تدفع كل ذي عقل للرِّيبةِ في حمدوك وتَوَجُّهاته، لكن الكثيرين (خائفون) من تخوين آكلي الفِتاتِ و(سَقَطِ) المَتَاع، وهذا أمرٌ يضرُّ بالسُّودان وأهله، ويُفضي لمآلاتٍ كارِثِيَّة باهظة التكاليف، ويتقاطع مع أهداف الثورة التي أتت لتغيير (المفاهيم)، وطُرُق وأساليب التفكير والمُمارسات. فالشعب حينما خرج إلى الشوارع بالآلاف، لم يكن هدفه استبدال طاغِية بآخر، والتصفيق لهذا بدلاً عن ذاك، وإنَّما سَعى لترسيخ ثقافة وقيم أصيلة نفتقدها، كالعدل والمُساواة والحُرِّيَّة والكرامة وعِزَّةِ النَّفس، واحترام الآخر في حالة الاتِّفاقِ والاختلاف، وعدم (تقديس/تنزيه) الأشخاص وتحصينهم بأي صيغةٍ أو مُبَرِّر. ومن المُحزِن، استمرار ثقافة (القطيع) والإنجرار والتَبَعِيَّة (العمياء) دون تَدَبُّر، وتكميم الأفواه وتخوين المُخالِفين وتهديدهم وإرهابهم بـ(الكَوْزَنة) وغيرها، لمُجرَّد رفضهم للوِصايةِ والانقياد والصمت على التجاوُز والانحطاط!
أمَّا وَصْمَ القَحتيين لمُخالِفيهم بـ(الكَوْزَنة) فهو مَردودٌ على جماعتهم الانتهازِيَّة، لأنَّهم سبقوا الجميع بـ(التآمُر) مع الكيزان، وهم الذين (رَوَّجوا) لما يُسمَّى 2020 والتمديد للبشير وعصابته، وكانوا ينتقدون الثورة والثُوَّار منذ البدايات، وجميع مَسَاخِر (رؤوس الفجور القحتي) مُوثَّقة صوت وصورة. والقحتيُّون لن يخدعونا بقفزهم (المُفاجئ) فوق الثورة، لأنَّ مَخازِيهم المُوثَّقة تُثبت أنَّهم (عَطَّلوا) وحَجَّموها (خِدمةً) للكيزان، الذين ارتعبوا وفقدوا تَوازُنهم عقب الانتشار الثوري السريع، وشُمُوله لجميع مُدُن السُّودان، وكان بالإمكان القضاء على الكيزان نهائياً، لولا (الغَدر) القَحتي المفضوح! لعلَّنا بحاجة للتذكير الدَّائم بـ(استهبال) فُجَّار قحت، وجلساتهم (السِرِّيَّة) مع العَسْكَر، وسفرياتهم (الخِفِيَّة) والمُخزِية للإمارات وغيرها، وتلميعهم (المُفاجئ) لحمدوك ثُمَّ غدرهم و(خيانتهم) المُركَّبة بمُقاسَمَة العَسْكَر رغم خروج الملايين في 30 يونيو غضباً لمجزرة القيادة، ثُمَّ إكمال الغدر بالوثيقة الدستوريَّة، وهي مُعطياتٌ تُحتِّم على (فُجَّارِ) قحت طأطأة رؤوسهم حياءً، لكنهم منزوعي الحياء والإحساس!
أبرز مفاهيم ومُتطلَّبات الحُرِيَّة والانعتاق، أنَّ الحكومة (خَادِمَة) للشعب وليس العكس، وأفرادها غير مُنَزَّهين أو معصومين من الخطأ، وأنَّ الشعب ليس قطيعاً من الأغنام يُسَيِّرونه كما يشاءون، فلنمنع صناعة الطُغاةِ والمُسْتَبِدِّين، ومن غير المعقول/المنطق إعادة (تفريخ) الطُغَاة والمُستبدِّين، عقب التضحيات العظيمة التي قَدَّمناها لاقتلاع وإزاحة جَبَابِرَة المُتأسلمين وفُجَّارِهِم.. وللحديث بَقِيَّة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا