الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورونا أعاد الإنسان إلى وضعهِ الطبيعي في هرم الحياة!

بكر محي طه
مدون حر

(Bakr Muhi Taha)

2020 / 4 / 6
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


منذ القِدم والانسان يسعى للتطور والابتكار من منطلق الحاجة للشيء، لغرض صناعة أدواتٍ أو منتجات تخدم المسيرة البشرية، وبمرور الوقت رافق الانسان وتطوراته الفكرية أبعادٍ جديدة أصبحت مُلحة بالنسبة اليه على صعيدٍ شخصي، فملاً إختراع الهاتف لـ"كراهام بيل"، يعتبر ثورة في عالم الاتصال، وذلك لأنه قرب الحوارات والاخبار والتي كانت مقتصرة على الرسائل أو البرقيات.
تضحيات كبيرة قدمها الانسان للوصول الى ماهو عليه اليوم من تطور وتكنلوجيا وابحاث وزراعة وصناعة وغيرها، ولكن رافق هذا التطور ومنذ البداية بعض الاخطاء والتي باتت تعرف فيما بعد بـ (الاضرار الجانبية) أو (side effects)، وإن هذه الاضرار أو الاخطاء يمكن أن يتم إحتوائها والسيطرة عليها للتخفيف من وطئ تأثيرها المباشر او غير المباشر على سائر الكائنات الحية أو حتى على البيئة نفسها، لكن في بعض الاحيان تكون الاضرار كبيرة تتسبب بكوارث وجوائح تأكل الاخضر واليابس، والسبب يعود في أغلب الامر الى ان الانسان يتمادى في التجارب والابحاث أو الانتاج الجائر الذي من شأنه ينعكس سلباًعلى الحياة والبيئة.
وخير مثالٍ على ذلك أزمة الصناعات البلاستيكية الجائرة والتي ألقت بضلالها على البحار والحيوانات البحرية والبرية على حدٍ سواء، إذ إن البلاستيك لايتحلل وان تم طمره تحت الارض أو حتى رميه في المياه، الامر الذي إنعكس سلباً على حياة البشر قبل الحيوات الاخرى التي باتت تعاني من الإهمال و التقصير المتعمد من قبل الانسان تجاهها الامر الذي جعل بعضها ينَفق وينقرض.
وأيضاً مخلفات المصانع والمخلفات الثقيلة الاخرى إذ أثرت على إمدادت المياه الصالحة للشرب، والإضرار بطبقة الاوزون وكذلك أدت الى نقصٍ حاد في نسبة الاوكسجين في الجو، كل هذا حدث بفضل تراكم الاضرار الجانبية المرتبطة بالتطور الجائر الغير مُبالي بمستقبل البشرية والحيوات الاخرى، والذي شجع على ذلك هو غياب القوانيين الرادعة أو حتى المقننة للأمر.
إن تراكم الاضرار الجانبية بدون معالجتها بالتأكيد سيؤدي الى كوارث حياتية مُنقطعة النظير، وآخرها "كورونا"، فايروس وبائي حصد حياة الالاف من البشر خلال أقل من ثلاثة أشهر، بغض النظر عن مصدر الفيروس سواء كان من صنع الانسان نفسه في المختبرات أو من صنع الطبيعة وتطور بفضل البيئة الملوثة التي صنعها الانسان من حوله، حيث برغم الاجراءات المشددة بحظر التجوال والتعقيم المستمر وكذلك إستنفار الجهود الطبية كافة، إلا ان ذلك لم يقف حائلاً لوقف الهجوم المميت للفايروس الذي لايفرق بين كبيرٍ وصغير، يحصد بالبشر كما يحصد الانسان الزرع وقت نضوجه.
يتألم البشر اليوم لما يحصل لهم من فقدان أعز الناس وأقربهم، والاكثر ألماً هو عدم قدرتهم على توديعهم أو حتى المشاركة في مراسيم دفنهم، إن العالم أجمع يعيش حالة حُزنٍ مشتركة ومشاعر فياضة إتجاه جائحة كورونا، حيث لم يفرقوا بين جنسهم وعرقهم وسلالتهم أو حتى دينهم، وهي المرة الاولى التي تتحد فيها آلام البشرية وأوجاعها، ولكنهم لم يتألموا عندما مرض كوكب الارض وإنقرضت سلالات من الحيوانات والنباتات وإرتفاع معدلات تلوث البيئة المتزايدة، بفضل التطور والحداثة التي صار الانسان يضحي بكل ما يحيطه لاجل ديموتها وكأن كل شيء سيصلح نفسه بنفسه، ربما فعل ذلك بقصدٍ بسبب فطرة الفضول المتأججة داخله لإكتشاف المجهول، لكن الامور أخذت تتسارع بوتيرة لم يستطع كبح جماحها، أو بدون قصد وهو أمر مشكوكٌ منهُ.
والجدير بالذكر فأن فايروس كورونا، قد أعاد بعض الامل لهذا الكوكب وحيواته، بأن حياتهم ستستمر، حيث إنخفضت معدلات التلوث في الهواء والماء بفضل تعطل الحياة البشرية (مؤقتاً)، والإنتعاش الملحوظ بحياة الحيوانات والنباتات على حدٍ سواء، حيث يبدو بأن الوقت قد حان لأن يعرف الانسان بأنه جزء من هذا الكوكب ولايملكه كونه لم يصنعهُ، فعليه أن يحترم وجودهُ ووجود الحيوات الاخرى وكذلك الموارد التي لايكف عن إستنزافها بشكلٍ جائر، حيث إن كونه جزءاً مهماً من الهرم الحياتي لانهُ يملك (العقل!) لايعني بأنه الأهم وعلى رأس الهرم!، بل هو جزء من باقي الاحجية العجيبة لهذا العالم، وهذا ما يحاول فايروس كورونا إيصالهُ بوضوحٍ تام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ